رأيسياسةصحفمحليات لبنانية

سوء إدارة الصراع و”آخ” حنّا غريب اليتيمة(أحمد عياش)

 

د. أحمد عياش – الحوارنيوز

قرأت مرّات عدة خطاب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في ذكرى استشهاد القائد ابن القائد مصطفى سعد، ولم أجد فيه افتراء ولا هجوما ،إنما توصيف واقعي لأحداث جرت ويعرفها القاصي والداني، فهل ممنوع حتى التعبير عن الآخ المؤلمة المعبرة عن سوء ادارة الصراع.

ربما المنسحبون من الذكرى احتجاجا على خطاب اليسار، اعتادوا تملّق الناس لهم ،واعتادوا تصفيق المستفيدين من خيراتهم ، وربما والله اعلم قد مسّهم الغرور الى حد انهم غدوا مقتنعين انهم مسددو الخطى الهياً ،لا يخطؤون ،وانهم فوق محاسبة الناس، وانه لا تجوز معهم الرقابة كما لا تجوز المحاسبة.

ممنوع حتى السؤال..

كأن المنسحبين من سماع قول الحق لا يعرفون انهم امسوا متّهمين بسوء ادارة الصراع الاقتصادي-السياسي-الاجتماعي ، الذي ادّى الى حالة البؤس العام الذي يعيشه عامة الناس. والكلام ليس موجها للمنسحبين فقط ،بل الى المنظومة الحاكمة الفاشلة التي سارت بالناس من هزيمة اقتصادية الى هزيمة اجتماعية باتجاه الانهيار العام.

انها نتيجة ال “صدّق…صدّق”.

انها نتيجة “الأمن لنا والاقتصاد لكم…”

انها نتيجة “تعال يا حقير و روح يا حيوان…”.

لم يفتر السيد حنا غريب بحادثة ولم يتوهم موقفا،ما قاله ليس غير توصيف متواضع، الا ان نرجسية المنسحبين المرضية تأبى عليهم مناقشة اعمالهم، لانّهم يظنّون انهم وحدهم من يعرف اسرار الالعاب السياسية ،وانهم فوق كل الشبهات، وكأنّ الناس لا ترى كيف اغتنى الكثيرون منهم في زمن ماساة الناس.

الاحراج انهم لا يستطيعون  اتهام ما يمثله السيد حنا غريب من تراث نضالي مقاوم بالعمالة وبالخيانة وبالخنوع لسفارات.

ازمة المنسحبين انهم لا يناقشون بل اعتادوا اصدار الاوامر حتى لو مضوا بقطيع البنورج الى الهلاك.

حتى الخطاب المتواضع والمهذب والموجه بنقد ايجابي لطيف لحلفاء مرفوض.

كأنهم يريدون من القادة الآخرين ان يكونوا مهرّجين امام جماهيرهم.

الآداب السياسية تحتم الاستماع ،والاخلاق الوطنية تفرض الرد بالحجج وبالبراهين، الا ان حججهم صارت غير منطقية فآثروا الانسحاب.

لم يقل السيد حنا غريب الا آخ وآه الناس المؤمنة بالله وبالوطن وبالمستقبل والذين اعيتهم سبل العيش.

هل كانوا ينتظرون ان يقول لهم:

“برافو…احسنتم…!”

طفح الكيل.. فبالامس القريب كان عدد نعوش المقاومين المحفوظة بالعلم الاحمر تفوق اعداد الوان النعوش الاخرى، ورغم ذلك منعوا بأمر من القيادة السورية آنذاك ان يدخل الشهيد جورج حاوي باحة المطار لاستقبال شهداء اليسار المقاومين.

طفح الكيل..

بالامس رفضوا وضع نصب بسيط عبارة عن صخرة عاملية متواضعة للشهيد اليساري الوحيد لانتفاضة عاشوراء  في النبطية سنة 1983.

طفح الكيل.. فإن كانت  الآه والآخ ليسار مقاوم مشرّف مرفوضتان فما المطلوب اكثر؟

طفح الكيل…

بدل ان ينسحب اليسار،انسحب الحاكمون.

ويقولون “حصار”.

هل الحصار مسؤول عن اشتباكات الشياح وعن القمامة بالشوارع وعن العتمة وعن جريمة مصارف نهبت الناس؟

على المنسحبين ان يسمعوا ما تحكيه الناس في سرّها لان صديقك من صدقك لا من قبض رشوة ومدحك .

كل عظمة وهيبة ورعب  المخابرات السورية التي كانت لها جدران تسمع في سوريا ، لم تنتبه لدخول الاف المسلحين الاسلاميين المتطرفين الى الشام ،لأنها ما كانت تسمع الا المتملقين . المنسحبون في ذكرى المقاوم مصطفى سعد يعيدون التجربة وكأنهم لم يستفيدوا من كل اخطاء الحركة الوطنية اللبنانية .

مستشارو قيادات المنسحبين فاشلون.

الآخ والآه صائبتان، وما على المنسحبين الا ان يتواضعوا قليلا بلا عنجهية قبل فوات الاوان ،لأنهم بسوء ادارتهم للصراع يزيدون الهزيمة انهزاما ،ولو عاشوا في وهم انتصارات غريبة غير مقنعة.

في البدء كانت جمول.

في البدء كان الراسمال الحرام.

لم يبق لليسار في زمن الكفر  الا الله ،والشرفاء يشكون همّهم لهم قبل اندثار ما تبقى من وهم وطن…

على امل ان يعي المنسحبون ان صديقك من صدقك نستودعكم الله.

في انتظار اطلاق النار واطلاق الدبابير الالكترونية، استغفر الله لي ولكم.

والله اعلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى