إعلامدراسةمنوعات

“دور التكنولوجيا والإعلام في المناهج التربوية”.. عنوان دراسة للدكتور حسان فلحة

 

الدكتور حسان فلحة – الحوارنيوز

أعدّ المدير العام لوزارة الإعلام د. حسان فلحة دراسة تناولت “دور التكنولوجيا والإعلام في المناهج التربوية”.

تنشر الحوارنيوز الدراسة كاملة نظرا لأهميتها:

 

 

 التكنولوجيا غدت الرافد الابرز في اتاحة الحصول على المعلومات العلمية  وتيسير خدمة العمليات التربوية والتعليمية وبالتالي رفع مستوى القدرات الفكرية بسرعة فائقة وبتكلفة مادية ومالية اقل من مما كان معهودا في السابق  واتاحت ربط  شبكات التواصل المعرفية  بين مصادر متنوعة ومراجع ومتعددة  على المستوى العالمي لم تكن متاحة البتّة في الماضي ، وغيرت طرق اكتساب المعرفة وثقافتها ، مما اختزل الكثير من الجهد والعناء و وفر الكثير من الوقت  واسهم بشكل واضح في عمليات التنمية المستدامة في الاطر كافة .

 

من النقاط الجوهرية ان التكنولوجيا اسقطت المسافات المكانية والزمنية والفكرية وردمت هوات بين الطبقات الاجتماعية وفي هذا السياق قربت بين العمل الاكاديمي ميادينه التطبيقية فاصبحت وسائل الاعلام والمعرفة اكثر مرونة  واندمجت في اداء دور تجاوز المضمون. واثرت فيه وتأثرت ، من هنا  التعويل على اضطلاع القادة الاكاديميين بدور ذي تاثير بيّن و واضح في تشكيل الخطاب الاعلامي او اعادة تشكيله و توصيفه ،

 

التكنولوجيا اسقطت الحدود الصلبة في المجالات كافة بما فيها اعادة ترتيب سلم الاخلاقيات نظرا للتداخل الهائل المتاح في نقل المعرفة واكتسابها وتغيير انماط التفكير وكسر الاطر المحرمة سابقا الى مستوى ان الثابت الوحيد هو ان لا شيء ثابتا ، ومن هذا المنطلق اصبحنا امام سلوكيات جديدة ووافدة قد لا تمت ببعض جوانبها  بصلة الى المسارات السابقة في مقاربة الامور .

 

والتغيير اصبح على مستويين ،  الفردي والجماعي معا،  اي اننا ازاء تغيير مجتمعي كبير  يتغذى  من غرس افكار جديدة وتقاليد وعادات مختلفة ومتنوعة ينتصر فيها من يمتلك تعليما وثقافة وتربية ذات حضور فاعل ووازن ، ويفوز بها من استطاع استخدام التقنيات المتقدمة و الرقمية الحديثة وواكب تطورها .

 

ان مجتمع المعرفة انتج تحولات تربوية جوهرية وفرض تغييرات نوعية حادة على المستوى التعليمي وتحديدا الجامعي منه ، شملت السياسات والاهداف والاساليب  والمناهج والبرامج وطرق التدريس والانماط الادارية …

 

اذا لماذا لا تأخذ المجمعات الأكاديمية المساحة الاجمالية او قل المطلوبة في تكوين الدينامية المناسبة وجعل التعليم كما العمل اكثر جودة و اوسع  مدى و احترافا .؟.

 

ان من ابرز النصوص العالمية التي سعت الى الربط بين اهمية التواصل الاعلامي في سياق نماء الانسان وتعزيز الاكتساب المعرفي والتربوي، هو الاعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته التاسعة عشرة : التي تقول ان ” لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشكل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون اي تدخل واستقاء الانباء والافكار وتلقيها واذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية ” (1) .

 

ان من حسنات التقدم التكنولوجي وتطوره انه عزز حضور المساواة بين الشعوب والمجتمعات وقلص من حجم الفجوات الكبرى على مستوى العدالة الانسانية ككل بالاخص من ناحية اتاحة المعرفة .

 

ان يسر الحصول على وسائل التواصل ولاسيما اجهزة الهواتف المحمولة والكومبيوتر ادى الى نوع من الإنصاف وردم الهوة الطبقية التى عاشتها البشرية وتعيشها ، واتاح الولوج الى شبكات المعرفة والمعلومات بشكل كبير ما ساعد على جعل العالم اكثر سلما وانصافا وعدلا وفق تقرير للامم المتحدة (2).

 

هذا التقرير اشار الى ان التكنولوجيات الرقمية تفوقت على اي ابتكار في التاريخ، ووصلت الى حوالي 50% من سكان العالم النامي باقل من عقدين واحدثت تحولًا في المجتمعات وان وسائل التواصل الاجتماعي ربط ما بين قرابة نصف سكان العالم بالكامل (3)

 

ان التطور التقني فرض بقوة اعادة النظر في الاسس والاساليب المعتمدة في اكتساب المعرفة العلمية والبحثية في مجال الاعلام  وتبديل هذه الاسس وتطويرها وتغييرها .

 

 

 

منهاج الاعلام  التربوي وميادين العمل

 

يجب الاقرار بشكل واضح بحجم الثغرات الواسعة بين مناهج التعليم وميادين العمل وهي بالاحرى فجوات قد تكون على وجه التخصيص احيانا عملاقة وعميقة وواسعة لا تصل بين هذه وتلك الا بروابط بسيطة وضعيفة  ومتقادمة ان لم نقل روابط  منفصلة .

 

الاشكالية الفعلية ، تتمحور حول امكانية كليات الاعلام ومعاهدها ان تسد حاجات ميادين العمل ، وبالاحرى امكانية ان تستوعب هذه الميادين اعداد الخريجين المزودين معلومات المناهج التعليمية ومواردها العلمية ليكونوا من القادرين والمهيئين للانخراط في اعمال المؤسسات الاعلامية على المستويين المحلي والخارجي .

 

وان التطورات المتلاحقة تتطلب مراجعة الاوضاع الراهنة لاعداد الاعلاميين تعليما وتدريبا ولا سيما في اطار المعارف الاعلامية ، والمهارة الاتصالية والاعلامية والاخلاقيات المهنية والقيمية التي تستوجب ان يكتسبها الطلاب وتحديدا بعد الانتقال من البث الفضائي وظهور شبكة الانترنت والصحافة الالكترونية ثم الطفرة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وظهور المنصات الرقمية كما توصل اليه الدكتور محمود علم الدين استاذ الاعلام في جامعة  القاهرة (4)، كما انه ضروري التأكيد ان تشابها كبيرا يحصل بين مناهج كليات الاعلام في العالم العربي رغم الفوارق التي تبدو واضحة احيانا كثيرة  لان التطور التقني على مستوى الاعلام لا يمكن ان تواكبه التشريعات او الانظمة او القوانين او المناهج بالمسارات ذاتها من حيث سرعة التطور. البعض اعتبر ان تقسيم اختصاصات كلية الاعلام ” غير موجود وعفا عنه الزمن”. (5)

ويتفرغ من ذلك ان المنافسين من غير خريجي الكليات والمعاهد يأخذون مواقع هؤلاء ووظائفهم ومراكزهم لان التباسا بيّنا نراه في النصوص التشريعية والتنظيمية التي ترعى طبيعة هذا العمل او ان نقصا كبيرا في سد الثغرات التشريعية التي تحمي حقوق العاملين وتمنع المنافسة المضرة لهذه المهنة أنى كانت طبيعتها او مجالها.

 

بالمقابل التكنولوجيا غيّرت بشكل جوهري مناهج التعليم واساليبه التقليدية ، واسقطت نهائيا عمليات التلقين والتلقي السلبي واصبح التعليم على المستوى التقني يتميز بقوة فائقة ، وغدا تشاركيا تبادليا وتفاعليا ، محوره ميادين الاعمال المتنوعة المتعددة ، بموازاة ذلك لا بد من الاقرار ان اكتساب المعرفة والتعليم اصبح بشكل من اشكاله اتكاليا على التطور العلمي بمعنى ان الكومبيوتر (او الحاسوب) اسهم وفق برامجه المتطورة والمتقدمة في تكوين قاعدة معرفية وايجاد مرتكز الزامي للذكاء الاصطناعي الذي هو ذكاء اتكالي سريع التحليل وفائق الدقة والقدرة على انتاج الحلول واعطاء الردود واتاحة الاجوبة .  بالمقابل نكتشف انه في محاولات تطوير المناهج او تعديلها هناك مثالية في اقتباسها او اسقاطها على المواد التعليمية وان هناك فارقا جوهريا ومتباعدا بين ما يتاح دراسته او يعطى كمواد تعليمية ضمن مناهج التدريس ، وواقع العمل او ميدانه ، ( لا احبذ كلمة سوق لان لها طابعا ماديا صرفا وترمز الى العمليات التجارية  ) ، والقصد هو ميدان العمل ومتطلباته الفعلية ،ان استخدام كلمة سوق يشير الى القياس الرأسمالي المستخدم .لكن الاستعارة ليست مجرد استعارة  مجازية في النظامى الرأسمالي .(6) ومن هنا ان هذا التباعد بين المناهج ومتطلبات العمل وميادينه ليس جديدا وليس مستغربا  ، والكل مر به ، المؤسف ان مناهج التعليم بمعظمها ادت خدمتها في عصر يختلف عن عصرنا الحالي .

 

وانها مناهج قديمة تعتمد الجانب النظري وتعود في بعضها للقرن الماضي (7)، وقد حصل تغيير فرضه التطور  على اقسام التخصصات بدأ تطبيقه منذ فترة وجيزة ومن المتوقع ان ترى نتائجه مع خريجي كليات الاعلام في القاهرة عامي 2026 و 2027.(8)

                                                         

 

 

الاعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي في اكتساب المعرفة

 

بموازاة ذلك ، ان الفجوة الرقمية ترتبط بمحتوى التعليم ونوعيته وطرق التدريس ومدى تلاؤمه مع الاقتصاد ” وسوق العمل “، وان المجتمعات من المفترض ان تبنى على اساس ما تشكله الجامعات من خزان للمعرفة.(9)

 

ان ردم الفجوة الرقمية digital divide يحتاج الى ” التثقيف والتوعية والاعداد والتعليم ، ” فضلا عن تأمين تكلفة الاتصال بشبكة الانترنت بما فيها التجهيزات والاشتراك وعمليات شراء التطبيقات والبرامج . (10) .

 

لم تستأذن التكنولوجيا احدا عندما فرضت ذاتها بقوة مترامية الاطراف والتأثير على مناحي الحياة والاعمال المتعددة والمختلفة والمتغيرة بسرعة فائقة التبدل .

 

الدكتور رضا النجار المشرف على اكاديمية التدريب الاعلامي في اتحاد اذاعات الدول العربية يعتبر ان التطور التكنولوجي ليس قضية رقمنة وادوات tools بل قضية عصر حضاري وانساني جديد (11) ولا سيما مع اعتماد العقل البشري على ذكاء من صنيعته اصبح جزءا من ميادين عمله وتطوره وتقدمه وتحديدا في مجال المناهج التعليمية وبرامجها من خلال دخول الذكاء الاصطناعي حياة الانسان بقوة .

 

ان التصور الجديد يشمل البودكاست والصحافة الرقمية والاعلام الجديد والتفاعلي وعلوم الكومبيوتر والاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي وعلاقته مع المجتمع لتنمية فكرة الاعلام الرقمي (12) ، الذي غدا يتكل بشكل كبير على ما يعرف بعمليات الذكاء الاصطناعي intelligence     artificial ،  وهي نظرية تطوير انظمة الكومبيوتر القادرة على اداء المهام التي تتطلب تاريخيا الذكاء البشري مثل التعرف الى الكلام والمفردات واتخاذ القرارات وتحديد الانماط ، وهو مصطلح يشمل مجموعة واسعة من التقنيات ، بما في ذلك التعلم الآلي والتعلم العميق ومعالجة اللغات الطبيعية  natural language   processing NLP   ،ان البعض يعتبر ان التكنولوجيا المستخدمة في العالم الواقعي الحقيقي تشكل عمليا تعلما آليا متقدما للغاية وهو مجرد خطوة اولى نحو الذكاء الاصطناعي الحقيقي .

 

الذكاء الاصطناعي دخل في الاشياء كلها ، واحدث ما عرف بالتعلم الآليlearning machines ، حيث يشمل التحول الحضاري العمل والتنقل والتعليم فضلا عن النظم الاجتماعية اذ اضحى كل شيء متصلا  connected ، الساعة متصلة ، السيارة متصلة، الكاميرا متصلة … هذا التحول التكنولوجي يفرض ثقافة جديدة ومقاربة جديدة وحاجة ملحة ومتزايدة في المهارات وفي الموارد البشرية المؤهلة بالكفاءة. (13) .

 

ان ” دمج دراسة الاعلام مع مقررات الذكاء الاصطناعي لتنفيذ برامج تكشف الاخبار الصحيحة من المزيفة وكيف ان العالم يتغير بسرعة ” .وعليه يمكن الركون الى قاعدة ان البقاء والاستمرارية للمناهج الحية ويتمحور بتلك التي تقوم على الابتكار والتحليل والتمرس في اداء المهارات وتوسيع مدارك التفكير العلمي والنقدي بما يتوافق مع متطلبات العصر ويجاريه ويسهم في عمليات التنمية وتوسيع اطر النمو على قياس الحاجة النفعية الملحة بما يحتم فعليا ايجاد فرص عمل ووظائف جديدة والغاء وظائف اخرى .

 

من هنا ان آليات اعداد المناهج او تطويرها او تعديلها يستدعي تغيرات جوهرية واساسية ترتكز بالدرجة الاولى على دراسات الواقع والبيئة والحاجة ، فضلا عن المعايير التقليدية لجهة اغناء الثقافة والمعرفة والتعليم والتأدب والتقدم ، واساس ذلك ينطلق من الدراسات العلمية والبحوث الجادية .

 

وهذا الامر العام يسقط ذاته على الامر الخاص المتعلق بالمناهج التربوية الخاصة بالاعلام . ان التطور التقني يحتم على كليات الاعلام وضع تصورات لتحديث المناهج ومواكبة التطور التقني والرقمنة (14) وتعديل بعض الاقسام والمواد الدراسية ودمج بعض المقررات ، بمعنى ان تكون مضامين الدراسات الاعلامية ومحتوياتها قادرة على تخريج اجيال جديدة من الاعلاميين تتمكن من التعامل مع ادوات العصر الحديث من خلال انتاج محتوى اعلامي جاذب للجمهور . (15).

 

لا بد من التأكيد ان المنهج المعتمد سابقا او القديم من الناحية العملية تأثر تأثرا كبيرا بالتطور التقني وان الاعلام تبدل دوره ووظيفته نتيجة هذا التطور المتسارع والمطرد الذي  يغير من مفهوم الاعلام ووظيفته وكذلك المنهج الدراسي وطبيعته ، وعليه لا بد من تحديد المنهج من الناحيتين اللغوية  والاصطلاحية

 

فالمنهج، جمع مناهج او مناهيج : هو خطة منظمة لعدة عمليات ذهنية او حسية بغية الوصول الى كشف حقيقة او البرهنة عليها .

 

مناهج التعليم : برامج الدراسة، وسائله وطرقه واساليبه .

 

وان المنهاج ، طريق واضح ،والمنهاج ، وسيلة محددة توصل الى غاية معينة.(16)

 

في لسان العرب المنهاج هو الطريق الواضح واستنهج الطريق صار نهجا (17)

 

كلمة منهج بالفرنسية ” methode” : من اصل لاتيني ” Methodus ” ومنها اشتقت كلمة  ” method”  بالانكليزية (18)

 

كلمة منهج مشتقة من اللفظتين اليونانيتين hodos  بمعنى الطريق و Meta بمعنى التزم اي التزم الطريق او السير في طريق محدد  Methodos  وقد استخدم هذا اللفظ كل من افلاطون وارسطو.

 

رينه ديكارت قال : ” ان المنهج العقلي يؤدي الى معرفة حقيقة العلوم ” (19)

 

وبغض النظر عن تعاريفها المختلفة ،  فانها تعني البحث والنظر والمعرفة والطريقة المستخدمة في جمع البيانات .

 

البحث العلمي والمنهاج التربوي

 

المنهج او المنهاج يعني الطريق الواضح والسلوك البين والسبيل المستقيم ،والمنهج الدراسي او خطة الدراسة هي مجموع من المواد الدراسية والخبرات العملية الموضوعة لتحقيق اهداف التربية .

 

ان منهج الدراسة يتضمن مواد ذات قيمة ثقافية . وان تكون نافعة في الحياة ملائمة لحاجات الطالب وميوله وقدراته .

 

تقول Nathalie Labourdette المشرفة على اكاديمية اتحاد الاذاعات الاوروبية

 

ان” اكاديمية  الاتحاد تعمل على منح العاملين بهيئاتها مهارات متأقلمة مع متطلبات السوق ، وتمكينهم من افضل ما هو متوافر من ادوات لتعزيز مهاراتهم في وظائفهم.

 

ان هناك عددا من المجالات والميادين يتعين تطوير المهارات والمؤهلات فيها بشكل حتمي ، وان توفير محيط  قائم على الخلق والابداع ، امر حيوي .” وتضيف ان  ” تطوير المهارات اساسي لتقوية الذكاء والقدرة على الاستباق والاستشراف ، والتعلم مدى الحياة يتيح التحديد عندما يكون مرتبطا برهانات فعلية وقائما على سيناريوهات حقيقية” .(20).

 

المشرف على اكاديمية اتحاد الاذاعات الآسيوية ستيف اهرن Steve Ahern يشير الى ” ان قيمة التكوين المستمر والتدريب في عالمك دائم الحركة” . وان ” الدور الاهم للتدريب هو التأطير والتوجيه coaching and guiding لمساعدة العاملين حتى نعرف مناهج ومواقع التدريب الذاتي والمساعدة في العثور على الموارد “(21).

 

الاساس هو البناء على خطط تحقق الاهداف المحددة مسبقا شرط ان تكون المناهج التعليمية او التدريسية تلائم الظروف الطبيعية والبيولوجية وان تكون مستمدة من حاجات المتعلم وبيئة المجتمع الثقافية وان تربط موضوعاته  بشؤون الحياة ومتطلباتها في سياق نمو الانسان او الفرد ( 22 ).

 

ان ابرز اغراض التربية ، هي: كسب الرزق ، والحصول على المعرفة ، التثقيف، التكوين الخلقي moral aim of education ، نمو كفاءة الفرد الاجتماعية.

 

ان الانسان في نموه خاضع للتفاعل المستمر بين المجتمع والبيئة المادية من ناحية ، وٍبين قواه ومواهبه الفطرية من ناحية اخرى (23)

 

ان لبنان من الدول العربية الاولى التي اولت عملية الربط بين المنهاج وميدان العمل محاولات جديدة من خلال انشاء مؤسسات تعنى بهذا الامر ولا سيما في المرحلة  ما قبل الجامعية .

 

على المستوى التربوي بشكل عام انشئتٍ مؤسسات متخصصة بهذا الشأن .

 

ففي لبنان انشئ المركز التربوي للبحوث والانماء ليقوم بدور التخطيط للتربية وللمستقبل التربوي وللمناهج ولمعايير تحسين الاداء ولمعايير التعليم على مستوى الهيئة التعليمية (24).

 

ويتولى المركز التربوي دراسة مناهج التعليم فضلا عن اعادة النظر في المناهج كل اربع سنوات على الاقل (25) . وهذا توكيد اهمية اعادة النظر في المناهج الدورية ، و اهمية تطويرها بما يتناسب مع اللحاق بركب العمل ومواكبة آلية التطور .

 

وتشمل صلاحية المركز التربوي المناهج التربوية والتعليمية قبل المرحلة الجامعية في حين ان هذه الصلاحية المتعلقة بالمرحلة الجامعية وما بعدها منوطة في الجامعة اللبنانية بمجلسها وهو بقي لسنوات غير مكتمل الحضور لاسباب سياسية وادارية قد تكون لصيقة بالمصالح الطائفية من ناحية التشكل على اساس طائفي في اغلب الاحيان ، فضلا عن ظروف الحرب سابقا التي عمقت اشكالية هذا الامر .

 

مع الاشارة الى ان الجامعة اللبنانية ، مؤسسة عامة ذات شخصية معنوية ، تتمتع بالاستقلال المالي والاداري والعلمي (26) . انشئت حتى تتمتع بمرونة تواكب العصر والتطور العلمي والاكاديمي وهي ليست ادارة عامة .

 

وبداية كانت قد انشئت العام 1953 بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 25/1953 وكان دار المعلمين العليا نواة لها ويتولى مجلس الجامعة الموافقة على مناهج الدراسة وبرامجها (27) .

 

وعمليا اذا تعذر على مجلس الجامعة القيام بمهامه يتولى ذلك وزير الوصاية وهذه مهامه ولا سيما في الشق المالي والتنظيمي .

 

ان تغييب مجلس الجامعة ينعكس سلبا على اعادة النظر في المناهج الدراسية والتعليمية والتربوية لكليات الجامعة اللبنانية ومنها كلية الاعلام التي تتوافق من حيث طبيعة التبدل والتغيير ومواكبة التطور العلمي مع باقي المناهج في الكليات

 

الاخرى ولا سيما لجهة الربط بين فاعلية المناهج ومتطلبات ميدان العمل ووظائفه وفرصه .

 

ان ازمة الجامعة اللبنانية في جزء منها تنتج من بطء التشريع وعدم مواكبة العصر من الناحية التقنية ، وهي مشكلة تكاد تكون متشابهة مع اغلب  الجامعات في دول العالم الثالث .

 

مواكبة التشريعات للتطور التقني الاعلامي

 

ان التشريعات الاعلامية  لا تتماشى مع  البيئة الاعلامية المتسارعة ولا تواكب التطورات الحاصلة على مستوى الجمهور ومساهمته في صناعة المحتوى الاعلامي (28).

 

للتشريع قواعد تهدف الى تنظيم سلوك الافراد وعلاقاتهم داخل المجتمع ولها طابع الالزام القانوني وتصدر في وثيقة رسمية عن سلطة عامة مختصة  في الدولة (29)

 

وتتدرج التشريعات القانونية من التشريع الاساسي او الدستور ثم القوانين مثل قوانين المطبوعات والاعلام المرئي والمسموع و قوانين العقوبات وقوانين النقابات  والمواثيق والاخلاقيات الاعلامي .

 

يمتاز التشريع بشمولية قواعده وعمومها تطبق على أجزاء الدولة كافة من اجل المساواة وتعزيز التضامن والوحدة الوطنية بين ابناء الوطن.

 

التشريع ليس كاملا ولكنه شامل وقد يصبح نقصا مع تغير الوقت والتبدل والتطور في الظروف .

 

البحث العلمي وعلاقته في المناهج التربوية الاعلامية

 

تعتبر الدراسات والابحاث من اهم الاسس لوضع المناهج وتطويرها ولكن العائق الاساسي امام القيام بالبحوث العلمية والدراسات هو مادي – مالي يقوم على تدرج الاوليات عند الدول والمؤسسات المعنية ووضع البحوث العلمية في المقامات الاخيرة ، وهذا العائق يستدعي تغيرا في ذهنية التخطيط اذ يجب زرع ثقافة الزامية البحث العلمي وضرورته عند اعداد الموازنات المالية على مستوى القطاع العام واعتبارها بمنزلة دفع الرواتب والمستحقات وتعلو على الاعتمادات المخصصة للتشغيل العادي والترميم ووضعها بمقام البنود المخصصة للتجهيزات، لان لا تقدم بلا بحوث علمية جادة وحقيقية ولا بحوث علمية بلا اعتمادات مالية ومادية متوافرة، ولا الاثنان يتوافران ، بلا نظرة جادة وعناية خاصة باهمية البحث العلمي.

 

كل الموازنات التي توضع في تصرف مؤسسات الدولة واداراتها او تخصص لها تأتي على سبيل الذكر وخجولة جدا ووفق نظرية الامور الاساسية والضرورية وبين الامور المؤجلة والمتروكة لحسن الطالع والقدر اي لا مكان لها بين العشر الاوائل والعشر الاواخر في معظم الدول العربية تتدنى موازنة البحوث بحيث اصبحت كسرا عشريا في المئة او اقل بكثير من الموازنة العامة  (30) .

 

هذه الثقافة دمرت وستدمر ما تبقى لنا من مؤسسات وادارات .

 

والطامة الكبرى في النظرة الى اهمية الابحاث اذا ما تم السعي لتخصيص اعتمادات للبحث العلمي يتعلق بالبرامج التعليمية والثقافية والاعلامية وتطويرها ، قد يكون مرد ذلك ان الربحية السريعة غير متوافرة وانها ساقطة الاهمية والاولوية ودائما من منطلق ان مردودها بطىء وغير مجد على المدى القريب والمتوسط .

 

اذا اردنا ان نطبق قانون الجامعة اللبنانية وتحديدا المادة الاولى منه ، فعلينا ان نتوخى او نسعى لتأصيل القيم الانسانية في نفوس المواطنين ومدخل ذلك هم اساتذتها وطلابها وتحقيق اهدافها المتعلقة بتعزيز قدرات اساتذتها ومهاراتهم  وتعميق مداركهم ومعارفهم العلمية والتعليمية ، ومنح طلابها فرص اكتساب المهارات اللازمة وتعلم التقنيات المتقدمة واتاحة سبل الاطلاع  والتدرب على اختصاصاتهم بشكل مستدام ومستمر يمكنه من التأثير في صناعة المستقبل والعيش وفق متطلبات العصر ومجارات التطور العلمي في اطار تعليمي بحثي وابداعي .

 

المطلوب اعادة الاعتبار الى تنمية الفكر الابداعي من خلال عمليات البحث العلمي لتحقيق الاهداف المرجوة القائمة على الربط بين المناهج التربوية والتعليمية  والاعلامية وميادين العمل بما يخدم نمو المجتمع وافراده وتعزيز رفاهية الانسان وكل انسان .

 

وان الجامعة اللبنانية بشكل عام وكلية الاعلام بشكل خاص ، بحاجة ماسة الى تصويب الهدف نحو تعزيز البحث العلمي في تطوير المناهج التعليمية وتقريب المسافة مع حاجات وسائل الاعلام ، على وقع التطور التقني والمعرفي المتسارع بشكل هائل …

 

وكل ذلك يتمحور حول تطوير قدرات المتعلم وتنميتها بشكل فعّال قابل للانخراط في ميادين العمل الاعلامي المتسارعة التغيير في الادوار والوظائف. من هنا يجب ايلاء الاهمية القصوى في عمليات تكوين التمهيد للفرد واعداده من اجل مهنة او حرفة ما ، او اكتساب مهارة ما ، داخل المجتمع ،على قاعدة ان عمليات التربية الاعلامية ترتبط بالطالب الذي تعده للمجتمع ومتطلباتها تخضع لمتطلبات العصر الذي يعيش فيه .(31) .

 

بينت  عدّة دراسات  ان خبرات التعلم في وسائل الاعلام الرقمية تقدم للمتعلمين المتنوعين بيئة اجتماعية وغنية وتفاعلية مع الاتصال المفتوح ، والاثارة والجذابٍ للتعلم وتدعم الحد الاقصى من مهارات الفهم  لتعلم المحتويات الاكاديمية (32).

 

التعليم اذا كان نظريا وتلقينا قد يقتصر على جمع المعلومات والمعرفة من دون اكتساب الخبرات والمهارات وهذا ما يتعلمه البعض في المدارس والمعاهد والجامعات . المطلوب هو ايجاد الوسائل والقدرة والتمكين للاستفادة مما يدرسه الطالب خلال فصول الدراسة وما يمكن القيام به خلال اداء عمله ،

 

التمكين حسب طلال عبد الكريم مدير التدريب الاعلامي في مركز الجزيرة للتدريب والتطوير / قطر ، هو اعطاء للعاملين الثقة ورفعها الى مستويات اعلى “اذ لا يمكن ان يقضي طلبة كليات الاعلام اربع سنوات من دون ان يروا كاميرا او ميكروفون او ان يدخلوا الاستديو (33) .”

 

بعض الجامعات الخاصة حاولت ادخال مادة التربية الاعلامية الى برامجها في اقسام الاعلام بشكل محدود ولكنها بقيت ضمن الاطر النظرية في الاستراتيجية التربوية مثل جامعات اللويزة والحريري والاميركية ، والاخيرة انشئت فيها اكاديمية التربية الاعلامية والرقمية بمبادرة من برنامج الدراسات الاعلامية بهدف تطوير مهارات الاساتذة الجامعيين ومعلمي المدارس والطلاب والخريجين في المنطقة العربية ، والمساعدة على ادراك اهمية التربية الاعلامية والرقمية ومسؤوليتها في نهضة الاعلام العربي والتعليم الجامعي في المنطقة (34) .

 

وعليه العلاقة بين التربية والتعليم من جهة ، و التنمية من جهة اخرى علاقة تبادلية تشاركية نفعية تتولى جوانب روابطها الابرز وسائل الاعلام والتواصل الحديثة ، ولا يمكن ان تستقيم هذه العلاقة  بلا اعلام ، ولا يمكن ان يستقيم اي امر في سياق تعزيز رفاهية الانسان من دون توافر هذين المجالين وتكاملهما .

 

ان عمليات التربية والتعليم في جانبها الاعلامي تشكل القاعدة المركزية لتنمية الافراد والشعوب . وان التنمية اذا استثمرت في مجال التربية عبر الاعلام قد تؤدي الى نتائج ايجابية ومهمة في سياق اعداد الفرد وتطوير المجتمعات .

 

وعليه ينصب الاهتمام على التربية انطلاقا من مدى مساهمتها في التنمية بشكل عام والتنمية المعرفية بشكل خاص انطلاقا من تعزيز الكفاءات البشرية التي تسهم في تطوير المجالات المالية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية الى جانب المجالين التعليمي والتربوي وتأمين احتياجات المجتمع والافراد الاساسية والضرورية .

 

” ان التعلم لا يكون تعلما الا اذا ادى الى تكيف المتعلم وتطوره وتغيره ومواقفه ومهاراته ومقدراته ومهماته ” (35).

 

ان النظام التربوي المتعدد الوسائل والاساليب بالتآزر مع الاعلام الفاعل ، يشكل مجالا حيويا في تطوير المجتمع وتقدمه ونمائه ويرتكز على اهمية النظرة الى الاقتصاد التربوي ومكانته في سياق التنمية الشاملة ، لان الاستثمار في التربية والتعليم استثمار طويل الاجل وذو ربحية كبرى تتعدى الاستثمار المالي المباشر الذي يقوم على الربحية المباشرة التي تهدف معظم وسائل الاعلام والتواصل الى تحقيقها.

 

في التربية والتعليم المعرفي  ترصد الدول المتقدمة والهيئات البحثية الجادة الاموال الضخمة والاعتمادات الكبرى لجهة دفع التكاليف المرتقبة ان كانت لجهة دفع الرواتب والاجور او لجهة تأمين وسائل التعليم ووسائطه ، فضلا عن النشاطات التربوية والتثقيفية ولا سيما مع التطور التقني .

 

قد يشكل اللجوء الى وسائل الاعلام في العمليات التربوية والتعليمية توفيرا للاعتمادات المالية المطلوبة والمخصصة  لنمو المجتمع ، الا ان ذلك لا يغير كثيرا المعادلة الربحية المباشرة التي لا تتوافر في التربية كعائد مادي سريع آني بل تتأتى من خلال تنمية مجتمع متعلم وواع ومثقف ذي جودة عالية تعطى نتائجه من خلال الاجيال الآتية . ولكن هذه المعادلة مشابهة تماما للنظرة الى الربحية غير المباشرة والتي تأتي على المديين المتوسط والطويل مما يرصد لحساب الامور الامنية والدفاعية من اموال طائلة تدفع كبدلات رواتب واجور وتسليح وتجهيز تظهر نتائجها الايجابية من خلال الاستقرار الامني والعسكري والاقتصادي والسياسي التي يتنعم بها المجتمع . بمعنى ان الدول ترصد مبالغ كبيرة للتسلح وبناء الجيوش والوحدات العسكرية والامنية بهدف اتاحة الامن والاستقرار وتوفيرهما من اجل تأمين الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتعزيز مناخ  الرفاهية والبحبوحة ، الا ان الربحية لا تكون مباشرة ولا تتأتى مباشرة ، بل من خلال استقرار الاوطان وتأمين الطمأنينة للاجيال الجديدة والدفاع عنها ، عندها النتائج تظهر بقوة بالرغم من التكاليف الباهظة.

 

ان التربية والتعليم تقومان على الاستثمار في اعداد النشء والاجيال المقبلة بالرغم مما تدفعه الدول والمؤسسات من تكاليف مالية وترصده من اعتمادات ، تكون ربحيته لاحقة ، ومستقبلية  تظهر نتائجها في مجتمع متطور يؤسس الاستثمار في الامكانات  البشرية وطاقاتها بشكل علمي ومدروس ويقوم على الاستفادة الكلية من وسائل التوصل والاعلام والمعرفة . والموضوع ليس قائما على الربحية السريعة والمباشرة كما دأبت عليه نظرة القيمين على الاعلام التقليدي .

 

ان جودة التعليم وتحسن المستوى التربوي للافراد والجماعات يقومان على التكافل مع الاعلام وحسن استخدامه واستثماره ووفق مناهج واقعية تستمد اسسها من متطلبات المجتمع ، ما يسهم بقوة في نمو المجتمع والجماعات وهذا يتطلب رعاية وعناية وتخطيطا علميا في عملية صناعة النظام التربوي الفاعل والمثمر ويترافق ذلك مع تطوير العلوم والمعارف وفق تخطيط تربوي سليم يعتمد تقويما مستمرا لتحقيق الاهداف المرجوة التي تسهم في النهوض والتقدم والتطور والنمو الاجتماعي الانساني بما يتكل بشكل جوهري على وسائل التواصل والمعرفة والاعلام .

 

ان النظام الاجتماعي المتفاعل مع محيطه وبيئته  يقوم على المدخلات inputs التي يرفد المجتمع بها المؤسسة التربوية التي تخضعها لعمليات تربوية educational processes  ثم تعيدها المؤسسة كمخرجات out puts  اي ان القيم والمعلومات والاهداف والقوى البشرية والاعتمادات المالية ( المدخلات ) تمرر بالعمليات التربوية من خلال التعليم والتعلم للعنصر البشري وفق تقنيات تعليمية وبرامج واجهزة وانشطة تتم اعادتها كعناصر بشرية مؤهلة ومدربة بمهارات عقلية ومهنية قادرة على التعامل مع المجتمع ومحيطه وبيئته ، مزودة القدرة على التحليل والتقويم والابداع والابتكار والاختراع والاتصال (36).

 

بموازاة ذلك ،غدت وسائل والتواصل والاعلام جزءا اساسيا من حياة الناس والمجتمعات والافراد وأضحت العنصر المعرفي الاول في تكوين الثقافات بعد تداولها والعادات والتقاليد ونشر المفاهيم حتى دخلت تفاصيل حياتهم اليومية ، نظرا لوفرة المعلومات المتاحة والتي يمكن ان يتعرض لها الافراد والجماعات . وعلى الافراد ان يستخدموا المعلومات من مصادر عدة ، كي  يصبحوا قادرين تكنولوجيا ويستطيعوا المقارنة بين هذه المعلومات ويقدّروا دقتها وصدقيتها . وهذا يستدعي من كل فرد نشاطا فائق الجودة ، والقيام بمتطلبات بحثية ضخمة ، ويقضي وقتا كثيرا، ويصرف طاقة كبيرة في البحث عن المعلومات التي تتيح له تكوين رأي متنور حول رهانات المجتمع وتحقيقها . (37) وهذا يحتاج الى وسائل متطورة وقادرة على تلبية الحاجة المعرفية.

 

ومن الضروري ايجاد مناهج مرنة تدخل في صلبها النصوص العلمية والتكنولوجيا لاكتساب المعرفة .ويذهب غسان مراد الى ضرورة تبسيط النص العلمي الذي يمتلك وزنا في نشر المعرفة ودورها في التفاعلات الاجتماعية وعمليات اتخاذ القرارات وبناء مجتمعات ترتكز على المعرفة العلمية لا على الخطابات وان العالم العربي يعاني مشكلة في التعليم وبخاصة  تعليم التقنيات واليات البحث العلمي (38) التي تبرز من خلال ضآلة مساهماته العلمية الاصيلة في مواكبة التطور السريع للعلوم والتكنولوجيا في مراكزه العلمية المتألقة (39).

 

وبالتالي للاعلام دور مركزي وجوهري في تعزيز التنمية الاجتماعية، وهو الاطار الابرز في طرح القضايا وعرضها ومناقشتها ويدفع الى تعزيز المشاركة في مقاربة هذه القضايا والامور مثل الحقوق والواجبات وفي عمليات التوعية والارشاد ومحو الامية والبطالة وجودة التعليم والمسارات الاجتماعية والتربوية والعلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية، والمساهمة في العمل التشاركي العام بين المجتمع وافراده وبين المجتمع وجماعاته، وبين السلطات، والادارات والمؤسسات العامة وبين المجتمع، وبين القطاعين العام والخاص للمشاركة في حل القضايا والمشكلات المجتمعية المطروحة على قاعدة” اعرف جيدا وقرر جيدا “.

 

اذا الاعلام بوسائله المختلفة وانواعه المتعددة رديف لتنمية الانسان وظهير لها .

 

ان الامم المتحدة عندما اطلقت خطة التنمية المستدامة ارتكزت على دور الاعلام في تنفيذ هذه الخطة ومواكبتها انطلاقا من شرعة حقوق الانسان وميثاق الامم المتحدة ولا سيما حق الانسان في التنمية وفي ثقافة السلام ونبذ العنف ، ولا ننسى دور الاعلام بشكل عام في نبذ التمييز العنصري على اساس اللون والدين والجنس واللغة والاعتقاد ، ولا ننسى ايضا دور بعض الاعلام في اشعال الضغينة وتوسل العنف الكلامي واللفظي واثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعنصرية . وهي عوائق كبيرة امام تطور المجتمعات ونمو افرادها .

 

اذا اقتصر التركيز على دور الاعلام في عمليات التنمية المستدامة من خلال مجالي التربية والتعليم فان حجم العلاقة يظهر من اهمية النتائج المترتبة ، من دون ان نتردد في الاقرار بان التربية اشمل من التعليم واعّم  ، وان مفهومها اعمق من مفهوم التعليم انطلاقا من ان التعليم جزء من التربية يختص بالتدريس ويتصل بالمعرفة المنقولة للفرد ان كان ضمن الجدران الصفية او خارجها او عبر ال online  . ان التربية تعد الانسان للحياة وتتلاقى مع التعليم بانواعه المختلفة  .

 

ان الحياة هي التي تعلم الحياة وتعد للحياة (40) ، والتطور التقني احدث تغييرات في نظم العمل وافرز العمل الجماعي التشاركي ، فسقطت الجدران في قاعات التحرير وظهرت الفضاءات المفتوحة open spaces.

 

المصادر والمراجع

 

(1)- The International  Bill  of  Human Rights ، 10/12/1948

 

(2)- تقرير الامم المتحدة تحت “عنوان لنشكل مستقبلنا معا “.

 

(3)- المصدر السابق

 

(4)- فتحية الدخاخني ، كليات الاعلام المصرية لمواكبة الرقمنة عبر تحديث المناهج ، جريدة الشرق الاوسط ، الرياض، 19/10/2020، ص20.

 

(5)- المصدر ذاته

 

(6)-  DAN  F.HAHN, political communication  Rhetoric, Government, and citizen , stara publishing , inc. state college, Pennsylvania, second edition ,2003 , p 196

 

(7)- فتحية الدخاخني ، كليات الاعلام المصرية لمواكبة الرقمنة عبر تحديث المناهجة ، مصدر سابق .

 

(8) ـ المصدر ذاته .

 

(9) ـ غسان مراد ، دهاء شبكات التواصل الاجتماعي وخبايا الذكاء الاصطناعي ، بيروت ، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ، 2019 ، ص40.

 

(10)- المصدر ذاته ، ص31

 

(11) ـ اتحاد اذاعات الدول العربية ، المؤتمر  الاول للاعلام العربي 29 اكتوبر 2021 ، تونس ،2022 منشورات اتحاد اذاعات الدول العربية ،ص86.

 

(12) ـ الدكتور حسين امين ، ” الذكاء الاصطناعي وبرامج الاعلام وتعليم الصحافة في العالم العربي ، الفرص والتحديات ، العالم اليوم ، القاهرة ، تاريخ 19/6/2023،

 

(13) ـ اتحاد اذاعات الدول العربية  ،المصدر سابق ، ص 87.

 

(14)ـ فتحية الدخاخني ، كليات الاعلام المصرية لمواكبة الرقمنة عبر تحديث المناهج . جرلايدة الشرق الاوسط، الرياض، 19/10/2020، ص20.

 

(15) ـ المصدر ذاته .

 

(16)- المعاني الجامع –  معجم عربي عربي .

 

(17)- ابن منظور  : لسان العرب ، بيروت ، دار احياء التراث العربي . مؤؤسسة التاريخ العربي . ط (3) 1999 ، باب النون : مادة النهج ، الجزء 14 ، صفحة 300.

 

(18) – روحي البعلبكي ، المورد الثلاثي ، قاموس ثلاثي اللغات : عربي – انكليزي – فرنسي ، بيروت ، دار العلم للملايين ، الطبعة الاولى ، 2004 ، ص 1756 ،

 

(19) – محمد بدوي ، المنهجية في البحوث والدراسات الادبية ، تونس ، دار الطباعة للمعارف والنشر ، صفحة 7.

 

(20)ـ اتحاد اذاعات الدول العربية ، المؤتمر الاول للاعلام العربي 2021/2022 المصدر ذاته ، ص 94.

 

(21) ـ المصدر ذاته ، ص97.

 

(22) –  موقع جامعة بيرزيت   Birzeit . edu……………..

 

(23)- فاروق البوهي ، الادارة التعليمية والمدرسية، القاهرة ، دار قباد للطباعة والنشر والتوزيع ،2001 ، ص11   ـ المصدر ذاته ، ص 11.

 

(24)- المادة الاولى من المرسوم رقم 2356 تاريخ 10/12/1971 . ( مشروع قانون صادر بمرسوم )

 

(25) – المادة الثالثة من المرسوم رقم 20227 /1997.

 

(26) – القانون رقم 75 ، تاريخ 16/12/1967

 

(27) – المرسوم رقم 9333 ، الصادر بتاريخ 11/10/1969

 

(28) – ايت قاسي ذهبية ، تشريعات الأعلام الإلكتروني في الجزائر قراءة سوسيو – إعلامية ، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية volume 5 numéro 2 06/06/2022 الجزائر ص 140

 

(29)- المصدر ذاته .

 

(30)- غسان مراد ، دهاء شبكات التواصل الاجتماعي وخبايا الذكاء الاصطناعي،بيروت 2019 شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ، صفحة 43

 

(31) منى طوق ، دور التربية الاعلامية في تنمية المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية وتعديل مفهوم الاتصال الاعلامي لدى المتعلم ، المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية لوسائل الاعلام والاتصال ، الملتقى السابع بمشاركة كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية 26ـ 28 ت2 2024، بيروت ، دار النهضة العربية ، ص 166.

 

(32)ـ محمد بن سليمان الصبيحي ، اتجاهات النخب الاعلامية والتربوية  نحو اقرار مادة التربية الاعلامية في التعليم ما قبل الجامعي ، المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية لوسائل الاعلام والاتصال الملتقى السابع بمشاركة كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية 26ـ28 ت2 2024 ، المصدر ذاته ، ص242.

 

(33)ـ اتحاد اذاعات الدول العربية ، مصدر سابق ، ص89.

 

(34)- منى طوق – دور التربية الاعلامية في تنمية المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية وتعديل مفهوم الاتصال الاعلامي لدى المتعلم …، مصدر سابق ،ص168

 

(35)ـ حنا غالب ، التربية المتجددة واركانها ، بيروت ، 1965 ، مطبعة عيتاني الجديدة ، ص366.

 

(36)ـ فاروق البوهي ، الادارة التعليمية والمدرسية ،القاهرة ، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 2001 ، ص70.

 

(37)- نهوند القادري ، كوابح التغيير الخارجية في بنية المنظومة الاعلامية والاتصالية الراهنة ، مؤتمر نظمته كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت 2017 . الطبعة الاولى ، صفحة 25 .

 

(38)- غسان مراد ، دهاء شبكات التواصل الاجتماعي وخبايا الذكاء الاصطناعي ، مصدر سابق ، ص 40

 

(39)- المصدر السابق ، ص 42.

 

(40)ـ صالح عبد العزيز و عبد العزيز عبد المجيد ، التربية وطرق التدريس ، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الخامسةعشرة ، 1982 ،ص 331.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى