منوعات
رسالة مفتوحة إلى دولة الرّئيس الدكتور سليم الحص في ذكرى يوم مولده(د.وجيه فانوس)
د. وجيه فانوس – الحوارنيوز- خاص
عزيزي دولة الرّئيس،
أتقدّم منك، في ذكرى يوم مولدك الثّالث والتّسعين المبارك، وكما تعوّدت معك في كلّ عام، ومنذ أكثر من خمس وأربعين سنة، وأقول لك “كلّ سنة وأنت بخير”؛ ولكن، يا دولة الرّئيس، إنّ لبنان لم يعد، أبدًا، بأيّ خير.
أيّها العصاميّ الفذّ، يا من صارعت، منتصرًا، قهر اليتم منذ طفولتك؛ ويا من تفوّقت على قصور ذات اليد، بكدّك ودرسك وإخلاصك لعملك. يا من آمنت بوحدة لبنان، في أجواء اقتتال أهليّ عصف بأرجائه وناسه جميعًا، ولم يرحم أحدًا منهم من أذاه؛ فكان إصرارك الفذّ على ضرورة بقاء وطننا الغالي، رائدًا في عطاءاته، بين أشقائه العرب، قويًّا في وجوده بين دول العالم، حصيفًا في إدارة نجاح وجوده وسط معامع صراعاتهم وتضارب مصالحهم.
لطالما تكوكبنا حولك، يا دولة الرّئيس، في مثل هذه العشية، نحتفل بذكرى يوم ولادتك. ولطالما أشرقت بيننا، بمحبّتك الغامرة وعطفك الجم وابتسامتك الصّادقة وتواضعك الغامر بمودّته.
يتعذّر اللّقاء اليوم، يا دولة الرّئيس، على جلال مناسبته وعمق محبّتك؛ فثمّة وجع يشرئبّ من أعماق ذات كلّ واحد منّا، ليصل إلى حلقوم الآه المدمّاة أسفًا على لبنان وناسه، ولما نذرنا العمر معك في سبيله من وجود لبنان.
أعلمُ، يا دولة الرّئيس، أنّك ما برحت، رغم تعليمات الأطبّاء ونصائح الأهل وتمنيّات الأحبّة، مثابر على متابعة أخبار البلد بتفاصيلها؛ وأعلم يقينًا أنّ هذه المتابعة الحثيثة ما انفكّت تسبّب لك خيبات شديدة الإيلام، تُلهب ضميرك الوطنيّ بألف سؤال.
دولة الرّئيس، وقد كنت قيّمًا، بدقّتك ونزاهتك، على هيئة الرّقابة على المصارف، في المصرف المركزيّ، “مصرف لبنان”، قبل توليك مهام رئاسة الحكومة؛ غير أنّ أحدًا لا يقدر، ومنذ أكثر من سنتين، أن يحدّد رسميًّا وضع الخسائر النّقديّة، لا للمصرف المركزيّ ولا لسائر المصارف العاملة. لقد كنتَ، يا دولة الرّئيس، على مقاعد ممثّلي الشّعب في المجلس النّيابيّ، يوم أعلنتها مدويّة، مع ثلّة من رفاقكَ النّواب، أن لا خير يرتجى من الاستدانة بالدّولار، ولا بأيّ عملة أجنبيّة أخرى؛ فكل استدانة من هذا القبيل، لا تسويغ وطنيّ فعليّ لها، سوى جرّ البلد وناسه إلى خراب مستطير. واليوم، لبنان بأسره، يغرق في مديونيّة عظمى، لا قِبَلَ له بِعدّ أرقامها ولا قدرة له على الإيفاء بذممها؛ وكل ما نتج عنها يكاد ينحصر في هدر ماليّ، يعجز العقل عن استيعابه.
دولة الرّئيس، لقد ملأتَ الدّنيا حكمةً وفخرًا وشرفًا وكرامةً، وأنت تبشّر وتفعل، أنّ المسؤول يبقى قويًّا مالم يطلب شيئًا لنفسه؛ ولقد بقيتَ قويًّا صادق القول والفعل. اليوم، لا أدري إن كان قد بقي ولو مسؤول قويّ، بين ظهرانيّ من يتولون أمور الحُكم في لبنان.
دولة الرّئيس، باسمي، واسم جميع أحبّتك، من أخوات وأخوان وأبناء، في “ندوة العمل الوطنيّ”، التي أرتأيتَ معهم أن أتولّى مهام رئاستها؛ أقول لكَ “كلّ سنة وأنت بخير”؛ وعسى أن يتعافى لبنان من جميع مآسيه؛ وأن يتذكّر ناس السّلطة الحاكمة فيه اليوم، أنّك قلتَ وفعلتَ وصدقتَ ونجحتَ، إذ آمنتَ أنّ المسؤول يبقى قويّا ما لم يطلب شيئًا لنفسه؛ ولعلّهم، يتركون هوى النّفس الأمّارة بالسّوء جانبًا، ويطلبون للبنان وللبنان فقط.
-
رئيس ندوة العمل الوطني- لبنان