حماس.. بين التدجين والإجتثاث!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يستمر الهجوم الاميركي المضاد على حركات التحرر في المنطقة ،للقضاء على آخر صوت مناهض لمشروع الإستعمار الأميركي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في التسعينات، حيث تعلن الإدارة الأميركية حربها على حركات المقاومة، مع اختلاف اهدافها ومنطلقاتها. فبعضها ضد المشروع الاميركي بشكل مطلق، وبعضها يسبب الازعاج او ان مهمته قد انتهت والتي خدمت أميركا بشكل مباشر او غير مباشر، وبتنسيق مع اميركا او وفق تقاطع المصالح او الاهداف المرحلية ،وقد بدأت أميركا بإستراتيجية “الإجتثاث او التدجين” وفق الآتي:
– الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي : استطاعت تدجين “حركة فتح” التي تمثل عمود خيمة المقاومة الفلسطينية عبر إتفاقية “أوسلو”، وانتقلت الحركة من حركة مقاومة مسلّحة الى حركة-السلطة التي تعمل بالتنسيق الامني مع العدو !
– العراق: قامت اميركا بغزو العراق واجتثاث حزب البعث العراقي وحل الجيش العراقي التابع لنظام صدام حسين، واعدمت الرئيس العراقي بعد تعاون ودعم له في الحرب العراقية على ايران وتشجيعه على غزو الكويت، ثم القضاء عليه وعلى نظامه بعد انتهاء الحروب التي انهكت العراق و إيران والكويت وربحت اميركا وما زالت على كل المحاور!
– أفغانستان :تدجين حركة “طالبان” وتوقيع الاتفاقيات معها لاستلام السلطة في افغانستان وانتقالها للحضن الأميركي بعد صراع معها، والاحتفاظ بها كورقة يمكن استخدامها ضد ايران او روسيا في اللحظة التي تراها اميركا مناسبة.
– اجتثاث الأفغان العرب وقتلهم ومطاردتهم، والذين احتضنتهم ” القاعدة” وقائدها أسامة بن لادن الذي قتلته اميركا ثم اعادت تدوير المنتسبين لها لصناعة “داعش” و “النصرة” التي ما زالت اميركا تستثمرهما في سوريا والعراق ..
تستكمل اميركا بالتعاون مع حلفائها وادواتها مشروع “إجتثاث حماس” في غزة على المستوى العسكري والاداري والسياسي، مع استكمال خطة تدجين ما تبقى منها سياسياً في المنفى ، حيث طلبت اميركا من “قطر” إغلاق مكتب حماس ،آخر نافذة سياسية وإعلامية في الخارج، لشطب المفاوض السياسي او حصاره ووضعه تحت الإقامة الجبرية السياسية، لإرغامه على التوقيع على ورقة “الاستسلام” من خلال:
- التنازل عن الحكم في غزة وتسليمه للسلطة برئاسة محمود عباس
- تسليم الأسرى وفق الشروط الإسرائيلية.
- تسليم ما تبقى من سلاح للسلطة الفلسطينية وفق اتفاقيات “أوسلو”، أي تسليم السلاح الثقيل لإسرائيل.
– السماح لها بالإنتساب لمنظمة التحرير الفلسطينية بشرط الإلتزام باتفاقياتها وتعهداتها، أي الإعتراف بدولة إسرائيل.
- السماح لها بالبقاء كحزب سياسي وحركة دينية ضمن منظومة “الاخوان المسلمين”.
وضعت اميركا حركة حماس بين خيارين: اما التوقيع والإستسلام او الطرد من قطر في حال رفضت الشروط، فلن يكون لها مقر في اي دوله تابعة لأميركا، وستنحصر وجهة مسؤولي حماس، إما الى لبنان الذي سيتعرضون فيه للإغتيال طالما ان الحرب قائمة، او الى إيران ،ما يجعل إيران وحماس في مرمى الهجوم الاميركي ويزيد من عزلة حماس داخل الفضاء العام “السنّي” والعربي الذي سيتهمها بأنها في حضن “الشيعة –الرافضة وبالتالي لا يجوز الرحمة على مسؤوليها لأنهم خدشوا العقيدة !
في الشتات الأول، لمسؤولي “حماس بعد طردهم من “الأردن” لم يُسمح للطائرة التي حملتهم بالهبوط الا في دمشق التي حضنتهم وأمدتهم بكل ما تستطيع، لكن حماس انقلبت على النظام وأيّدت “المعارضة السورية” ورفعت علمها ،ما أقفل أبواب دمشق ..والتي لن تفتح أبوابها مجدداً!
لن يتوقف الهجوم الأميركي على حركات المقاومة ومحورها، ضمن استراتيجية اسقاط الساحات “تسلسلياً” واحدة بعد أخرى، وسيزداد الهجوم الأميركي شراسة مع استلام “ترامب” للسلطة، وهو الذي بدأ بتنفيذ مشروع اجتثاث وقطع رؤوس حركات المقاومة عندما اغتال في العام 2020 الشهيدين “سليماني” و” المهندس”، ثم تابع الديمقراطيون بيد إسرائيلية اغتيال “السيد الشهيد” و “إسماعيل هنية” و “السنوار” وبقية قيادات المقاومة، والتي ستكملها اميركا واسرائيل وحلفاؤهما لإعادة السيطرة وحماية النظام الرسمي العربي التابع لأميركا، والذي يرى في حركات المقاومة تهديدا لملكه وسلطته!
عندما تنتهي اميركا من حماس ،ستكمل مشروعها في لبنان لإجتثاث المقاومة، لإنعدام خيار “التدجين” او الاستيعاب …ولهذا ستكون الحرب الإسرائيلية على لبنان أكثر شراسة وبسقف زمني مفتوح …إلا إذا استطاعت المقاومة “بإذن الله” إصابة العدو بضربات نوعية، او إذا تراجعت “إيران” عن ترددها وتأخرها بالرد النوعي المساند لجبهة لبنان، او بدء المفاوضات مع اميركا للمساكنة الشاملة !