حرب لابيد:التهديد للبنان..والفعل في غزة(واصف عواضة)
كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
لفت انتباه المراقبين إقدام الكيان الصهيوني على شنّ الحرب على غزة من دون أي مبرر مباشر.لم تقدم المقاومة الفلسطينية على أي عمل أمني يبرر للعدو فتح هذه المعركة .كان الاستفزاز إسرائيليا بامتياز ،وكأن المطلوب جرّ حركة الجهاد الإسلامي والمقاومة بشكل عام الى الحرب.
أقدمت إسرائيل على اعتقال قائد حركة الجهاد في الضفة الغربية بشكل مفاجئ. كان من الطبيعي أن تهدد الحركة برد مقابل.دخلت مصر وقطر ودول أخرى على خط الوساطة للحؤول دون التصعيد.أعطت الجهاد فرصة لهذه الوساطات في وقت كان وزير الدفاع الإسرائيلي يستدعي الإحتياط.فجأة أقدمت إسرائيل على إغتيال القائد في حركة الجهاد تيسير الجعبري في منزله في غزة وفي غارة جوية علنية.صار واضحا من خلال ما تقدم أن الحكومة الإسرائيلية تستدعي الحرب مع غزة.فلماذا غزة بينما التهديد الإسرائيلي كان موجها ضد لبنان وحزب الله على هامش المفاوضات الجارية لترسيم الحدود البحرية؟ وهل صحيح أن إغتيال قائد في حركة الجهاد يشكل عملية وقائية للمواطنين الإسرائيليين كما يدعي مسؤلو العدو؟ وهل حقق مثل هذا العمل أهدافه في السابق ،أم حمّل كيان العدو مزيدا من المعاناة؟
لا يختلف اثنان على أن الانتخابات الإسرائيلية في الخريف المقبل هي المبرر الوحيد للحرب الإسرائيلية. فالانتخابات بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين هي “سدرة المنتهى”.هي الصلاة التي يؤديها كل رئيس وزراء في الكيان الصهيوني على أعتاب أي استحقاق انتخابي .
إذن ،هي حرب “يائير لابيد” الذي يرأس حكومة بولاية مختصرة لبضعة أشهر ،والذي لا يرى أمامه منافسا سوى الرجل القوي لحزب الليكود بنيامين نتنياهو،في وقت لم تشكل حكومته مع سلفه “نفتالي بينيت” أي قيمة إضافية بالنسبة للمواطن الإسرائيلي. لذلك هو بحاجة لتحسين أوراقه الانتخابية في الزمان والمكان المناسبين.وما من سبيل إلى ذلك سوى عرض العضلات الحربية.
وهنا يستحق السؤال:لماذا غزة؟
ثمة أربع جبهات، عادة ما تستعرض إسرائيل،فيها أو عليها، عضلاتها: لبنان وسوريا وإيران وغزة.
تعرف إسرائيل جيدا أن الحرب مع حزب الله وإيران مكلفة جدا وغير مضمونة النتائج، قياسا إلى حرب تموز عام 2006 التي أطاحت برؤوس كبيرة. أما القصف على سوريا الذي أصبح روتينيا فلم يؤد إلى أي فوائد ،وبات لزوم ما لم يلزم.وحدها غزة تشكل في نظر إسرائيل الحلقة الأضعف في هذا المحور ،لذلك أقدمت على إغتيال أحد قادتها واعتقال آخرين.
غير أن غزة لم تهن ولم تضعف ولم ترفع الرايات البيض في أي حرب إسرائيلية.وليس مضمونا أن تنتج الحرب الضروس عليها أوراقا إنتخابية لرئيس الحكومة الإسرائيلية “الخفيف الوزن” ، وهي لم تنتج سابقا مثل هذه الأوراق ،والدليل على ذلك أن الكيان الصهيوني مقبل على انتخابات للمرة الخامسة خلال أقل من ثلاث سنوات.
في الخلاصة،ما من حرب بلا أهداف سياسية أو إقتصادية. وحرب لابيد على غزة هي حرب سياسية بامتياز.لكن بالتأكيد لن تمنحه غزة ورقة انتخابية رابحة ،كما لم تمنح غيره من قبل.صحيح أن الحرب ستخلف ضحايا وخسائر ودما ودمارا، لكن غزة المحاصرة باتت “إذا أصابتها سهام ،تكسرت النصال على النصال”.
تحية لغزة!