نحو قانون انتخابي وطني يساوي بين المقيم والمغترب (شكيب رمال)

د. شكيب رمال – الحوارنيوز
نحن في الاغتراب اللبناني بعامة والأفريقي بخاصة نعيش ونواكب التطورات في لبنان كما لو كنا مقيمين داخل لبنان، نحمل في قلوبنا حبا لا ينطفىء لوطننا الجريح لبنان ، وننظر بقلق الى ما تشهده الساحة اللبنانية من تعديات واخطار اقليمية ،يضاف اليها الخلافات حول عدة قضايا منها الية اجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في ايار القادم في ظل نظام لا يزال قائما على المحاصصة الطائقية والانقسامات السياسية .
وبعيدا عن الملفات السياسية بمعناها الضيق، نود تسجيل بعض الملاحظات على قانون الانتخاب والنقاشات بشأنه:
أولا: وبعد أن أقر الجميع بأن مختلف الإنتخابات النيابية التي جرت بعد اقرار وثيقة الوفاق الوطني (المعروفة باتفاق الطائف) ولتاريخه هي انتخابات مخالفة للدستور، كيف للمجلس النيابي أن يعود ويكرر مخالفة الدستور ويمعن في تكريس المذهبية في الحياة العامة بدلا من الشروع في تنفيذ من ورد في الدستور لجهة اجراء الانتخابات وفقا لقانون انتخاب وطني، (خارج القيد الطائفي). لقد نصت “الوثيقة” على انتخاب مجلس نيابي على أساس لا طائفي وعلى أن يستحدث مجلس شيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا الرئيسية. وقد تكرس هذا الأمر بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990.
ثانيا: ندعو الى تبني رؤية وطنية للإنتخابات داخل لبنان وخارجه، ونقترح من باب الحلول للمعضلة الآخذة بالتفاقم أن تحرر دوائر الانتخابات لغير المقيمين من التوزيع الطائفي وتترك حرة ترشيحا واقتراعا لتشكل نموذجا جديدا لما يجب أن يكون داخل لبنان.
لنخرج النقاشات من الحيز الطائفي السلبي الى الحيز الوطني الايجابي. إن الصيغة الواردة في القانون رقم 44 تاريخ 17/6/2017 وفيها سندا للمادة 111: “أنه يحق لكل لبناني غير مقيم على الاراضي اللبنانية أن يمارس حق الاقتراع” معطوفة على المادة 112 والتي تنص على “أن المقاعد المخصصة في مجلس النواب لغير المقيمين هي ستة، تحدد بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين، موزعين كالتالي: ماروني – ارثوذكسي- سني – شيعي – درزي، وبالتساوي بين القارات الست”، إن هذه الصيغة من شأنها أن تصدّر الانقسام الطائفي إلى الخارج. فإذا خُصص مقعد لأوروبا لطائفة بعينها، فهل يُطلب من باقي اللبنانيين تجاهل تلك الدائرة؟ وهل من المنطقي أن نزرع بذور الانقسام داخل مجتمعات اغترابية نجح اللبنانيون في بنائها على أسس العمل، والإنتاج، والمواطنة؟
وستفتح هذه الصيغة المجال أمام فساد مالي ليس بين الناخبين، بل بين المراجع السياسية في لبنان والمرشحين الطامحين!
وثالثا: كيف لنائب مقيم الكونغو (على سبيل المثال) أن يمثل مختلف الاغترابات على امتداد بلدان القارة الافريقية؟
وسط هذا الواقع الجديد، يبرز دور المغترب اللبناني ليس فقط كمشارك في الاستحقاق الانتخابي، بل كشريك فاعل في إعادة إعمار لبنان وتجديد بناه التحتية، من خلال شراكات استراتيجية بين القطاعين العام والخاص، مستفيدين من الخبرات والقدرات التي يمتلكها اللبنانيون المنتشرون حول العالم.
المغترب اللبناني مواطن له كامل الحقوق اسوة بالمقيمين ولا يجب التمييز بينهم بأي شكل من الاشكال.
وهو معني بالقضايا الوطنية، كما الاغترابية والاقتصادية، من هنا نرى أن تكون المعادلة كالتالي: كل نائب من نواب الأمة يجب أن يمثل الاغتراب ومن المعيب حصر هذه العملية بنواب ستة أو حتى ستة وستون.
أما المسائل المرتبطة إداريا بالمعاملات وتسهيل الاجراءات والحث على تسجيل الولادات فهذه وظيفة السلك الدبلوماسي بالتعاون مع المؤسسات الاغترابية الوطنية او الجهوية او القروية المنتشرة على امتداد قارات العالم.
* رئيس سابق للجامعة اللبنانية الثقافية – العودة إلى الجذور


