خطاب اليسار الفرنسي في الانتخابات الرئاسية(د.أحمد عياش)
د. أحمد عياش – الحوارنيوز خاص
ما تحاور اثنان من اليمين الفرنسي أكان تقليديا أم متطرفا الا وكان موضوع الناتو والهجرة والاجانب وخطر الأسلمة حديثهما ،والمزايدة على بعضهما بحلولهما العنصرية والعنفية ،وكأنّ اللافرنسي الاصل منذ أكثر من مئة عام مسؤول عن ازمة فرنسا الاقتصادية والاجتماعية، بينما تميّز مرشحو اليسار الفرنسي بخطابهم الهادىء والعقلاني وبمقاربتهم العلمية للأحداث وللمخاطر ،وفي مقدمتهم جان لوك ميلانشون رئيس حزب فرنسا الأبية المولود في طنجة(المغرب) من والدين اسبانيين ،والآتي من رحم المنظمة الاشتراكية الدولية (قبل 1977)ثم الحزب الاشتراكي (1977) ثم جبهة اليسار(2008) وصولا الى تأسيسه حزب فرنسا الابية(2016).
في الوقت الذي يعتبر فيه مرشحو اليمين المتطرف امثال ايريك زمور(حزب استعادة الدولة) ومارين لوبن(التجمع الوطني) ان التنوع الثقافي ظاهرة اجتماعية واقتصادية مدمرة للمجتمع الفرنسي، وجب تذويب كل الثقافات فيه ضمن خطوط الثقافة الفرنسية ،يستخدم اليساري ميلانشون مصطلح الcréolisation ما نترجمه نحن كثقافة متحوّرة ايجابياً .والمصطلح يشير كما فهمناه الى ان التقدم والتطور يأتي نتيجة انصهار الثقافات المتنوعة والمختلفة لتولد ثقافة متحركة تدفع الى النمو والتطوّر والتقدم وتمنع الركود المعرفي والثقافي والاجتماعي دون خسارة الهوية الشخصية للثقافة الامّ وصاحب مصطلح الثقافة المتحوّرة ايجاباً وفق ترجمتنا هو ادوارد غليسان.
شدّد ميلانشون في حملته الانتخابية على ان الاقتراع مسؤولية أخلاقية بالدرجة الاولى معتبرا كلامه تحذيرا يجب تذكره فيما بعد، و واعداً الفرنسيين بحال انتخابه في العبور من الجمهورية الخامسة الى الجمهورية السادسة كما يعتبر ميلانشون من مؤيدي فكرة انسحاب فرنسا من الحلف الاطلسي(ناتو) وينتقده منافسوه انه صديق الديكتاتوريين .
في خطابه الانتخابي وعد رئيس حزب فرنسا الابية برفع الحدّ الادنى للأجور وبتحديد سن التقاعد ب 60عاماً، بينما المرشح ايمانويل ماكرون الرئيس الحالي (رئيس حزب الجمهورية الى الامام)وعد بتثبيت سن التقاعد بعمر 65 عاماً وقد وعد ميلانشون ايضا بمنحة طلابية مقدارها 1063€.
يطمح جان لوك ميلانشون ان ينال الصوت الصالح او الصوت المفيد من باقي اليساريين اذ اعطته الاستطلاعات نسبة نيل 14% من اصوات الفرنسيين، بينما اليساريون الآخرون تعطيهم الاستطلاعات نسبا أقل من 5% مثل رئيس الحزب الشيوعي فابيان روسيل ونتالي ارتو رئيسة حزب نضال العمال ورئيسة الحزب الاشتراكي آن هيدالغو التي لم تعطها الاستطلاعات اكثر من 2% تماما كرئيس مناهضة الراسمالية فيليب بوتو و كرئيس حزب البيئة والخضر يانيك جادو.
يحاول رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل الصحافي من جريدة الانسانية L’ humanité الناطقة بإسم الحزب اعادة احياء روح الشيوعية في فرنسا الذي يستخدم عبارات بسيطة غير مركبة و واضحة في خطاباته وفي حواراته ولا يستخدم المفردات الدالة على نظريات ومفاهيم شيوعية قديمة ويعيش حياة متواضعة جداً كمعظم الفرنسيين. ومن بين الافكار التي يدافع عنها في حملته الانتخابية تقليص مدة العمل الاسبوعية من35 الى 32ساعة وزيادة راتب التقاعد الى 1200€ ووعد بسن تقاعد من العمل عند ال60 سنة .كما وعد باضافة 500 الف موظف الى الدولة خلال مدة الولاية الرئاسية اضافة لزيادة حد الادنى للاجور الى 1500€.
خطاب اليسار الفرنسي اقرب الى مطالب منتفضي السترات الصفر، واقرب الى حقيقة صورة ونموذح فرنسا المعروف عالميا عنها والتي عُرفت بالمساواة والعدالة والاخوة والدفاع عن حقوق الانسان، اي شعارات الثورة الفرنسية الخالدة والمؤثرة ايجابا في ثقافات الشعوب في العالم.
الاستطلاعات تقول ان ماكرون سيواجه لوبين في الدورة الثانية للانتخابات في 24نيسان، الا اذا حصل ميلانشون على الصوت اليساري او الفرنسي المفيد في الجولة الاولى في 10نيسان. ففي هذا الحال سيواجه ماكرون التي تعطيه الاستطلاعات حوالي 18-19% من الاصوات.