رحيل عرفان ملص .. الفارس الأول على صهوة أخبار تلفزيون لبنان
كتب واصف عواضة:
كان إسم عرفان ملص يتردد أمامي منذ ولجت باب العمل في تلفزيون لبنان عام 1983،كمحرر ومذيع في نشرات الأخبار.ولطالما تحدث عنه الزميلان جان خوري والمرحوم عرفات حجازي ،كأول من أطل على شاشة تلفزيون لبنان كمقدم لنشرة الأخبار.
قبل سنوات دخل الرجل الى مكتبي معرفا عن نفسه،فاسقبلته بإجلال واحترام ،كأن بيننا معرفة قديمة.قلت إن “أسمك يلمع في داخلي منذ زمن ،فلماذا بخلت علينا بزيارة المؤسسة التي افتتحت شاشتها وكنت أحد فرسانها الأوائل”.
رد مبررا:كنت أعيش خارج لبنان وقد عدت أخيرا ،وها أنا في المؤسسة التي أطليت منها على الناس .
من يومها تصادقنا ،وبيننا جيل من فرسان تلفزيون لبنان ،وصرنا نتهاتف ونتبادل أطراف الحديث ،الى أن بلغني اليوم نبأ وفاته جراء الجائحة اللعينة التي تفقدنا الكثير من الأعزاء واحدا تلو الآخر.
كنت أود أن أستطيل في الحديث عن عرفان ملص ،لكن نقابتي ،نقابة محرري الصحافة اللبنانية التي كان منتسبا إليها ،كفّت وأوفت في بيان عن الراحل العزيز صاغه النقيب جوزف القصيفي ،وهذا نصه:
غيّب الموت الزميل عرفان ملص، عضو نقابة محرري الصحافة اللبنانية الذي أودت به الجائحة. والراحل الكبير إحترف الصحافة في العام 1959، محرراً، مراسلاً ، وكاتباً في وكالة “رويترز” جريدة “الهدف”، مجلة الاسبوع العربي، وكالة أخبار اليوم. وكان أول مذيع في “تلفزيون لبنان” الى جانب الزميل جان خوري منذ انطلاقته العام 1959.
وعرفان ملص الذي عرف بدماثة أخلاقه، ولين عريكته، وانفتاحه، واعتداله، هو مثقف كبير وأديب وشاعر يتعشق الكلمة والجمال. وهو حائز على شهادة BA من جامعة كولومبيا في نيويورك. وله عدة مؤلفات: ظلال الغربة (1956) – قصة طويلة ، ومجموعة قصصية (1957)، وديوان شعري (1958). وكان يتقن اللغات الفرنسية، الانكليزية والالمانية.
وقال نقيب المحررين جوزف القصيفي في نعيه:
يغيب عنا اليوم وجه فارس من فرسان الزمن الاعلامي الجميل، الذي إحتلت فيه الثقافة، والابداع، وحبّ الابتكار، والعطاء، واخلاقيات المهنة، مرتبة متقدمة. انه وجه عرفان ملص اول مذيع في تلفزيون لبنان منذ انطلاقته في العام 1959. والراحل الكبير كان على رفعة في الاخلاق، وسمّو في التعاطي المحبّب مع زملاء المهنة، واناقة طبعت كتاباته المتنوعة في السياسة والادب والشعر. وكان ودوداً يشيع الدفء الانساني من حوله، بتهذيبه الجم، وابتسامته الحييّة. لكنه – على الرغم من هدوء طبع سلوكه – كان مبدئياً صلباً في الدفاع عن حرية الرأي والكلمة، والقيم الديموقراطية التي قام عليها لبنان، وظلّ وفيّاً لنقابته ولرفاقه وزملائه حتى وافته المنية. فالى رحاب الخلد ايها الزميل الصديق، الذي سنفتقدك، كما عائلتك، وكلّ عارفيك، وجهاً لن يحجبه النسيان، حفر اسمه، وخلد حضوره في آثار لن تمحى. لقد كنت مجبولاً بالحرف، مفتوناً بالكلمة، ومن كان مثلك، يبقى ذكره مؤبداً.