دلال عباس.. منارة عاملية (محمد ع.فضل الله)
بقلم محمد عبد الله فضل الله
على قدر المحبة يكون الإعتذار منبجساً من نعمة التقدير على كثير العطاءات بوجه خاص ،إذا كانت الحيلة لا تسعف والمداد من الكلمات لا تعين على إيفاء الحق .
صاحبة القلب الكبير والهمة العالية التي تميزت بصلابة الإرادة وتزينت بعنفوان النفس وحملت في صدرها قلق المعرفة، فلم يشغلها شيء عن أداء الأمانة، فكانت الخبيرة التي أتقنت فن البحث والتأصيل للأدب والحضارة ،عربية وفارسية ،وقبل هذا وذاك توالدت من يراعها لغة الجمع بين العقل ونفحات الروح ،فأجادت من خلال ما قدمته من خدمات جليلة بحثية، وهي التي اتصفت بالآفاق الرحبة التي جعلتها متحررة من ضغوطات المقيدات أو الإلتزامات التي لم تجلعها مؤطرة أو منحازة بل الباحثة عن الحقيقة وحدها.
الدكتورة الفاضلة دلال عباس التي كرمت مؤخراً في قاعة المكتبة الوطنية بحضور شخصيات ثقافية واجتماعية، هي فوق حدود التكريم على أهميته، فهي المكرّمة قبل كل شيء عند ربها عندما فتحت عيناها على قوله تعالى ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أتوا العلم درجات) وعملت وجاهدت وتدرجت في طلب العلم .
لم تعش العلم أنانية منغلقة، بل كانت الكريمة التي أحست بمسيس حاجة مجتمعها إليها، وفهمت مدى تكليفها في زكاة العلم عبر إنفاقه .
هي المتفجرة حضورا والمتدفقة إنسانية في تواصل متناسق مع محيطها القريب والبعيد مسكونة بتأمل وقاد وهادف نحو بناء حضاري أصيل يجمع ولا يفرق .
في كتبها وأبحاثها تعثر على مشروع ورؤى تسعف الواقع وتحاول لفه بلغة دافئة تبرز جوهر المعنى في استشراف متقد للمستقبل ، فليست الحضارات إلا تراكمات من لحظات إبداعية أصيلة تمكث في الأرض وتُذهب الزبد.
هي العاملية المجاهدة المعطاءة التي تلبست لبوس التواضع والصبر والتضحية، مؤمنة بأن عبير الكلمات كفيل بأن ينشر روائحة الفريدة الطيبة على مساحة الأرض، وسيجد يوما من ينفتح على آثاره ليستزيد منها ويستلهم دامث فيوضاتها ،وكل الأمل في أجيال تتعلم من كبارها وتكبر بهم لتكون كبيرة هي الأخرى في زمن الصغار والتصاغر ..