العالم العربيرأيسياسة

حرب السودان : الدفاع عن الدولار بالهجوم على الذهب السوداني(علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

تختلف الآراء كثيرا حول اسباب ومعطيات الحرب الدائرة في السودان وتذهب معظم التحليلات في اتجاهين :
١- انها ناتجة عن صراع على السلطة بين الجنرالين:  جنرال الجيش السوداني وجنرال قوات الدعم السربع، والاخير جنرال بالتسمية وليس بالرتبة العسكرية المعروفة أو لنقل جنرال ب “الخبرة “.
٢- انها تأتي تظهيرا للخلافات السعودية -الإماراتية على اعتبار أن اتهام اسرائيل ليس مرجحا ،كون الجنرالين يتسابقان على كسب الرضى الاسرائيلي ….
ويتم وبحسب الآراء و كالعادة اطلاق اتهامات الدعم لعدد من الدول من دون تبرير واضح أو على الأقل مقنع لأسباب تدخل هذه الدولة أو تلك ….
و على الرغم من ادخال موضوع ثروة الذهب في التحليلات، وهو الذهب الذي يسيطر عليه وعلى الافادة من بيعه جنرال قوات الدعم السريع ، إلا ان هذا الادخال جاء من بابين :
الأول انه السبب الاساسي للحرب من باب محاولة جنرال الجيش السوداني القضاء على قوات ميليشيا الدعم السريع للحصول على الذهب وعائداته التي تبلغ مليارات الدولارات ..
والثاني من باب تبرير القول ان روسيا التي تشكل الشاري الاساسي ولو بشكل غير مباشر للذهب السوداني، تقوم بدعم قوات الدعم السريع للحفاظ على استقرار شرائها للذهب..
وعدم وجود وضوح فعلي لاسباب الحرب بين الجنرالين المتعاونين سابقا اشد التعاون و المنسجمين سياسيا في الانتماء الى المرجعية الاميركية ،وان باختلاف حجم ونوع العلاقات مع الحلفاء الاقليميين ، يمتد عدم الوضوح الى مسألة توقيت اندلاع هذه الحرب ، اي لماذا الآن ؟؟؟.. وهو السؤال الذي يؤدي وضوح الإجابة عليه الى معرفة الاسباب الحقيقية لهذه الحرب والى توقع مسارها …….
والحقيقة ان من اشعل هذه الحرب هي الولايات المتحدة الاميركية، وأشعلتها بسهولة، لكون الجنرالين ينتميان سياسيا الى مرجعيتها، واختبأت وراء هذا الانتماء بحيث غاب عن بال المحللين والسياسيين دورها ولم يستطيعوا فهم اسبابها او توقيتها وذهبوا في اتجاه صراع الجنرالين…!!
واذا اردت ان اعطي عنوانا لهذه الحرب فأفضل عنوان هو : حرب الدفاع عن الدولار بالهجوم على الذهب السوداني وارباك تصديره الى السوق الروسية كجزء من الرد على الهجوم الصيني الروسي على الدولار بالذهاب الى اتفاقات تجارية بالعملات الروسية والصينية المعززتين بالاحتياطات الذهبية على حساب الدولار الاميركي المثقل بالديون الاميركية و المعزز بحجم الاقتصاد الاميركي وبالقوة الاميركية، والمهددتين بمسار انحساري في ظل مسار التموضعات العالمية والتحالفات المستجدة والمترافقة مع التطورات الاقتصادية ….
لا شك ان التوسع الكبير الذي يشهده محور البريكس اقتصاديا وسياسيا نحو افريقيا وآسيا واميركا الجنوبية، و الذي ترافق مع ضعف كبير للحليف الاوروبي للولايات المتحدة الاميركية حيث باتت القارة الاوروبية تُسمى القارة العجوز وتعيش مشكلات كثيرة ومتنوعة مرشحة للتفاقم على المستويين الاقتصادي والسياسي … ان هذا التوسع يتجه لإحداث تغيير كبير في الامكانات الاقتصادية وبالتالي السياسية على المستوى الدولي، خصوصا ان محور البريكس بات يضم الدول الاكثر كثافة بشرية وبالتالي الأكثر استهلاكا، ويتحول ليكون الأكثر انتاجا والأكثر اختزانا للثروات والمواد الاولية مع امكانات تكنولوجية وامكانات عسكرية باتت منافسة للخصم الاميركي الذي لم يستطع خلال امتلاكه لورقة القطب الاوحد من تحقيق تسويات مريحة على المستوى الدولي ،بل اعتمد سياسات السيطرة والحروب والفوضى والحصارات والاذلال لإخضاع الدول ،ما يُشجع على انسحاب الدول عند استطاعتها من تحت عباءته المافيوية ….
اوردت كل هذه التفاصيل لأُوضح اننا امام مشهد يُنبىء بانحسار الدور الاميركي ، ما قد ينعكس سلبا على الدولار الاميركي وعلى الوضع الاقتصادي والمالي للولايات المتحدة الاميركية، بدأت تباشيره بانهيار مؤسسات مصرفية ،وهو وإن كان ليس واقعا مأساويا خطيرا حتى الآن الا أنه قابل لأن يتحول الى ذلك .

ومن البديهي القول ان الولايات المتحدة الاميركية لن تقبل انهيار الدولار الاميركي وانهيار دوره الاقتصادي الدولي الذي يشكل الجزء الاساسي من سيطرتها ، ومن مظاهر هذه السيطرة ،حتى لو اضطرت الى حرب او حروب مباشرة ،وهي حتى الان لم تبلغ حالة الضعف والعجز وهي تملك من الاوراق ما يُمكنها من محاولة قلب الطاولة من دون ان يكون محسوما انها ستكون قادرةعلى انجاح محاولتها…
وتشكل حرب السودان احد هجومات الرد على زلزال الاتفاق السعودي -الايراني والذي ترافق مع اتفاقات تجارية بين الصين والروس من جهة وبين بعض الدول ومنها في الخليج بغير الدولار الاميركي ….
والهدف من هذه الحرب هو محاولة ارباك سوق الذهب الروسي، وارسال رسالة بقدرتها على توجيه ضربات لركائز الاقتصاد الروسي ومن ثم الصيني والعالمي….
وهذا يعني ان أمد هذه الحرب مفتوح في ظل الصراع المفتوح .. اذا لم تسارع دول الاقليم الى اتخاذ قرارات وخطوات حاسمة لوقفها وتحقيق تسوية وبكل الوسائل المتاحة …
وقد تلجأ الولايات المتحدة الاميركية الى أشعال الحرب او التوترات والفوضى في اماكن اخرى منها لبنان، مستخدمة موضوع النازحين السوريين الذي تحرك ضاغطا على نحو مُفاجىء خلال الأسبوعين الماضيين …
والهدف هنا توجيه رسالة تؤكد قدرتها على ضرب اي اتفاقات في المنطقة ومساعي لتوافقات تضر بمصالحها….!!
ان مرحلة التغييرات الكبرى تستوجب التحرك السريع للاقليم لتعزيز التشبيك ومنع ظروف الاختراقات انطلاقا من سياسة امن قومي واضحة.. وان تأجيل معالجة الازمات في ساحات في الاقليم مهما كانت اسبابه قد يُشكل خطرا على صعيد اعادة خلط الاوراق والعودة الى الأسوأ ؟؟!!
ويبقى الحفاظ على الامساك بزمام المبادرة العامل الاساس في الحفاظ على المكتسبات…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى