حصار أميركي على لبنان من باب الاغتراب
ماذا يمكن أن نسمي الإجراءات المعلنة التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على غالبية المغتربين اللبنانيين بغير الحصار؟
حصار حدد الإغتراب الشيعي هدفا ومن خلفه الإغتراب اللبناني، وتحول عنوان "دعم الإرهاب" إلى حجة للإدارة الأميركية الحالية، المتخصصة بلعبة القرصنة المالية من لبنان الى كافة دول العالم مرورا بدول الخليج العربي، من أجل الإنقضاض على عدد من المغتربين اللبنانيين لإبتزازهم ومصادرة أموالهم.
المغترب قاسم تاج الدين لا يزال قابعا في زنزانة أميركية منذ ما يقارب السنتين، بتهمة ملفقة، فجميع المغتربين اللبنانيين من مختلف الطوائف يعرفون أن هذا الرجل لا دخل له بحزب الله، ويعرفون أصل ماله وكيف عمل ويعمل في أفريقيا ،وحساباته جميعها مدققة من شركات محاسبة عالمية بشهادة التبرئة التي منحه إياها القضاء البلجيكي عندما أوقف أول مرة، ليتبين أن الإدعاءات الأميركية غير صحيحة، فأطلق سراحه بعد أن كانت الشرطة البلجيكية قد دهمت منزله وصادرت أموالا وأصولا أخرى، ثم أعادتهم له لاحقا.
أما وأن وزارة العدل الأميركية قد أعلنت رسميا في بيان هو الأول لها عن مجريات المحاكمة، وتبين من البيان والإجراءات أن وزارة العدل الأميركية تتهم تاج الدين بالإرهاب دون أي سند أو دليل موثوق، فقد آن الأوان لوزارة العدل اللبنانية لأن تتدخل في قضية مواطن لبناني مخطوف ومظلوم وأن تكلف نفسها عناء المراجعة وإستدعاء السفيرة الأميركية في لبنان وإبلاغها أن لبنان كله،لا سيما وأن بيان مكتب المحاماة الأميركي " زاكيرمان سبايدر"، المكلف الدفاع عن تاج الدين قد فند أكاذيب بيان وزراة العدل الأميركية.
صمت مريب هو أشبه بأن يكون شريكا بالحصار يسود وزارة العدل اللبنانية، ونقابة المحامين اللبنانين.
المغتربون وهم من أعمدة البناء الاقتصادي اللبناني، فجأة وجدوا أنفسهم بالعراء لا مظلة تحميهم ولا دولة ولا حكومة. ووزاراتنا المعنية أكانت وزارة "عدل" أم "خارجية ومغتربين"، جلّ همها المؤتمرات الشكلية.
الرؤساء الثلاثة مطالبون بالقيام بواجباتهم تجاه هذه القضية، كي تشعر الإدارة الأميركية بأن هناك دولة لبنانية تتابع قضايا ابنائها عندما تكون محقة، ومطالب الرئيس نبيه بري على وجه الخصوص بما عرف عنه من جرأة وإقدام حيث يخاف الآخرون بقول كلمة حق في قضية تاج الدين.
هل يعقل أن تتحرك الدبلوماسية اللبنانية من أجل كارلوس غصن وهو مواطن من أصل لبناني لا تربطه أي صلة بلبنان ولم يساهم بأي شكل من الأشكال بدعم لبنان ولم يصرف يوما قرشا واحدا في لبنان ،بل جاء مرة بدعوة رسمية سددت نفقاتها الخزينة اللبنانية وغادر ولم يعد، فيما المواطنون الذين يعملون في المغتربات ويحولون أموالهم الى المصارف اللبنانية ويقيمون المشاريع في لبنان ويساهمون بتعزيز الواقع المعيشي لعشرات الآلاف من العائلات المستورة، يتركون لمصيرهم، كفريسة أمام ذئب متعطش للدم؟