الحوار نيوز – خاص
عكس قرار مصرف لبنان الصادر أمس والذي يجيز للمصارف شراء الدولار على سعر منصة صيرفة من دون سقف محدد ،آراء متناقضة في إيجابية هذه الخطوة وانعكاسها على سعر الصرف في السوق السوداء.
خبير مصرفي رأى “أن القرار يشمل المصارف والزبائن معا.فأي مودع له حساب بالعملة اللبنانية في أحد المصارف صار قادرا على تحويل وديعته الى دولار أميركي على سعر منصة صيرفة ،ثم يستطيع بيع دولاراته بسعر السوق السوداء ،وهذا يشمل أيضا حسابات الموظفين .
وأوضح أن الهدف من هذه العملية متعدد الأبعاد:
أولا هو تدخل غير مباشر لمصرف لبنان والتفاف على صندوق النقد الدولي الذي يمنع مصرف لبنان من التدخل في سوق الصرف إلا بهامش ضيق جدا بيعا وشراء.وبهذه العملية يضخ المصرف المركزي عملة أجنبية في السوق،لأن المصارف اللبنانية فيها نحو 9 تريليون ليرة لبنانية (تسعة آلاف مليار) أي ما يعادل 350 مليون دولار.وهكذا يزداد عرض الدولار في السوق ما يخفف من ارتفاع سعره،وعليه يمكن أن نشهد انخفاضا في سعر الصرف.
ثانيا هذه العملية تشكل مدخلا ومقدمة تمكّن مصرف لبنان من دمج سعر منصة صيرفة بسعر السوق السوداء ،باعتبار أن ذلك سيؤدي الى انخفاض كمية الليرة اللبنانية في السوق ما يدفع الناس الى صرف دولاراتهم والحصول على الليرة.وهذا الأمر يعكس نوعا من الاستقرارالنقدي الذي يؤمّن استقرارا اقتصاديا .
ويضيف الخبير المصرفي:أمام ما تقدم فإن مصرف لبنان يقوم بسحب العملة اللبنانية من السوق بدل طباعة كميات جديدة منها ،وبالتالي يضخ عملة أجنبية في السوق ما يحجّم الطلب على الدولار والضغط على الليرة.وهكذا يمكن تثبيت الدولار على سعر صيرفة بمعدل 25 ألف ليرة،وإلغاء كل الأسعار الأخرى،من 1500 ليرة الى السوق السوداء.
رأي مناقض
من جهته الخبير المالي والاقتصادي الدكتور عماد عكوش كان له رأي مخالف لما تقدم ،يرى فيه أن هذه العملية ستؤدي الى استنزاف المزيد من احتياط مصرف لبنان بالعملة الأجنبية.
يقول عكوش:يبدو أن حاكم مصرف لبنان والطاقم السياسي ما زالوا مصرين على سياسة سرقة ما تبقى من ودائع اللبنانيين الموجودة لدى مصرف لبنان من خلال تعاميم وقرارات توضيحية لهذه التعاميم ،بحجة محاولة العمل على إستقرار سعر صرف الدولار الأميركي . فبعد أصداره للتعميم 161 والذي اباح دفع الجزء النقدي من الليرة اللبنانية والمتعلق بالتعميم 158 بالدولار الأميركي على سعر منصة صيرفة ، ثم أضاف آليه السماح لموظفي القطاع العام وموظفي القطاع الخاص الموطّنة رواتبهم في المصارف بتحويل قيمة هذه الرواتب للدولار الأميركي على سعر منصة صيرفة، كما أتاحت بعض المصارف لبعض الأشخاص المقربين وغير المقربين من أيداع مبالغ نقدية بالليرة اللبنانية في حساباتهم من خلال الصراف الآلي وإعادة قبضها بالدولار الأميركي، وذلك عبر شراء الدولار على سعر المنصة وبالتالي الإستفادة من فارق السعر ما بين سعر منصة صيرفة والسعر السائد في السوق الموازي .
إن الإدعاء من قبل الحاكم بأن هذه التدابير يمكن أن تكبح جماع سعر صرف الدولار في السوق الموازي هو إدعاء غير صحيح ، والدليل أن كل التعاميم السابقة أبتداءا من التعميم 149 والذي أنشأ منصة صيرفة ،الى التعميم 158 والذي سمح بسحب جزء من الودائع بالدولار الأميركي، الى التعميم 161 والذي أضاف دفع بعض السيولة بالدولار الأميركي ، كل هذه التدابير والتعاميم لم تلجم سعر صرف الدولار، بل زادت من إستنزاف إحتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان ، والدليل أن احتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان بتاريخ أصدار التعميم 158، أي تاريخ 8 حزيران 2021 كان يبلغ حوالي 15.708 مليار دولار ، بينما بلغ هذا الإحتياطي في نهاية العام 2021 حوالي 12.798 مليار دولار بعد إضافة حقوق السحب الخاصة والبالغة 1.135 مليار دولار والتي حولت لحسابات مصرف لبنان خلال شهر أيلول من العام الماضي ، ما يعني أن حجم انخفاض إحتياطي العملات الصعبة بلغ خلال هذه الفترة مبلغ 4.045 مليار دولار .
ويقول عكوش:إن استمرار الحاكم في أصدار هكذا تعاميم دون تقييم لما آلت أليه التعاميم السابقة من نتائج سواء كانت إيجابية أو سلبية ،يعبر عن حجم المشكلة التي أوصلنا أليها الحاكم . والحد الأدنى لما يمكن أن تقوم به الحكومة الحالية لإعادة الأمور الى نصابها هو وضع الحاكم بالتصرف بانتظار ما ستؤول إليه نتائج التدقيق الجنائي والدعاوى المرفوعة على الحاكم .فالمجلس المركزي لمصرف لبنان يعلم جيدا أن انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية لم يعد مرتبطا بحجم تدخل مصرف لبنان ولا بحجم الكتلة النقدية لليرة اللبنانية المتداولة في السوق ،لكنه مرتبط بحجم الثقة بالليرة اللبنانية والتي فقدت نتيجة لفقدان الثقة بثلاثة أطراف :
– النظام السياسي
– المنظومة الحاكمة
– مصرف لبنان والقطاع المصرفي
وبالتالي اليوم أي تدخل لمصرف لبنان دون إعادة الثقة بهذه الأطراف الثلاثة، أنما يؤدي الى مزيد من استنزاف ما تبقى من إحتياطي العملات الصعبة التي ما زالت لدى مصرف لبنان .وبالتالي على المجلس المركزي بحده الأدنى وقف هذه التعاميم والقرارات غير الهادفة، لا بل يمكن أن تكون مدمرة لما تبقى من ثقة بالعملة الوطنية .
زر الذهاب إلى الأعلى