خمس وحدات قياس للحكم على مجموعات السلطة السورية الجديدة (حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز
بإستثناء من عميت بصيرته بحقد دفين، أو استعجل الرأي لخفة أو لمنفعة أو لأمر عمليات خارجي، فإن الحكم على المجموعات التي سيطرت على السلطة المركزية في سورية يجب أن يخضع إلى خمس وحدات قياس. وفي ضوء النتائج يعلن الموقف النهائي سلباً أن ايجاباً.
وحدة القياس الأولى: هل ستمنح هذه المجموعات حرية للشعب السوري، أكثر مما كان متاحا له زمن حكم الاستبداد المدني؟
الوحدة الثانية: استطراداً، هل يمكن لمثل هذه المجموعات أن تعلن توقيتا أو مهلة زمنية لإنتخابات حرة ونزيهة كي يختار الشعب السوري قيادته ومن يمثله؟
الوحدة الثالثة: هل ستقدم هذه المجموعات برنامجها لترسيخ عدالة اجتماعية أكثر مما كانت تقدم السلطة البائدة؟
الوحدة الرابعة: هل ستحافظ هذه المجموعات على وحدة الأ راضي السورية وتدافع عن السيادة السورية وعن استقلالها عن سطوة الدول المحيطة والمقررة إقليمياً ودولياً؟
وحدة القياس الخامسة والأخيرة: هل لنا أن نقرأ في السجل العدلي لقادة هذه المجموعات أو السجل الجنائي؟
قبل الاطلالة السريعة على ملامح أجوبة افرزتها المرحلة السابقة لا بد من التأكيد على بعض المؤشرات:
– أن بعض من رقص لسقوط نظام حزب البعث، إنما رقص ودبك لأنه فرح لانهيار سورية وليس النظام فحسب. فرح لأنه جزء من منظومة إقليمية ترغب في تقسيم سورية، وإضعافها إلى أبعد حدود وذلك لصلة بمشروع الشرق الأوسط الجديد. لو كان الرئيس السابق لسورية بشار الأسد قد تعامل ايجابيا مع فكرة المشروع ووافق على التطبيع والتنازل عن السيادة السورية للجولان ربما، ما كان حصل ما حصل وما كانت قامت المجموعات المسلحة.
– بعص الفرحين والمنتشين، اندفعوا برغبة الثأر رغم اعلانهم مرارا سابقاً أنهم سامحوا وتصالحوا! ورغم أن علاقتهم بالنظام السوري العميقة (اللاحقة لعملية الاغتيال) قد نتج عنها العديد من محطات التعاون المشترك، التي شهدت في بعض فصولها “وحدة دم” بينهم وبين عناصر وضباط الجيش العربي السوري، في العام 1982 خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان، وما تلاها في حرب الجبل التي خاضها الحزب التقدمي الاشتراكي ومعه أحزاب وطنية لبنانية وفلسطينية ضد ميليشيات القوات اللبنانية التي دخلت الجبل وارتكبت مجازر بغطاء من قوات الاحتلال. حينها فتحت مخازن الجيش السوري لجيش التحرير الشعبي – قوات الشهيد كمال جنبلاط. وطوى الدم المشترك أخطاء ارتكبت من كلا الطرفين… كما بينت مراجعات نقدية لكلاهما.. لكن العقل الثأري يبدو أنه بقي طاغياً. ربما السبب هو حسابات جديدة مرتبطة بالتوازنات الاقليمية الجديدة! والله أعلم.
في العودة إلى وحدات القياس:
– الاستبداد المدني نقيض مطلق للحرية.. أما مع الاستبداد الديني فصفر حرية، وصدق الفنان عابد فهد في قراءته حيال مخاطر التمسك الأعمى بالسلطة.
– تحرير الأسواق لا يعني بالضرورة عدالة إجتماعية، بل فتح المجال للميسوريين بالعيش، أما الفقراء فلهم المعونات أو المخصصات من بيت مال المسلمين.
– لم نقرأ حتى اللحظة أي موقف يندد بالاجتياح الاسرائيلي لأراض سورية جديدة، والعدو صار على أبواب الشام وبعض رموزه في داخلها.
– كما تقسمت ليبيا وكما تشظى العراق، ها هي سورية تنازع بين مجموعات مسلحة إسلامية تجاهر بولاءاتها الخارجية. حبذا لو سمعنا أن برهان غليون مثلا، كان ضمن التشكيلة الحكومية الانتقالية أو غيره من الليبراليين الغيارى الذين اختفى اثرهم بعد تسلم الاسلاميين الحكم.
– أما عن السجل العدلي – الجنائي فمشاهد دفن سيدات عراقيات وسوريات أحياء لا زال ماثلا أمامنا. وكذلك حرق الرجال وهم احياء، أو إغراقهم في الأنهر وهم أحياء..
– ربما بعض عمليات الثأر مبررة في لحظة فوضى عارمة، لكن ما شاهدناه خلال الأيام القليلة الماضية من قتل مفرط واغتيال علماء وفرض لبوس وإلزام بعدم الاختلاط من دون محرم، إنما هو سجل لا يبشر بنعمة نظام ديمقراطي بديل يطمح اليه كل مواطن عربي سوري حر.
كان ثمة إجماع على وجوب رحيل نظام انتهت فاعليته وفقد مشروعيته، لكن لا إجماع على النموذج الجديد للحكم، ما يفتح المجال أمام التنبؤ بمستقبل قاتم لسورية، والأمة العربية جمعاء.