“دور العراق في أمن و استقرار المنطقة”..ندوة جامعة في بروكسل
د.جواد الهنداوي – الحوارنيوز- خاص
تّمَ تنظيم الندوة، وعنوانها دور العراق في أمن واستقرار المنطقة، بتعاون مشترك بين سفارة جمهورية العراق في بروكسل والمركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات في بروكسل، وبحضور السفراء العرب وسفراء بعض الدول الاخرى، ومهتمين بشؤون العراق والمنطقة من مراكز بحوث وجهات سياسية اخرى، وبتاريخ ٢٠٢٣/٥/٢٦ ، وفي قاعة الاجتماعات في فندق The Hôtelفي بروكسل .
بعد كلمة التعريف والترحيب لسفير جمهورية العراق في بروكسل الدكتور أحمد برواري، توسّع الموضوع في محوريّن: تناولنا في المحور الاول دور العراق في محيطه العربي ،وتناول الدكتور ماجد نعمة ( باحث و رئيس مجلة 2A magazine ، في باريس ،والمهتمة بشؤون أفريقيا و آسيا ) دور العراق في محيطه الاقليمي .
عنوان الندوة فرضَ علينا البدء بملاحظتيّن ،كمقدمة : الملاحظة الاولى عن مفهوم ” أمن و استقرار المنطقة ” ، والملاحظة الثانية وهي جواب لاستفهام فحواه لماذا يختصُ العراق ، حسب رأينا ، اكثر من غير الدول بأمن و استقرار المنطقة ؟
يعود استخدام مفهوم ” أمن واستقرار المنطقة “، واقصد منطقة الشرق الاوسط ،الى ستينيات القرن الماضي ، حيث كُنّا نسمعه من المذياع والتلفاز في اليوم اكثر مما نسمع النشيد الوطني ، ولربما وُلِدَ هذا المفهوم تؤماً مع الكيان الاسرائيلي ، وكان خُدعة و عقار تخدير ، لم نعشْ أمناً ولا استقراراً ،قضيناه ( واقصد سنين القرن الماضي ) حروباً وفتن و انقساما و تآمرا وفي خدمة ترسيخ الكيان و توسّعه جغرافياً وسياسياً ( وهذه حقائق مؤلمة ولا أحد يجرأ على نكرانها ). ومَنْ يقرأ كتاب السيد مارتن انديك ( سفير سابق للولايات المتحدة الامريكية) ، وعنوانه ” السيد كيسنجر سيد اللعبة وفن دبلوماسية الشرق الاوسط ” The Master of Game And the art of middle East Diplomacy , Henry kissinger « ، طبعة سنة ٢٠٢١ / وتُرِجمَ الى العربية عام ٢٠٢٣ ، ومن قبل الدكتور ياسر محمد صديق ،دار نهضة مصر الطباعة والنشر والتسويق ، يستنتجُ بأنَّ مفهوم ” أمن واستقرار المنطقة ” هو من صنع و تسويق هنري كيسنجر ، وكان من اجل ” حماية مصلحة الدولة اليهودية في وقت عدّ فيه القادة الاسرائيليون وجوده في دائرة صنع القرار الاسرائيلي كفيلاً بحماية مصالحهم لانه يهودي ، اما القادة العرب فاعتقدوا ان يهوديته كفيلة بنيله ثقة اسرائيل ، وهو ما سيدفعها بقبول تنازلات ،من اجل السلام و الامن ” .
بطبيعة الحال ، أمَلنا وسعينا ان يكون أمن واستقرار المنطقة المنشود في الوقت الحاضر ، حقيقة وليس خُدعة .أملنا ايضاً ان يكون دور الولايات المتحدة الامريكية إيجابياً وليس سلبياً في اجواء المصالحات و التفاهمات التي تسود بين دول المنطقة ، والتي تقود الى تحقيق امن المنطقة .
قد يكون العراق معنياً ، بصفة خاصة ، و اكثر من اي دولة اخرى في المنطقة في تحقيق الامن و الاستقرار ، و مرّد ذلك الى ما واجهه و عاناه العراق من دكتاتورية وحروب وحصار واحتلال وارهاب ،طيلة اكثر من خمسة عقود ، وهذا ما يعلّلُ دور العراق واهتمامه وسعيه الى حلّ الخلافات بين دول المنطقة ، والى لّمْ الشمل العربي ،و الى دعم ما يحتاجه بعض الاشقاء من موارد الطاقة .
دور العراق في محاربة الارهاب ، في العراق وفي المنطقة ،وخاصة على الحدود العراقية السورية هو جهد ساهمَ ويصّبُ في ترسيخ امن المنطقة .
استقرار و ديمقراطية النظام السياسي في العراق ،والتداول السلمي للسلطة خلال عقديّن من الزمن ، وانفتاح العراق نحو اشقائه العرب ، جميعها عوامل ساهمت في طمأنتهم على عقلانيّة وجديّة المسار السياسي والاقتصادي للعراق . علاقات العراق المتوازنة مع جميع دول المنطقة ، وعدم تدخله في شؤون الدول الاخرى أكدّت للاشقاء على سيادة و استقلالية القرار العراقي ،وفنّدت أكذوبة طائفية النظام السياسي في العراق ، و اكذوبة مصادرة القرار العراقي من قبل امريكا او من قبل إيران .
رعى العراق وبنجاح المفاوضات بين المملكة العربية السعودية وايران ، ويسعى الآن الى تحقيق تواصل وتفاهمات بين المملكة الاردنية و ايران ،وبين مصر وايران ، والهدف ،بطبيعة الحال هو ترسيخ امن المنطقة وخلق اجواء تعاون سياسي وامني و اقتصادي .
ولا استبعد أنْ ترعى بغداد مفاوضات مباشرة بين جهات عسكرية سوريّة وامريكية لترتيب انسحاب امريكي من شرق الفرات ، ومناقشة بنود اخرى ،منها مثلاً اطلاق سراح بعض الاسرى او السجناء المحسوبين على القوات الامريكية.
التفاهمات والاتفاقات التي تمّت في مجال الطاقة بين العراق و الاردن و مصر ، وكذلك التعاون الاقتصادي والاتفاق الاستراتيجي في مجال الاستثمار بين العراق والمملكة العربية السعودية ،ساهمت و تساهم في تعزيزامن و استقرار المنطقة .
الانتصار الكبير الذي حققّه العراق على الارهاب ، والانفتاح السياسي الذي تشهدهُ المنطقة ، والظروف الدولية الراهنة ،عوامل جعلت دول المنطقة تلتفتُ الى تعزيز التعاون الاقتصادي في ما بينها ،والذي يتطلب بطبيعة الحال ،بيئة آمنة و مستقرة.
* سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل