إقتصاد
زراعة التبغ في لبنان بين الاحتكار وظلامة المزارعين بالنصوص والأرقام(أمين صالح)
أمين صالح* – الحوارنيوز- خاص
تولت احتكار واستثمار التبغ والتنباك في لبنان شركة مغفلة تسمى “إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية” (regie) منذ العام 1935 ولغاية 31/12/1960 ،حيث انتهت مدة الامتياز وآلت الى الدولة اللبنانية جميع ممتلكات الشركة، إلا ان الشركة استمرت في ممارسة اعمالها في إدارة الاحتكار سنداً لمبدأ استمرار المرفق العام حتى تاريخ 28/11/1991 حيث اصدر مجلس الوزراء القرار رقم 8 الذي انهى بموجبه خدمات الشركة التي كانت قائمة بشؤون الريجي، وعمد منذ ذلك الحين الى تأليف لجان “لادارة الحصر” وفق القوانين المرعية الاجراء ووفقاُ لنظام داخلي صدر بموجب قرار وزير المالية رقم 1943/1 تاريخ 20/3/1992 والذي نص في مادته الثانية على ان: ” تتولى اللجنة إدارة وإستثمار الاحتكار التبغي وفقاً للاحكام القانونية والتنظيمية النافذة وتحل محل الشركة التي كانت تتولى إدارة واستثمار الحصر وتعتبر السلطة العليا لادارة الاحتكار” .
إن النشاط التجاري الذي تقوم به إدارة الحصر” وفقاً للنصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها” والتي نظمت زراعة التبغ والتنباك ، صناعتهما ، نقلهما، اصدارهما، توريدهما ، وبيعهما لأجل الاستهلاك المحلي ومعاقبة تهريبهما، وأناطت بوزير المالية صلاحية الأمور التالية:
– تعرفات بيع المنتجات التي يصنعها او يستوردها المحتكر (إدارة الحصر) لأجل الاستهلاك المحلي.
– معدلات الرسوم التي تستوفى عن إجازات البيع, وتصنيف الحوانيت , وجعالة الباعة.
– الرسم الخاص على استيراد الافراد لمنتجات يشملها الاحتكار.
– كميات التبغ والتنباك الممكن استيرادها خلال السنة.
– أسعار بيع التبغ المعد للتصدير وكذلك جعالات الوسطاء .
– وفي نطاق القوانين والأنظمة المعمول بها يشتمل النشاط التجاري “لإدارة الحصر والتنباك” ( الريجي REGIE) على الأمور التالية:
أ- التصدير
تصدر إدارة الحصر التبغ الخام ( أوراق التبغ والتنباك ) لا سيما الصنفين الممتاز والجيد منه، ويستعمل الباقي في التصنيع المحلي، كما يتم تصدير المصنوعات التبغية.
ب- الاستيراد
وضع القرار رقم 10412 تاريخ 27/9/1994 الصادر عن وزير المالية نظام الترخيص باستيراد المنتجات التبغية وبيعها في لبنان وحدد شروط إدخالها الى لبنان حيث يخضع إدخال أصناف المنتجات التبغية ومشتقاتها في حال توفر شروط الترخيص، لرسم يستوفى بصورة نهائية ولرسم سنوي مقطوع.
إن استثمار التبغ والتنباك هو عمل احتكاري تتولاه لجنة “إدارة حصر التبغ والتنباك ” التي تعين من قبل الحكومة وتعتبر السلطة العليا لادارة الإحتكار ومن اشخاص الحق العام .
وبناء على ما تقدم، فإن زراعة التبغ في لبنان ليست مباحة بل هي محتكرة من إدارة الريجي، التي لها حق الترخيص للأفراد بالزراعة. وقد كانت الرخصة لزراعة الف متر مربع (دونم) يتجاوز ثمنها ثمن دونم الأرض، وعندما انهارت زراعة التبغ خلال الحرب اللبنانية الاهلية انهارت أسعار الرخص مما أوقع المزارعين مالكي الرخص في خسارة كبيرة هذا من ناحية . اما من ناحية أخرى فإن ادراة الحصر وهي المحتكر الوحيد الذي يشتري محصول التبغ من المزارعين , والتبغ هو الزراعة الوحيدة التي ليس لها سوق تنافسي مما يجعل المزارع رهينة إدارة حصر التبغ لبيع محصوله ورهينة وزارة المال في تحديد أسعار الشراء والتي كانت تعمد الى الشراء بأسعار بخسه وزهيدة ما ابقى المزارع في حال بؤس وعوز وفقر، والجميع يتذكر مظاهرات مزارعي التبغ عام 1973 والشهداء الثلاثة الذين سقطوا برصاص السلطة آنذاك , وعشرات الجرحى.
إن ثمن كلغ التبغ في السنوات السابقة يتراوح بين 9و10 دولارات، اما الآن فإن الثمن المعروض لا يتجاوز الدولارين فقط ، الامر الذي حمل المزارعين على رفض تسليم محصولهم للعام 2020, فلماذا تمتنع السلطة عن شراء المحصول بالثمن السابق وقدره الآن 200 الف ليرة ل.ل فقط لا غيروتقتطع الفرق من الرسوم التي تستوفيها على التبغ والتنباك والتي بلغت منذ العام 2012 حتى العام 2020 ما مجموعه 2363 مليار ل.ل ومن أرباح إدارة حصر التبغ والتنباك 1306 مليار ل.ل ، وبذلك تكون الخزينة قد حصلت من التبغ والتنباك ما مجموعه 3669 مليار ل.ل أي ما يعادل مليارين ونصف مليار دولار أميركي.
وكل هذه المبالغ دفعتها السلطة السياسية الى أصحاب الدين العام كفوائد …..
فما يضير هذه السلطة بان تقتطع جزءاً من أرباحها من هذا القطاع وتوزعه على المزارعين؟
اليس في ذلك تشجيعاً للزراعة التي يتشدقون ليلاً نهاراً بضرورة دعم الاقتصاد المنتج الزراعي والصناعي والتحول من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج…
كلام المسؤولين للاستهلاك فقط… وايرادات خزينتهم للربا
اما المزارعون فلهم الحرمان المؤبد.