كتب حلمي موسى من غزة:
وصل الوفد الإسرائيلي لمفاوضات وقف النار وتبادل الأسرى إلى القاهرة بدعوة من المخابرات العامة المصرية التي تشارك في الوساطة للتوصل إلى اتفاق. وعلى الرغم من أن الوفد مهني وعلى مستوى متدن، كما أعلن، إلا أن الأنظار اتجهت نحوه بوصفه إحياء للاتصالات بشأن الاتفاق، مع العلم أنه لا يوجد في القاهرة في هذه الأثناء أي وفد من حماس.
ويبدو أن وصول الوفد، لم يعن الكثير لمن يحاولون، وفي مقدمتهم نتنياهو، عرقلة التوصل لاتفاق. ففور وصول الوفد إلى القاهرة تناثرت الاتهامات داخل الحكومة لكل من رئيس الموساد ديفيد بارنيع ورئيس الشاباك رونين بار بأنهما يتجاوزان الخطوط الحمر المقرة.
وذكرت يديعوت أن الوفد الإسرائيلي الذي يضم طواقم مهنية من الشاباك والاستخبارات العسكرية والموساد، برئاسة الأخير، وصل أمس للاستماع إلى اقتراحات جديدة من مصر . ومن المقرر أن يعود الوفد إلى إسرائيل صباح اليوم. ونقلت الصحيفة عن جهات مطلعة قولها إن التفويض الممنوح للوفد في المفاوضات ليس موسعا إلا بشكل رمزي، لذلك ليس هناك تفاؤل بتحقيق أي اختراق في هذه الجولة. ويأتي هذا الكلام أيضا على خلفية عدم وجود أي وفد لحماس في القاهرة، ما يعني صعوبة الحديث عن وجود مفاوضات حاليا. بل أن مصدرا في حماس أعلن أنه “لم يتقرر بعد إن كان ينبغي إرسال وفد للتفاوض في جولة جديدة سواء في القاهرة أو الدوحة”.
وكانت قناة الميادين قد نقلت عن مصدر في حماس قوله إن “وفد حماس لن يسافر إلى القاهرة في هذه المرحلة، وأن الوفد سينتظر نتائج اللقاءات بين الوسطاء والوفد الإسرائيلي”.
ومعروف أن أساس الخلافات الباقية في المفاوضات يكمن في قضية عودة النازحين إلى الشمال، حيث تطالب حماس بعودتهم دون قيود وإزالة محور نيتساريم الذي يفصل الشمال عن الجنوب. وقد أبدت إسرائيل موافقتها على البحث في عودة متدرجة لسكان الشمال، ولكن مع بقاء محور نيتساريم. وما استجد على الموقف الإسرائيلي هو المطالبة بضم كل من أبرام منغستو وهشام السيد المحتجزين منذ العام 2014 ،وأيضا جثماني الجنديين اللذين أعلنت إسرائيل مقتلهما قبل عدة سنوات، هدار غولدن وأورن شاؤول.
وكانت الصحافة الإسرائيلية قد نقلت عن اجتماعات الكابينت السياسي الأمني قبيل سفر الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة انتقادات شديدة لكل من رئيس الموساد ورئيس الشاباك بشأن إدارة المفاوضات للتوصل إلى صفقة. وحسب مصدر سياسي فإن “رئيس الموساد ورئيس الشاباك، وعلى الرغم من أهليتهما وكفاءتهما ونواياهما الطيبة، إلا أنهما لا يناسبان إدارة المفاوضات. ويبدو أن هذا ليس مجال عملهما. فكل مرة يعودان بعد كل جولة مفاوضات ليحاولا الضغط ودفع إسرائيل لانتهاك خطوطها الحمر التي سبق ووضعتها في المفاوضات”.
وأضاف هذا المصدر، الذي يعتقد أنه يتحدث بلسان رئيس الحكومة نتنياهو، أنه “إذا قررنا خطوطا حمر، ينبغي علينا الالتزام بها. ولا جدوى فعلية من تحديد خطوط حمر وانتهاكها مرة تلو مرة. فالسياسة في الصفقة لا تتقرر وفق ضغوط الشارع، وإنما فقط وفق عامود فقري سياسي، قيمي وأخلاقي، يوازن بين الرغبة في اعادة المخطوفين إلى بيوتهم هنا والآن، وبين القلق على المصالح الأمنية لإسرائيل ومبادئ إذا تجاوزناها، ننتهك الخطوط الحمر، فهذا يشكل خطرا على أمن إسرائيل”.
وفي المقابل فإن جهات عليا في الكابينت أشارت في ردها على ذلك أن “طاقم المفاوضات وضع خطة جدية على الطاولة، وقاد منذ بداية الحرب إلى تحرير ما لا يقل عن 40 مخطوفا. ويستحيل البقاء من دون خطة عملانية والتفكير بأن المخطوفين سيتحررون من أنفسهم”.
ويرى مراقبون أن الانتقادات التي وجهتها جهات في الكابينت لبارنيع وبار تأتي على خلفية ما نشر من تقرير في القناة 12 ،والذي أشار إلى أن رئيس الموساد قال أمام كابينت الحرب إن ابداء المرونة بشأن عودة السكان إلى شمال القطاع سيعزز فرص التوصل إلى صفقة تبادل جديدة. وحسب التقرير فإن بارنيع أوضح وجوب “التفكير بحل خلاق، وأن هذا الجهد يستأهل مقابل فرصة تحرير 40 مخطوفا على قيد الحياة”. وقد أيد موقف رئيس الموساد الوزراء بني غانتس وغادي آيزنكوت وكذلك الوزير رون دريمر.
ولكن في مقابل هؤلاء وقف نتنياهو الذي قال إن أعضاء الكابينت لا يعرفون كيف يديرون مفاوضات صعبة، ولم يقبل موقف رئيس الموساد. وأوضح ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد نشر تقرير القناة 12 أنه “خلافا لما نشر فإن معظم الوزراء في الكابينت عارضوا اقتراح طاقم المفاوضات بالسماح بعودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع من دون تدقيق”.
وفي هذه الاثناء تتصاعد التظاهرات ضد موقف حكومة نتنياهو من تبادل الأسرى. ويرى أهالي الأسرى أن كل الأعذار قد نفذت وأن ما يرونه هو حكومة صمّت، برئيسها، آذانها عن سماع صوت المحتجزين. ويتوقع أن تحشد تظاهرة كبيرة في القدس وأن يكون مطلبها اسقاط الحكومة لأنها حكومة الفشل حتى في استعادة الأسرى.
ويطالب أنصار الأسرى ب”اسبوع احتجاج وطني” يدعو إلى إجراء انتخابات عامة جديدة. وليس صدفة أن نتنياهو عقد قبل دخوله المستشفى لإجراء عملية جراحية مؤتمرا صحافيا قال فيه إن إجراء انتخابات جديدة يشل الدولة لعدة شهور، ولا يحرر الأسرى، وهي خطوة تحظى بمباركة حماس.