سعد الحريري في ساحة الشهداء: أنا زعيم السنّة في لبنان ..ولكن!
كتب واصف عواضة – الحوار نيوز
رسالة معبرة أطلقها سعد الحريري اليوم في ساحة الشهداء في ذكرى اغتيال والده رفيق الحريري وسط جموع مناصريه، ومن دون أن ينبث ببنت شفة، أو يوجه كما اعتقد البعض خطابا ناريا يعلن فيه البقاء في لبنان، أو يبرر سبب إضطراره للعودة إلى الخارج.
قال سعد الحريري وهو يتجول بين أنصاره تحت زخات المطر ،ومن دون ينطق بكلمة واحدة : “أنا زعيم السنّة في لبنان ..ومن دون منازع”.
لم يكن منطقيا ولا طبيعيا ألا يسمع الجمهور صوت الشيخ سعد الذي غيّر “اللوك”،فاغتنم فرصة التجمع أمام بيت الوسط ليلقي كلمة مقتضبة عبر فيها عن شكره لأنصاره ،وقال “أنا باق معكم وحدّكن أينما كنت”،لكنه لم يشف غليل الجمهور بأنه باق في لبنان.
بدا واضحا أن عودة الحريري لاستئناف نشاطه وسط جمهوره لم يحن أوانها بعد.الرجل لم يبرر الأسباب ،وهي في ذهن العامة معروفة،لكن بعض “حوارييه” عبر الشاشات قدموا تبريرات تجافي ما هو راسخ في الأذهان بأن القرار الخارجي بعودته لم يُتخذ بعد.
قدّم هؤلاء تبريرات تتصل بالوضع الداخلي القائم في لبنان،وبأن الشيخ سعد لن يعود في ظل هذه الأوضاع التي لن تسمح له بتقديم شيء للوطن.بمعنى “أصلحوا الأمور فنعود”.يُذكّرنا هذا الشعار بموقف العميد الراحل ريمون إدة الذي هجر لبنان وعاش بقية حياته في باريس مشترطا للعودة وممارسة نشاطه السياسي، عودة البلد إلى ظروفه الطبيعية.وكان بعض الظرفاء يردون عليه بالقول: “لن يكون البلد بحاجة إليك إذا عاد إلى ظروفه الطبيعية”!
نخشى إذا اصطلحت أمور البلد ألا يعود بحاجة لسعد الحريري الذي قد يتجاوزه الزمن.أهمية وجود سعد الحريري في لبنان أن يسهم بقيامة البلد فيستحق الزعامة الوطنية.
ربما يكون الشيخ سعد معذورا لعدم العودة من دون البركة المعهودة ، لكنه ليس معذورا إذا كان مقتنعا فعلا في داخله بتبريرات “الحواريين”. ففي مثل هذه الحال يصبح غيابه عن البلد هروبا وتهربا من المسؤولية، وإلقاءً للطائفة السنية في غياهب الإرتباك والتشرذم ،خاصة وقد ثبت بالوجه الشرعي أن أحدا من فعاليات الطائفة لم يستطع أن يرث “الحريرية السياسية”.
إن الطائفة السنية الكريمة بحاجة إلى زعامة مرجعية تجمع شتاتها ،كما هو حاصل لدى الطوائف الأخرى ،في نظام ما تزال الطائفية السياسية للأسف تنخر عظامه.فمنذ الانتخابات النيابية الأخيرة لم تبرز شخصية سنيّة وازنة تتولى زعامة الطائفة ،حتى أن الرئيس نجيب ميقاتي الذي يتولى بالشكل هذه المهمة لا يبدو متحمسا لهذه الزعامة، ولا غيره أثبت أنه أهل لهذا الأمر.
هل تكون وقائع زيارة سعد الحريري للبنان في ذكرى رحيل والده رسالة إلى من “يعنيهم الأمر” لتبديل موقفهم؟
بانتظار ذلك سيعود سعد الحريري إلى مقر إقامته في أبو ظبي،و”كل شي بوقتو حلو” على حد قوله!!