سلطة الطوائف تستهدف التعليم الوطني وهذه الدلائل!
التربية في لبنان تربيتان: واحدة خاصة وثانية رسمية.والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ان هاتين التربيتين جناحان متكاملان متضامنان ومتعاونان يحلّقان بالنشء اللبناني صعودا في معارج الرقي والتقدّم والوطنية؟ أم أن مساحة التقاطع بينهما ضيقة تقتصر على تعليم القراءة والكتابة فقط ومن ثم تفترقان في المناهج والثقافات وأحيانا في الاهداف؟
أما التعليم الرسمي فغالبا ما يكون مقتصرا على أبناء الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، يجتمع فيه الطالب المسلم والطالب المسيحي في فيئ منهاج واحد وثقافة واحدة وكتاب موحّد وتنشأ بينهما علاقة زمالة وصداقة وتبادل قبول قد تستمر إلى ما بعد مراحل التعليم بحيث يحمل الطالب المسلم في ثقافته وكيانه شيئا من المسيحية ويحمل الطالب المسيحي في ثقافته ووجدانه شيئا من الاسلام… فإن شئنا البناء في التربية فالتعليم الرسمي سبيلنا اليه. والتركيز على الجهاز التعليمي من حيث الكفاءة والتدريب على المناهج الحديثة واعتماد مبدأ الثواب والعقاب أمور اساسية ومطلوبة لانتاج جيل متماسك شديد الانتماء الى مجتمعه ووطنه أكثر منه الى طائفته ومشربه السياسي.
فالأمر الذي استفزّني وقادني الى الكتابة هو مشهد هؤلاء المعلمين الثانويين الذين خضعوا لامتحان رسمي في مجلس الخدمة المدنية – بناءً للطلب – ففاز منه من فاز بكفاءته. ثمّ خضعوا لدورة تأهيلية إلزامية تمهيدا لالتحاقهم بمراكز عملهم، فهؤلاء هم النخبة بين حملة الاجازات. والتحاقهم بالتعليم الرسمي يرفع من مستوى انتاجيته واقبال الطلاب عليه. وحقّهم فيما يطلبونه مشروع بإعتراف أكثرية المسؤولين؛ ودفعهم الى الاضراب والوقوف امام مؤسسات الدولة في الشوارع وامامهم قوى الامن بأسلحتهم وهراواتهم وخراطيم مياههم. ومعاملتهم كمشاغبين خارجي على القانون يقلل من احترامهم ومن حماسهم وانتاجيتهم وبالتالي من وطنيتهم.ويحوّلهم من بنائين في التربية الى ناقمين عليها. وهنا تكمن الخطورة. فإن اردتم اصلاحا اقتصاديا فطريقكم اليه في مكان اخر تعرفونه جيدا. والاصلاح المالي لا يمرّ في سلبهم حقوقهم المشروعة.بل بإعادة المال المنهوب وتنظيف الادارات من الازلام والمحاسيب …والدرجات الست التي يطالبون بها -إسوة بزملائهم -هي درجات السلم التربوي الذي يرتقيه الطالب في تحصيل العلم والمعرفة.فأعيدوا هؤلاء المعلمين بأقرب وقت الى ثانوياتهم معززين مكرمين ليستأنفوا دورهم التربوي إنصافا لهم وتعزيزا للتعليم الرسمي، ورحمة بطلاب لا ناقة لهم فيه ولا جمل.