حكومة فوق صفيح ساخن:أعطوها فرصة !
شاء من شاء وأبى من أبى. ملزمون جميعا ان نخاطب حسان دياب بلقب "دولة الرئيس" ،من الآن وحتى قيام ساعته ..أطال الله في عمره.
هذا الكلام ليس من باب التحدي لأحد ،إنما هو من باب الاقرار بالواقع ،بعد ان نجح الرجل في تشكيل حكومته خلال المهلة التي حددها لنفسه،وجاء من خارج نادي رؤساء الحكومات التقليديين ،وبحكومة غير تقليدية.
وما من شك ان ثمة من يراهن ويتمنى ويضرع الى الله، أن يفشل حسان دياب وحكومته ،لأن نجاحهما يسقط الكثير من هيبة الحكومات السابقة ورؤسائها الذين لم يحسنوا ادارة البلد بالحد الأدنى .
لكن فشل حسان دياب ،لن يحمله وحده هذه المرة ،بل سيكون سقطة رهيبة للعهد وللفريق الذي دعمه وكلفه ،في حين سيغسل المعارضون ايديهم من دم هذا الصديق.وعليه فإن عهد الرئيس ميشال عون والفريق الداعم للحكومة، اللذين عبرا مخاضا عسيرا لإخراج الحكومة من عنق الزجاجة ،يحملان مسؤولية كبيرة في تسهيل عمل الحكومة وتمكينها من النجاح .
تحمل الحكومة الجديدة التي ستحكم "فوق صفيح ساخن"، جملة من المميزات غير المسبوقة في تاريخ لبنان ،خاصة خلال جمهورية الطائف :
1- هي المرة الأولى التي تتشكل فيها حكومة لبنانية من خارج الطاقم السياسي التقليدي ،برئيسها وأعضائها بالكامل ،نزولا عند طلب "الشارع"،بل الأصح أحد الشوارع .
2- هي أول حكومة تكون فيها "الكوتا النسائية" حرزانة،إذ تضم ست سيدات يتسلم بعضهن مهمات غير مسبوقة كوزارتي الدفاع والإعلام.
3- هي أول حكومة ليس فيها شخصيات مشبوهة أو متهمة بالفساد.على الأقل هكذا توحي الملفات الشخصية للوزراء..والله أعلم !
4- لعلها الحكومة الاولى التي يتم فيها الفصل الكامل بين الوزارة والنيابة ،بحيث لا تضم أي نائب في البرلمان.
5- هي حكومة تستجيب لمطالب كثيرة طرحت في حراك الشارع خلال الأشهر الثلاثة الماضية ،ويبدو أن فيها أكثر من خمسة وزراء يدعون أنهم يمثلون الحراك.
6- هي حكومة تجمع التناقض الأكبر ،إذ يزعم الخارجون عليها أنها حكومة حزب الله ،لكنها برئاسة نائب رئيس الجامعة الأميركية (جامعة الشيطان الأكبر).
لذلك كله،ربما تستحق هذه الحكومة،حكومة الأمر الواقع، منحها فرصة للعمل.وقد درجت المعارضات في العالم على منح الحكومات فرصة مائة يوم لاختبار نياتها وانتاجيتها.فلتمنح حكومة حسان دياب هذه الفرصة !
يبقى أن ثمة ملاحظتين تشكلان نوعا من الإشكالية السياسية والإعلامية في الحكومة الجديدة:
الأولى أنها حكومة اللون الواحد.وهذه ليست في الديموقراطيات العريقة، نقيصة أو علامة سلبية للحكومة ،بل أن النقيصة والسلبية التي اتسمت بها حكومات ما بعد الطائف أنها كانت حكومات توافق سمّوه وطنيا ،في غياب أي معارضة تراقب وتحاسب.فلتكن معارضة جدية في وجه هذه الحكومة تحفّزها على العمل الجدي والمنتج.
الثانية أنها حكومة غير سياسية ،وهذا وصف فيه ما فيه من الفولكلور والتعمية .فمهمة الحكومات في كل العالم هي رسم السياسات وتنفيذها بالتعاون مع السلطات الأخرى ،وهي المسؤولة أمام الجمهور عن هذه السياسات.وعليه فإن نزع الصفة السياسية عن حكومة حسان دياب هو نوع من المخالفة الدستورية،فوق المخالفة المنافية لعلم إدارة الدول .ولعله من باب السخرية أن يتبرأ الوزراء من السياسة بما هي فن راق ونظيف لإدارة الأوطان وشعوبها ومصالحها.
في الخلاصة ،
إن مهمة هذه الحكومة هي مهمة إنقاذية في أخطر ظرف يمر به لبنان في تاريخه ،وقد يتفاجأ الكثيرون غدا أنها ستحظى بدعم عربي ودولي،بدءا بواشنطن وانتهاء بالرياض وطهران ،ومرورا بنيويورك التي سارع رمزها أمين عام الأمم المتحدة "العظمى " الى الترحيب بها وتأكيد الاستعداد للدعم والمساعدة.ويبدو أن أحدا لا يريد انهيار لبنان على رؤوس الجميع ،اللهم الا بعض المغالين في الداخل والخارج على قاعدة "عليّ وعلى خصومي يارب".وغالبا ما اعتاد هؤلاء أن يخسروا الرهان!