رسالة ثانية مفتوحة الى سماحة السيد(علي يوسف)
كتب علي يوسف – الحوار نيوز
اكتب اليكم يا سيد من منطلق الثقة بكم وبرؤيتكم الثاقبة وحكمتكم …..
اكتب اليكم لأن المقاومة التي وصلت واوصلتموها الى هذه القوة ،مظللة بفكرها وارادتها وبيئتها الثنائية الحاضنة وبداعميها من محور المقاومة ، باتت هي الوحيدة القادرة على قيادة صناعة المستقبل بعد ان اثبتت انها قادرة على قيادة صناعة تاريخ جديد في المنطقة ….
ان هذه القوة يا سماحة السيد ان لم تكن حاضرة على القيام بمهمتها التاريخية في اللحظة التاريخية ، او اذا وقعت في الوهن او في المراعاة لما يُسمى التوازنات والتقديرات الخاطئة الناتجة عن هذه المراعاة، فستتحول هذه القوة الى عبء ويتهددها ضعف الثقة بها فتقع لاسمح الله في التراخي والانقسام ثم الى الانهيار وبما يقضي على الآمال، والأخطر على الطموحات والارادة …….
آمل ان تكون قد وصلتك رسالتي الاولى وآمل ان تصلك رسالتي هذه وان تصلك رسائلي التي ستأتي لاحقا وفق الضرورة، وان يتسع صدرك لعدد من الملاحظات في ملفات اساسية :
اولا: سأبدأها في ملف الغاز والنفط ….
١- لقد كان اهم ما جاء في كلمتك ياسيد في حزيران الماضي، فصل موضوع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وتحديد الخطوط عن الموضوع الأساسي، وهو استخراج الغاز، بحيث يتم الاستفادة من اللحظة السياسية الناتجةعن حاجة اوروبا لغاز البحر المتوسط، في فرض واقع جديد يمنع كيان العدو من الاستفادة من هذه اللحظة اذا لم يتمكن لبنان من الاستفادة على خطين : خط رفع الحصار عن لبنان ،وبالتالي خط استخراج الغاز والنفط لوضع حد للأزمة الاقتصادية للبنان ولمؤامرة افقار وإذلال الشعب اللبناني ومحاولة تحميل المقاومة المسؤولية لفك تلاحمها مع بيئتها ……..
الا ان المفاجأة كانت عدم استيعاب اعلام المقاومة ونوابها ووزرائها وبعض قياداتها لهذه الرؤية العظيمة والرائدة والتاريخية فاستمروا في كل تصريحاتهم وخطبهم على المنابر في التشديد على الجزء المتعلق بترسيم الحدود و”تسريع” هذا الترسيم ، عبر دعم الموقف اللبناني الرسمي “الموحد”، مع اضافة فقرة “وفرض الاستخراج ” ك “انسجام “مع موقف الامين العام الذي ركزعلى الاستخراج … واكبر دليل على ما نقول هو بيان كتلة الوفاء للمقاومة الاسبوع الماضي الذي يركز على الإسراع في الترسيم ورفض المهل المفتوحة …..
وكل ذلك كان يمكن تجاوزه لو لم تعلن ياسيد في كلمتك في اليوم العاشر انك تنتظر الجواب من الكيان،والذي يمكن فهمه ضمنا انه جواب حول الترسيم ……..
اسمح هنا لي يا سيد ببعض الملاحظات :
– ان القرار التاريخي بفصل الاستخراج عن الاتفاق على الترسيم ،كان لكي يكون فعالا ،يفترض البدء بإجراءات لفرض بدء التنقيب في البلوكات اللبنانية غير “المتنازع عليها” تحت التهديد باستعمال القوة ضد اي محاولة منع …
-ان اتخاذ اجراءات التنقيب تفترض وضع شركة “توتال” على القائمة السوداء والمباشرة بمقاضاتها لعدم تنفيذ عقدها مع لبنان بناء لرغبة العدو ……
-ان التنقيب عن النفط لا يتم باستدراج عروض عادي كما فعلت وزارة الطاقة والحكومة اللبنانية غباء .. لأن النفط والغاز سلعة استراتيجية وليست “أوتوستراد” يتم اجراء مناقصات لتلزيمه واختيارالسعرالافضل … ولعلني لا افشي سرا انني قلت ذلك سابقا للوزير جبران باسيل حين كان وزيرا للطاقة، وكان مسرورا ومبتهجا برغبة مشاركة ٤٣ شركة باستدراج عقود التنقيب .وقلت له حينها “عليك ان تقرر في اي محور انت وتلزم شركات هذا المحور” . واكثر ما اكد ان ما قلته صحيح هو انسحاب “توتال” من تنفيذ عقدها عندما طُلب منها ذلك واو سُمّي هذاالطلب تهديدا!!!!!!
-ان الحكومة اللبنانية بتركيبتها الراهنة وبتراكيبهاالسابقة القائمة على القواعد المتعارف عليها، هي حكومة خاضعة للرغبات الغربية ولو على حساب السيادة اللبنانية ومصلحة الشعب اللبناني…
– حتى “الحلفاء “في التيار الوطني الحر هم في غالبيتهم ليسوا خارج الرغبات الغربية ،حتى ان العديد منهم على صلة مباشرة بالاميركيين مثل الياس بوصعب الذي وقف بكل وقاحة في القصر الجمهوري يبرر تأخر الجواب الاسرائيلي ب “الانشغال الاسرائيلي بالحرب على غزة ” !!!!!وعلى كل حال استذكر هنا ما قالته مستشارة الرئيس الاسد للزميل جان عزيز حين كان مستشارا للرئيس عون، وكان يزور دمشق،فسألته “هل اخبركم ابو صعب عن محادثاته مع تسيفي ليفني في اميركا”؟.. وكانت مفاجأة للزميل عزيز ….اضافة الى مشاركة سيمون ابو رميا زوجته في حملات دعم ساركوزي المدعوم صهيونيا وبالمشاركة مع هؤلاء ..الخ.
-لم يحصل اي جهد ما من الثنائي ولا من حزب الله للضغط من اجل البدء بأي اجراء يُظهرجدية لبنان بالاصرارعلى سيادته وممارسة هذه السيادة في استخراج غازه ونفطه … وذلك خلافا لموقفه الحاسم في موضوع رفض استخراج الغاز من قبل العدو قبل السماح للبنان بالتنقيب، والذي ربطه العدو بالاتفاق على الترسيم وبدأ بالمماطلة في محاولة “لإحراج “المقاومة ولإبراز عدم جدية لبنان بالتعاطي مع وضع استراتيجي دوليا يتعلق بتأمين الغاز الى اوروبا …..
-ان كل ذلك سمح بتفريغ موقف فصل استخراج الغاز عن ترسيم الحدود من مضمونه تحت نظر الجميع ….ولولا غطرسة عدونا وجشعه ورفضه الترسيم بشروط لبنان، اي حقل قانا الذي لا نعرف عنه شيئا للبنان وكاريش كاملا لكيان العدو .. لو قبل بذلك لكان قادرا على البدء بالاستخراج فورا والتصدير الى اوروبا في حين يحتاج لبنان الى سنوات لمواجهة العثرات الداخلية والخارجية المفتعلة قبل ان يبدأ بالاستخراج ..وهل يستطيع احد ان يتكهن بإمكانات التصدير حينها،وكيف سيكون وضع لبنان وازماته قبل ان يصبح قادرا على استخراج الغاز ،واي مصير ينتظرنا خلال المرحلة المقبلة..
لقد اصبحت الحرب منقذا لنا، وليس فقط دفاعا عن حقوقنا او لتحرير القدس وفلسطين …………..
أليست الصورة مقلقة يا سيد …؟؟؟؟
ثانيا: في موضوع الازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية…..
– ان هذه الازمة تهدد لبنان بكل مقوماته كيانا وسيادة وشعبا وبالتالي ارضا ،وتخلف القوى السياسية عن وضع مشاريع محددة للانقاذ يشكل تخلفا عن القيام بواجب تاريخي تجاه دولتهم بكل مقوماتها .وسأكتفي حاليا بالاشارة الى ان الدعوة للزراعة لا تشكل مشروعا، والدعوة للاحسان والدعم لا تؤدي الى معالجات. فالنظام الاقتصادي والمالي والاجتماعي لا يقوم على الحسنات والدعم والمكرمات، واعتبار ان الغاز هو المنقذ الوحيد هو نظرة خاطئة وهو اللجوء الى الحلول السهلة وايقاع للناس في الوهم …. لنفرض مثلا انه لا يوجد غاز او نفط ،هل يعني ذلك ان نعلن انقراض الدولة اللبنانية؟؟؟؟؟
وسيكون لي رسالة ثالثة يا سيد حول هذا الموضوع آمل ان يتسع صدرك لها ……
ثالثا: في موضوع الوعي:
-كنت تشدد دائما يا سيد على موضوع الوعي وكي الوعي، وكان في ذلك رؤية من المهم ويُفترض تعميمها ….وانطلاقا من ذلك اود لفت النظر الى ان الاميركيين استطاعوا وعبر ترويج العموميات تدمير معظم الاخلاقيات والفلسفات والعلم والانظمة… لقد حلت كلمة الحقيقة مكان العدالة .. وحلت الالوان مكان البرامج فجاءت الثورات البرتقالية….وحلت الشعارات غير الواضحة المضامين كالتغيير والاصلاح مثلا …. تغيير ماذا ولماذا وماذا سيحل مكانه ؟… وكذلك بالنسبة للاصلاح ،اصلاح ماذا ولماذا وماذاسيحل مكانه؟؟ والامثلة كثيرة ……..
وانطلاقا من ذلك فإن الوقوع في فخ اطلاق التعميمات من دون تحديد المضامين ،هو وقوع في فخ الثقافة الاميركية وفي الوعي الأميركي، وبالتالي لا يجوز الدعوة الى التعاون من دون تحديد مضامين هذا التعاون ولا يجوز التركيز على تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية ،وكأن ذلك هو وسيلة للانقاذ،في حين ان وجود رئيس جمهورية حاليا ووجود حكومة لم يمنع الانهيار، بل ان هذه الحكومة مشاركة في مؤامرة افقار واذلال الشعب اللبناني…
لقد بتنا ياسيد في وقت نحن في اشد الحاجة فيه الى برنامج واضح في كل الأمور، يحدد العلاقة مع الاعداء ومع الحلفاء ومع الاصدقاء ،ويكون برنامجا واضحا ودليلا ورؤية واضحين لجمهور المقاومة وبيئتها ولداعميها…
اعود وأقول: اثق بك يا سيد المقاومة وقائدها…والأمر لكم!