حرب اسرائيل النفسية :ممنوع تشييع القائد والشهداء!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يشن العدو الإسرائيلي حرباً نفسية ومعنوية ضد أهل المقاومة، لهزيمتهم نفسياً ومعنوياً وهدم الحصن الاساس للمقاومين ،بهدف صناعة بيئة مناهضة للمقاومة، بعدما أيقن ان السلاح الأساس ،للإنتصار والصمود ، يتمثل بأهل المقاومة(المجتمع المقاوم) ويركّز على الجانب العاطفي والنفسي ،مُعتمداً على الإعلام المتعدّد الشاشات والاقلام، لا سيّما اللبنانية والعربية ،حيث تشكّل بعض الفضائيات اللبنانية والعربية “لواء الاعلام الإسرائيلي”، وتعتمد التضليل والتوهين والترهيب من دون رد فاعل من اعلام المقاومة او من جمهورها بما يتناسب مع عدوانها ومساعدتها للعدو .
بعد نجاح العدو باغتيال “السيد الشهيد” والقادة من بعده وبدء هجومه البري، عمل لمهاجمة “المجتمع المقاوم”على جبهة قلوبهم واحزانهم ومشاعرهم وقتلهم احياء واموات، فهدم بيوت الأحياء وقبور الموتى لإقتلاع الناس من التاريخ والجغرافيا وفق الآتي:
– منع تشييع جثمان “السيد الشهيد” ومنع الناس من تكريمه وحضور جنازته والتعبير عن مشاعرها بفقدها قائدا ورمزاً، فاغتاله مرتين ،الأولى مادياً بقتله، والثانية معنويا بإجبار المقاومة على تشييعه ودفنه سراً،لإظهار قوه العدو وضعف المقاومة التي لا تستطيع دفن قائدها او انتشال جثمان قائد آخر!
– منع العدو سحب جثامين الشهداء او منع تشييع المتوفين في قراهم وجعلهم بين خيارين ،إما الدفن كوديعة بعيدة عن قراها بحضور قلة من الأهل، او السماح بدفنهم وتحديد عدد الاشخاص المشاركين ولا يتجاوزون الخمسة ،لمعاقبة أهل المقاومة، فلا تستطيع الأمهات والآباء دفن ابنائهم والبكاء على قبورهم .انه عدو لئيم يذبح المشاعر والاحاسيس ويطعن القلوب ،لتبقى الحسرة طوال العمر حتى لو انتهت الحرب!
– الترهيب اليومي ليلياً، بتوجيه انذارات إخلاء المباني، لإثارة الخوف والرعب وإظهار القدرة على التحكم بالناس وحركتها ،كأنه في لعبة الكترونية شاشتها الجغرافيا اللبنانية ، وإجبار اهل المقاومة على البقاء في عملية نزوح دائم ومطاردتهم في الأماكن الآمنة التي لجأوا اليها، ومنبوذين من بقية الطوائف تحت عنوان الخوف من قصفهم ،ليفرّوا من منطقة الى اخرى واظهارهم كمشرّدين حتى ينقلبوا على المقاومة وكشف ظهرها او اذلالهم وتحويلهم الى نازحين درجه ثالثه في وطنهم .
– تدمير القرى وتجريف بيوتها وشوارعها وكرومها وبث صورها على الاعلام، لترهيب الناس، وابلاغهم أن كل قرية تأوي مقاوماً سيكون مصيرها التدمير والتجريف والحاق الأذى باصحاب البيوت والمحال وقتلهم بالحزن والأسى على ما خسروا من بيوت وذكريات، واشغالهم بالتفكير في كيفية تأمين السكن عند العودة ولتحريضهم ضد المقاومة وتحميلها مسؤولية ما أصابهم.
– تجريف المقابر في القرى الحدودية ،لإقتلاع الناس من جذورها والغاء هويتها الثقافية والدينية وتحويل القرى والمقابر الى ارض محروثة ، كما فعلت عصابات “الهاغانا” عند احتلال فلسطين ،بهدف ترويع الناس وتعميم حزنها وعواطفها، وهي التي ترتبط بقبور احبابها وتزورهم كل ليله جمعة او كل عيد، وقد حرمها الاحتلال هذه العلاقة الروحية والعاطفية ،حيث ان وجود قبر للميت هو تعويض عن غيابه المادي وتأكيد على حضوره في حياة من بقي حيا من عائلته.
– تدمير المساجد والكنائس،لإظهار حربه أنها حرب دينية وتصويره لعمليات التفجير ونشرها على وسائل التواصل وانشاده النشيد الاسرائيلي ، لضرب العقيدة الدينية والاستهزاء برموزهم وعقيدتهم ،تمهيداً لهدم المسجد الأقصى. فمن اعتاد الصمت على تدمير المساجد سيصمت حتما عند تدمير المسجد الاقصى وكنيسة القيامة عند انتصار العدو وبنائه الهيكل الموعود.
ان الحرب النفسية التي يشنّها العدو، لا تقل فتكاً وتوحشاً عن الحرب العسكرية ،فالبناء يمكن ان يعاد بناؤه أجمل مما كان ،لكن النفوس الجريحة والقلوب الحزينة لا يمكن ترميمها بعد الانتصار، وتزداد حزنا وألماً عند عودتها الى قراها، فلا قبر تزوره لشهيد قضى او لحبيب ،خاصة وان بعض الجثامين مفقودة الأثر، لأنها انتثرت شظايا على ارض الجنوب، ولا يمكن جمعها وستثمر نصرا بأذن الله عما قريب.
لا بد من الإلتفات لأثار هذه الحرب على الأطفال والنساء وعدم اهمال معالجتها ،بالتلازم على ضرورة مواجهتها ،تحصيناً للمجتمع المقاوم الذي يتعرّض لهجوم شامل ومتوحش وغير أخلاقي.