بقلم د. فلاح الحسن* – بروكسل
انضمام إقليم الدونباس وزبروجيا وخيرسون الى الأراضي الروسية ،قد يكون الحل المر بالنسبة لأوروبا والذي يلوح في الأفق لإنهاء الحرب الدائرة هناك، فقد يرضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويظهره بهيئة المنتصر بتحقيق الحد الأدنى من أهدافه في أوكرانيا ،ويمكن ان تقبله أوروبا على مضض، وتكون قد حافظت على كييف من السقوط بيد الجيش الروسي.
قد لا يتوفر هذا الحل مستقبلاً قبل اندلاع حرب لا تبقي ولا تذر تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة المتاحة ودخول الجيش الروسي بكافة قدراته بعد اعلان التعبئة الجزئية، لان موسكو لن تخسر الحرب لوحدها، كما يؤكد الكثير من قادتها. وفي حال استمرت استفزازات أمريكا وخلفها أوروبا بإرسال مزيد من الأسلحة المتطورة وبمديات ابعد من الموجودة حالياً لدى الجيش الاوكراني فهي مخاطرة غير محمودة العواقب ،ولن تجدي نفعاً مع الإصرار الروسي لأن ساستهم مؤمنون تماماً بان الخطوة اللاحقة للناتو هي تقسيم البلاد الى دول متناحرة والسيطرة على مواردها الطبيعية وابعادها عن الساحة الدولية وتامين مصادر الطاقة الرخيصة لأوروبا، وكذلك استمرار التحكم بأسواق النفط بعد القضاء على منظومة (“أوبك بلس” بقيادة موسكو والرياض) التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، واعادتها الى ما كانت عليه من ضعف في تسعينيات القرن الماضي. وما حدث في مناطق القوقاز ليس ببعيد ودعم واشنطن الواضح للقوى الانفصالية هناك.
ومن جانب آخر فان محاولات واشنطن البقاء قطباً اوحد متربعة على قمة السياسة الدولية وتتحكم بمفاصلها، يشبه العجوز التي تحاول ان تحافظ على بقايا شبابها بعمليات التجميل والشد والترقيع لاستمالة أوروبا المرتبطة مع روسيا جغرافيا واقتصادياً بعقود الطاقة والموارد الطبيعية الأخرى، سيجعل الوصول الى حل امرأ بعيد المنال على المدى القريب.
إن عدم الاتفاق على وقف إطلاق النار والاكتفاء بالمتحقق على ارض المعركة سيعقد الأمور أكثر وسيجعل استمرارها كارثة للطرفين لأسباب منها:
– عدم توفر كميات كافية من الأسلحة والصواريخ الذكية يزيد من الخسائر الروسية في صفوفها وخاصة القوة الجوية – ارسال أمريكا أسلحة متطورة مضادة للطائرات والصواريخ وبالخصوص أنظمة التقاطع غير معلن عنها، بحسب بعض المصادر العسكرية – ظهور بعض حالات التذمر ورفض الانضمام للقوات المسلحة لدى المشمولين بقرار التعبئة الجزئية.
– احتمال موافقة المانيا على تزويد كييف بدبابات “ليوبارد” بسبب الضغوط الهائلة من بعض دول حلف “الناتو” بعد نفاد المتوفر من الدبابات لديها من دبابات “72 T” – اضطرار الامريكان الى ارسال المزيد من جنودهم المتقاعدين او غيرهم تحت غطاء متطوعين أجانب لإدارة الحرب وتدريب الجنود الاوكرانيين على الأسلحة التي ترسلها واشنطن وكذلك ادامتها.
بالمقابل ستعول موسكو بشدة على سياسة النفس الطويل وقدرتها في جر أوروبا الى الساحة الصراع التي تجيدها بانتظار:
البرد المبكر- السلاح الروسي الأبرز في المرحلة القادمة.
وصول اليمين المتطرف الى سدة الحكم في أوروبا إمكانية شق الصف الأوروبي تدهور اقتصادي واغلاق المصانع بسبب التضخم.
إدراك الشارع الأوروبي انه أصبح أداة بيد واشنطن لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية للبقاء القوة الأولى عالميا رغم الصعوبات التي تواجهها الدول الأوروبية اقتصادياً وسياسياً.
نفاد المتوفر من الأسلحة عند الدول الرئيسة الممولة للجيش الاوكراني واضطرارها لاستخدام الخزين الاستراتيجي ما يؤثر على وضع جيوشها الوطنية استمرار الدعم الصيني والهندي غير المباشر لروسيا
كل هذه العوامل مجتمعة ستحدد شكل الحل والنهاية المتوقعة للحرب القائمة على المدى القريب في اقل تقدير، اذا استبعدنا استخدام الأسلحة النووية التكيكية، فهل سيطيح سيف البرد برأس أوروبا ام سيرتد على حامله في مقتل؟
* عضو مركز المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات/ بروكسل