سلامة يحمل الحكومات السابقة مسؤولية التدهور المالي ويعفي نفسه من أي مسؤولية!
حكمت عبيد
بكثير من المصطلحات التقنية، أحاط حاكم مصرف لبنان اللبنانيين وزاد في غرقهم وهم الباحثون عن مرساة تقيهم مخاطر الأنواء التي يتخبطون بها.
ألقى تبعات الأزمة على الحكومات السابقة، وأعفى نفسه من أي مسؤولية، رغم أن ما قدمه من تبريرات لا يقنع أحدا بأن وهب الدولة اللبنانية أموالا دون تقدير حقيقي للموقف وبحجة "ترحيل الأزمة" إفساحا بالمجال أمام الإصلاح، هو هروب من المسؤولية.
وبخلاصة سريعة يمكن تسجيل الملاحظات التالية على المؤتمر الصحافي للحاكم:
1- لم يطمئن الحاكم أصحاب الودائع بل ترك الأمر مفتوحا مع تأكيد بأن أموالهم محفوظة! لكن كيف ومتى، فالجواب مؤجل.
2- قدم ما يشبه المرافعة لرد التهم عنه، محملا مسؤولية السياسات التي اتبعها للحكومات المتعاقبة التي استدانت من المصرف المركزي ومؤسسات وصناديق أخرى لتأمين الرواتب والخدمات الضرورية للبنانيين. أراد الحاكم من وراء توسيع دائرة المؤسسات المانحة التأكيد على أن سياسته لم تكن خاطئة، وهو يعلم بأن المصارف اللبنانية وسائر المؤسسات المانحة الأخرى قدّمت قروضها على أساس داتا معلومات مطمئنة صادرة عنه.
3- حمّل الحاكم مسؤولية الإنهيار المالي للحكومات المتعاقبة، نتيجة تهربها وتخلفها عن موجبات الإصلاح، وهو بذلك أعفى الحكومة الحالية من أي مسؤولية.
4- طالب بأن تضع الحكومة الحالية خطة اقتصادية ورؤية إصلاحية متكاملة، وهو ما تقوم به الحكومة.
5- لم ينف التباين بينه وبين رئاسة الحكومة ،وإن أبدى حرصا على التعاون تحت سقف الصلاحيات الممنوحة له بموجب القانون.
6- رد بالإعلام على رئاسة الحكومة ما يمكن تفسيره ببلوغ الأزمة بين الطرفين حد التراشق الإعلامي.
7- ينطوي مثل هذا السلوك على تجاوز للأصول، وهو ما يسمح للمتابعين توقع المزيد من التباين.
كان يمكن للحاكم أن يكون أكثر دقة ويعترف بشيء من المسؤولية، دون مكابرة، ويطرح بوضوح رؤيته لحل الأزمة المصرفية وشروط تحققها، لكنه كما كان سابقا، رمى كلامه ورفع سقف مواجهته مع العهد ومضى!