سقطت سوريا ..وبدأت محنتها مع الجوار!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يظن حلفاء او أعداء سوريا ان المحنة السورية التي دامت 13 عاماً قد انتهت برحيل بشار الأسد وان الشعب السوري سينعم بالأمن و الإستقرار والرفاهية والوحدة وبدء عهد جديد آمن .
يظن البعض انهم وقعوا اتفاقات وأخذوا ضمانات من رعاة “هيئة تحرير الشام” اي “جبهة النصرة” التي غيّرت اسمها ، بناء لأوامر رعاتها ولم تغيّر عقيدتها. ويظن هؤلاء ان هذه الضمانات والتعهدات ستحمي الاقليات او ضباط النظام وعلماءه ومهندسيه ،دون التفات ان من تعهّد لهم يعاملهم بأنهم كفار وغير مسلمين، وبالتالي فإن واجبه الشرعي دعوتهم الى الاسلام او معاملتهم وفق القاعدة الفقهية “رد الصائل” ابتداء، ومن ثم وفق القاعدة “الفتح والتمكين”!
إن المعارضة السورية ليست معارضة موحّدة، فمنها المعارضة العلمانية غير المسلحة، وبالتالي ستكون مهمّشة، ومعارضة الجماعات التكفيرية من جبهة النصرة سابقاً الى “داعش” والتي تضم في صفوفها الألوية الأوزبكية والطاجيكية وكتائب متعددة يجمعها الفكر التكفيري وتفرقها الأسماء، بالإضافة الى تسلل “الموساد” والاستخبارات التركية والأميركية، وبالتالي فإن المعارضة التكفيرية المسلحة ليست معارضة واحدة، ولا زالت “داعش” في سوريا ،لكن احداً لم يهاجمها كما يهاجم القوات الكردية!
اضافة للمعارضات السورية يشترك في ادارة سوريا الآن ، ثلاثة أطراف يجمعهم حلف “الناتو”، اميركا وتركيا وإسرائيل التي بادرت بعد ساعات على رحيل الأسد ،لإلغاء اتفاقيه الفصل عام 1974 ،واحتلت جبل الشيخ بعدما حرّره الجيش السوري عام 73 ودمّرت الجيش السوري وتتقدم باتجاه دمشق في نزهة عسكرية لا يواجهها أحد، ويمكن ان تصل الى الحدود العراقية إن ارادت او الى الحدود اللبنانية في “المصنع” ان قرّرت ذلك، وبتنسيق مع المعارضة السورية التي استلمت السلطة والتي كانت اسرائيل تداوي جرحاها على جبهة الجولان!
سيكون لبنان الهدف الاول للتحالف الأميركي-الاسرائيلي لإضعاف المقاومة واجتثاثها بعد حرب الشهرين، بعدما اكتشفت إسرائيل وأميركا ان انهاء المقاومة في لبنان سيسهّل تفكيك محور المقاومة والوصول الى “طهران”. وقد صرّح “نتنياهو” يوم أمس قائلا: “تبين ان نصرالله هو المحور و”نصر الله لم يعد معنا والمحور لم يعد كما كان “، مضافاً الى ماقاله “هوكشتاين” ( حزب الله لم يعد كما كان لكنه لا يزال قويا وعلى الاطراف اللبنانية ان تعمل لإضعافه) . واذا قصّرت هذه الأطراف،فإن اسرائيل جاهزة لأن تضع لبنان بين فكي كماشة من الجولان حتى حمص ومن الجنوب، ثم يتم تكليف “جبهة تحرير الشام” بدعم التيار المتطرف في الطائفة السّنية في لبنان واستغلال غياب تيار المستقبل بعد اقصاء الرئيس سعد الحريري وتأمين العديد البشري اللازم من النازحين السوريين او من الحدود المفتوحة مع لبنان والتي يستطيع المسلحون الدخول منها بسهولة.
رحل الأسد وسقطت سوريا المقاومة وبدأت محنة المنطقة، إبتداءً من لبنان ثم العراق التي صارت اسرائيل على حدوده ، ويشعر حلفاء جبهة النصرة في العراق، سواء كانوا رسميين في البرلمان او من أنصار “داعش” والبعث الصدامي، وبرعاية أمريكية امكانية الانقلاب على النظام واسقاط العراق كما سقطت سوريا،لأنه سهل، فليس في العراق الا مناطق الشيعة(المنقسمون) التي يجب اسقاطها. فالأكراد لهم اقليمهم المتحالف مع أمريكا، والسنّة لهم مناطقهم التي تنتظر نسخة مجمّلة من “داعش”، والقوات الأميركية في قواعدها العراقية، وتركيا تحتل شريطا امنيا تستطيع توسيعه، ولا نستغرب اعلان “جبهة تحرير العراق” التوأم مع “جبهة تحرير الشام ” من رحم (أميركي_اسرائيلي_تركي).
وُلدت اسرائيل الكبرى ولم يبق لإعلانها الا بعض العراق، وستبدأ عملية تصفية المقاومة في لبنان والحشد الشعبي في العراق عبر تهديد المرجعية خيط المسبحة العراقية التي تجمع تناقضات العراق حتى الآن، وأي مساس بها سيجعل العراق أكثر سهوله للسقوط!
لم تنته محنة سوريا، بل بدأت ثانية وستتوسّع لدول الجوار واحدة تلو الاخرى، لتقسيم المنطقة بالدم، وتحت عنوان الخلافة يمكن توطين الفلسطينيين وشطب حق العودة ويمكن ان تكون حلاّ لنازحي غزة!
في السنة الاولى من “عشرية” تغيير معالم الشرق الاوسط سقطت غزة، وفي السنة الثانية سقطت سوريا…!
هل يحتاج تغيير معالم الشرق الاوسط الى عشر سنوات ام أقل!
انتهى العالم العربي وعسى الا تنتهي حركات المقاومة والفكر المقاوم .
لابد من بدء “حركة مقاومة وطنية سورية” لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي الذي صار على أبواب دمشق .