سجال عنيف بين رئاسة الجمهورية وتياري المستقبل والحر..وحزب الله يواصل مساعي “المهمة المستحيلة”
الحوار نيوز – خاص
استمر السجال عنيفا اليوم بين تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر” ،ودخلت رئاسة الجمهورية على خط السجال ،في وقت تتواصل الاتصالات من قبل الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله ) لتهدئة الأجواء ومحاولة تقريب وجهات النظر لتشكيل الحكومة الجديدة.
وفي هذا الإطار يعاود حزب الله تحركه باتجاه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يجتمع اليوم بالمعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين الخليل والحاج وفيق صفا ،في غياب المعاون السياسي للرئيس نبيه بري علي حسن خليل،وذلك بسبب التشنج الذي ساد جلسة الأمس بين باسيل وخليل.
إلا أن الأوساط المراقبة ترى أن إمكانات التفاهم على تشكيل الحكومة تضاءلت أو كادت تنعدم ،تبعا للسجال العنيف الذي يدور منذ الأمس بين الطرفين المعنيين مباشرة بالتأليف،ما يجعل تحرك حزب الله وكأنه “مهمة مستحيلة”.
بيان الرئاسة
وكان قد صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الاتي: “يواصل تيار “المستقبل”، بالتزامن مع الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، حملاته على رئاسة الجمهورية حينا وشخص الرئيس العماد ميشال عون احيانا، مستعملا عبارات وتوصيفات تدل على المستوى المتدني الذي وصلت اليه ادبيات القيمين على هذا التيار. ولعل البيان الذي صدر امس خير دليل على الدرك غير المسبوق في الحياة السياسية الذي انحدر اليه هؤلاء.
لقد آثرت رئاسة الجمهورية طوال الاسابيع الماضية عدم الدخول في اي سجال مع التيار المذكور على رغم الاضاليل التي كان يسوقها والتعابير الوقحة التي كان يستعملها، وذلك افساحا في المجال امام المبادرات القائمة لمعالجة الوضع الحكومي، خصوصا بعد الموقف الذي اتخذه مجلس النواب مؤخرا تجاوبا مع رسالة رئيس الجمهورية، وما تلاه من تحرك قام به رئيس المجلس الاستاذ نبيه بري بالتعاون مع حزب الله. الا ان ما تضمنه بيان الامس، يستوجب التوقف عند النقاط الاتية:
– اولا: ان استمرار هروب الرئيس المكلف سعد الحريري من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، يشكل امعانا في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وينم عن رغبة واضحة ومتعمدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة وفقا الى ما اشارت اليه رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب.
– ثانيا: ان الادعاء دائما بان رئيس الجمهورية يحاول من خلال مواقفه الانقضاض على اتفاق الطائف ومفاعيله الدستورية هو قمة الكذب والافتراء وخداع الرأي العام، لان رئيس الجمهورية استند في كل مواقفه وخياراته الى الدستور وطبقه نصا وروحا، والى وثيقة الوفاق الوطني بكل مندرجاتها. وان من يضرب اتفاق الطائف هو من يعمل على ضرب الدستور والتلاعب على نصوص واضحة فيه.
– ثالثا: يصر الرئيس المكلف على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الطبيعي في احترام الدستور من خلال اللجوء الى ممارسات تضرب الاعراف والأصول، وابتداع قواعد جديدة في تشكيل الحكومة منتهكا صراحة التوازن الوطني الذي قام عليه لبنان. والانكى من كل ذلك انه يلقي على رئيس الجمهورية تبعات ما يقوم به هو من مخالفات وتجاوزات تتنافى والحرص الواجب توافره في اطار التعاون بين اركان الدولة لما فيه مصلحة لبنان العليا، والثقة النيابية والشعبية الواجب توفيرها لاي حكومة في اطار التشكيل.
– رابعا: يتعمد الرئيس المكلف وتياره تحميل عهد الرئيس ميشال عون مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني ان ما ورثه العهد من اوضاع مالية صعبة وديون هو “ثمرة” ممارسات فريق الرئيس المكلف وسوء ادارته لشؤون الدولة منذ مرحلة ما بعد الطائف حتى اليوم، وبالتالي فان “المستنقع” الذي يدعي بيان تيار المستقبل ان البلاد غارقة فيه، هو من انتاج منظومة ترأسها تيار “المستقيل” وتسلطت على مقدرات البلاد.
– خامسا: ان تيار “المستقبل” من خلال اطلاق النار مسبقا على الاقتراح المطروح بالدعوة الى عقد مؤتمر حوار وطني في قصر بعبدا لمعالجة الاوضاع في البلاد ومحاولة ايجاد حل للازمة الحكومية الراهنة، انما يريد قطع الطريق على اي محاولة انقاذية لتأليف الحكومة واجراء الإصلاحات اللازمة التي تؤمن للبلاد استقرارها وازدهارها.
– سادسا: ان رئاسة الجمهورية التي لن تنحدر الى المستوى المتدني في اللغة السوقية المتبعة او في الأكاذيب والاضاليل والوقاحة المعتمدة، تكتفي بهذا القدر من التوضيح، ولن تقول اكثر كي تفسح في المجال، مرة اخرى، امام المساعي الجارية لايجاد معالجات ايجابية للازمة الحكومية التي افتعلها الرئيس المكلف ولا يزال، على امل ان تصل هذه المساعي الى خواتيم سعيدة بتأليف حكومة في اسرع وقت ممكن للانكباب على الإصلاحات المطلوبة اذ يكفي ما تحمله اللبنانيون من عذاب نتيجة ممارسة منظومتهم.
وختاما، لا بد من التأكيد على ان رئاسة الجمهورية هي اليوم على مفترق طرق مع من يخرج عن الدستور او يبقى صامتا حيال كل ما يجري، علما ان مصلحة لبنان العليا تسمو فوق كل اعتبار، ومعها مصلحة الشعب الذي هو مصدر السلطات”.
بيان “المستقبل”
ورد “تيار المستقبل” على رئاسة الجمهورية بالبيان الآتي :
“لقد ثبت بالوجه الشرعي والسياسي والدستوري أن رئاسة الجمهورية تقع أسيرة الطموحات الشخصية لجبران باسيل، وان فخامة الرئيس العماد ميشال عون مجرد واجهة لمشروع يرمي الى اعادة انتاج باسيل في المعادلات الداخلية وانقاذه من حال التخبط الذي يعانيه.
ويأتي بيان القصر الجمهوري ردا على بيان “تيار المستقبل”، ليؤكد هذا الانطباع ويكشف حقيقة الدور الذي يتولاه جبران وفريق عمله، بإهانة موقع الرئاسة الاولى وما يمثله في الحياة الوطنية، واستخدامه في أجندات حزبية ضيقة أشعلت النزاعات السياسية في كل الاتجاهات، من النزاع داخل العائلة الى النزاعات المتدحرجة في “التيار الوطني الحر” وكتلة “لبنان القوي”، وصولا الى مروحة النزاعات التي نشبت في مختلف الساحات، وجعلت من عهد العماد عون هدفا ترمى عليه السهام من كل حدب وصوب.
من المؤسف، أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكا من قبل حفنة مستشارين، يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها.
ومن المؤسف ان تسمح الرئاسة لرئيس تيار سياسي وحزبي، مصادرة جناح خاص في القصر الجمهوري يخصص للاجتماعات الحزبية وادارة شؤون الرئاسة.
والأشد أسفا، ان يقبل رئيس البلاد التوقيع على بيان، أعده جبران باسيل شخصيا في حضور نادي مستشاري السوء الذي يقيم ايضا في الجناح المذكور.
كل الحملات على رئاسة الجمهورية بطلها جبران باسيل ومن زرعهم في القصر، تارة من خلال تعميم الخطاب الطائفي والمذهبي وطورا باللجوء إلى ممارسات غريبة الأطوار وبعيدة كل البعد عن الدستور ووثيقة الوفاق الوطني في التعاطي مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، والتي أتى على ذكرها في رده على رسالة رئيس الجمهورية في مجلس النواب، من تسريب شريط فيديو يتهم فيه رئيس الجمهورية، الرئيس المكلف، بالكذب، بخلاف الواقع، إلى سابقة مخاطبته عبر الشاشات، وصولا إلى رسالة الدراج وورقة ملء الفراغ بالوزير المناسب، وما بينهما من مواقف مسيئة ترفع عنها الرئيس المكلف والتزم بأصول الدستور وواصل التشاور مع رئيس الجمهورية، لتشكيل حكومة تلبي تطلعات اللبنانيين، وليس حكومة تلبي تطلعات جبران باسيل، والجميع شهود على ذلك، وشهود على إحباط باسيل لكل المبادرات.
أما من يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية يا فخامة الرئيس، فهو من يتاجر بها ويضعها في البازار السياسي للبيع والشراء بها، ويستدرج العروض بشأنها، كما هو حاصل من خلال احتجاز التوقيع على تشكيل الحكومة كرمى لعيون الصهر.
أوقف استيلاء من حولك على صلاحياتك ، وأوقف محاولاتهم للاستيلاء على صلاحيات الآخرين، وعد إلى الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وجنب اللبنانيين كأس جهنم الذي بشرتهم به”
التيار الحر
وكان التيار الوطني الحر رد صباحا على تيار المستقبل وأصدر بيانا
أسف فيه لأن “يواصل تيار المستقبل الرد بسلبية على كل طرح ايجابي نتقدم به، لكن استخدامه لغة الشتائم المستفزة لن ينحدر بنا الى هذا المستوى، بل سنكرر الدعوة إلى تعاون الجميع من أجل كل اللبنانيين الذين تشد الأزمة خناقها على أعناقهم”.
أضاف: “إننا من موقع الشعور بالمسؤولية، نحض تيار المستقبل على العودة الى لغة العقل والمنطق والكف عن العراضات الكلامية لمواجهة التحديات الضاغطة على اللبنانيين”.
وختم: “سيبقى التيار الوطني الحر إيجابيا ومتجاوبا مع مسعى دولة الرئيس نبيه بري، وسيصبر حتى يعلم الصبر أنه صبر على شيء أمر من الصبر”.