دَين في غياب الشفافية لن يكون بردًا أو سلامًا على المَدينين
سنوات عشر انقضت، أعادت معها الديون إلى الواجهة، وأعادت معها مصطلحات مثل "عدم إمكانية الاستمرار بتحمّلها".
"إنّ الديون فخّ قد وقعنا فيه"، في السنوات الخمس الماضية وحدها، ارتفع الدين العام في أشدّ البلدان فقرا من ٣٦ ٪ إلى ٥١ ٪ من إجمالي الناتج المحلي، وارتفعت معها نسب خدمة الدين في بعض البلدان ما يهدّد قدرة الدول على الاستثمار في البنية التحتيّة، والتعليم، والصّحة، والسّكن والكثير من الاحتياجات الأخرى المهمّة، المعوّل عليها انتشال المواطنين من مستنقعات الفقر وحُفَره العميقة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة الموضوعة من المجتمع الدولي والمؤمّل تحقيقها بحلول عام ٢٠٣٠.
وتشتد حدّة أوجه الضعف الناشئة المتّصلة بالديون، فلقد تضاعفت نسبة البلدان منخفضة الدّخل التي تعاني من تراكم الديون أو التي تواجه مخاطر عالية منذ عام 2013، وذلك وفقًا لبيانات مستقاة من إطار استمراريّة القدرة على تحمّل الديون، المشترك بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وثمة عدة عوامل مؤثرة وهي: السياسات والاستثمارات السيئة، وسوء الإدارة، والتوسعات غير المدروسة في السياسة المالية والنقدية، وممارسات الاقتراض الفاقدة للحكيمة والرويّة، أو التحليل الضعيف، و/أو ممارسات الإقراض التي تفتقر إلى المبادئ الأخلاقية لاستثمارات فشلت في تحقيق النمو والإيرادات التي وعدت بها؛ والافتقار إلى الإرادة السياسية للتصدي للفساد ونماذج الرقابة المعطّلة.
والديون إن جاءت فهي بأسعار فائدة عالية، وتكاليف سداد أعلى، تضاف إلى ديون سابقة عليها، ومع أنّ ما يشاع انّ فائدة الدين القادم متدنيّة، وآمادها طويلة، لكنّها عندما تضاف إلى فوائد الديون السابقة، يضحي التحدي كبيران والأحمال ثقيلة، خصوصا مع نقص الشفافيّة وغياب اليقينيّة، والمنفعة ومعها تزداد المخاطر.
حاجة الدول الفقيرة ملحّة للقضاء على الفقر وتوفير الخدمات الأساسيّة، التي يقدّرها البنك الدولي بما بين ٦٤٠ مليار دولار و٢,٧ تريليون دولار، وإذا كان التمويل عن طريق الديون أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية، فواجب البلدان المقترضة إيجاد طريقة تتّسم، باستغلال الديون من أجل النمو، وعلى الرغم من ذلك، يفتقر العديد من البلدان النامية إلى الأدوات أو المؤسسات أو الخبرة الفنية للقيام بذلك، أو أنّها مبتلية بالفساد والهدر وغياب الشفافية والمساءلة.
على الرغم من أن برنامج إدارة الديون يمكن أن يساعد في مواجهة العديد من التحديات المتعلقة بإدارتها، فإنه لا يستطيع التصدي لها جميعا؛ ويتعين على البلدان المقترضة، من خلال قادتها وواضعي السياسات والمواطنين، أن يجدوا الإرادة السياسية اللازمة للإصرار على التحلي بالحكمة في إدارة الديون والشفافية في الاقتراض الضروريتين لتجنب مخاطر الديون المفرطة، التي لن تحلّ عليهم، لا بردًا ولا سلاما.