حرب إسقاط لبنان المقاوم …بعد سوريا!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يمثل القضاء على المقاومة في لبنان هدفاً إستراتيجياً للتحالف الأميركي-الإسرائيلي-العربي ،لاعتقادهم بأنها العقبة الأخيرة امام مشروع السلام(الإستسلام) الشامل في الشرق الاوسط مع اسرائيل وإنهاء المقاومة المسلحة الفلسطينية والعربية ،والأكثر دقة إخراج بعض الساحة اللبنانية من العداء لإسرائيل ،لأن أغلبية القوى السياسية والطائفية في لبنان أعلنت تأييدها للسلام مع إسرائيل، وبعضها تحالف معها منذ عقود، والآخرون التحقوا بحكم الواقع والظروف والمصالح والخوف بطابور المستسلمين او المسالمين او الخائفين، معلنين استعدادهم للسلام، وبعضهم أعلن استعداده للمشاركة بقتال المقاومة وحصارها، إما بشكل ناعم او بشكل ساخن وميداني!
فشلت المرحلة الأولى من الحرب لإسقاط المقاومة في لبنان والتي تولت إسرائيل تنفيذها ميدانياً لمده 60 يوما، ومدّدتها من طرف واحد لستين 60 يوماً أخرى، مع التهديد بتمديدها، وتولّت اميركا وبعض القوى السياسية اللبنانية محورها السياسي والإعلامي ،لكن صمود المقاومة وقتالها الكربلائي وصمود أهلها واحتضانهم لها ،أفشل المرحلة الأولى من الحرب بالرغم من إصاباتها القاتلة للمقاومة وإلحاق خسائر كبرى واستراتيجية بها وفي مقدمتها إغتيال “السيد الشهيد”.
لن يتراجع التحالف الأميركي-الإسرائيلي عن مشروعه،للقضاء على المقاومة في لبنان، لتثبيت فشل نظرية قدرة المقاومة المسلحة على تحرير الأراضي المحتلة ومنع السلام، ولمنع تهديد اسرائيل وجودياً او إقلاقها بشكل دائم. واستطاع هذا التحالف مع تركيا إسقاط سوريا السند الإستراتيجي للمقاومة في لبنان و”حبل السُرّة” لإمدادها بالسلاح مباشرة، او تسهيل دخوله للبنان. ويعمل التحالف الأميركي-الإسرائيلي ،لاستغلال هذه الفرصة الذهبية واللحظة التاريخية ، لإطباق الحصار على المقاومة ،جنوباً بالجيش الاسرائيلي والقوات الدولية، وشرقاً وشمالاً بواسطة البريطانيين(الذين سَيُدعمون بقوات دولية فيما بعد) و”جبهة النصرة” التي استلمت السلطة في سوريا ،حيث لم تتأخر هذه السلطة بإجراءات الحصار والتحرّشات العسكرية مع الجيش اللبناني ومنع دخول اللبنانيين، وفق القوانين السابقة، ففرضت الإقامة والحجز الفندقي والكفيل والمبلغ المالي بالدولار، ثم تطوّرت الأحداث خلال اليومين الماضيين باشتباكات مع الجيش اللبناني بعنوان الأهالي او المجموعات غير المنضبطة، لكنها في الحقيقة مقدمات وجس نبض لاشتباكات اوسع ،ستبدأ مع الجيش اللبناني، ويتم فبركة مشاركة المقاومة مع الجيش لتأمين مبرّرات للحرب القادمة على المقاومة من الشمال والشرق على طول حدود مشتركة تتجاوز 300 كلم !
ان المرحلة الحالية الساخنة تفرض على المقاومة وأهلها القتال على ثلاث جبهات :
– جبهة الجنوب لمواجهة الجيش الإسرائيلي.
– جبهة الشمال والشرق لمواجهة الجماعات التكفيرية .
– الجبهة الداخلية لمواجهة بعض القوى السياسية التي أعلنت تحالفها مع رفيقها ” الجولاني” ، والتي ستستعين بالنازحين السوريين لتعويض النقص في العديد البشري للقتال.
ان المقاومة وأهلها أمام خيارين ،كلاهما صعب وذو كلفة مرحلية واستراتيجية وفق التالي:
– الخيار الأول:السكوت عن الإستفزازات والمضايقات الرسمية بأوامرأميركية ،لمنع إعمار ما هدّمته إسرائيل لإثارة الرأي العام الشيعي ضد المقاومة وتأديبه على احتضانه لها، وهذا ما يؤدي الى إعدام المقاومة معنوياً ومادياً على المدى الطويل وحصار الطائفة وهزيمتها وارجاعها طائفة مُستضعفة كما كانت قبل السبعينات، وسقوط لبنان وتوقيعه للسلام مع إسرائيل.
– الخيار الثاني: التصدي لمحاولات القضاء على المقاومة وحصار الطائفة في لحظة يتفوّق الطرف الآخر بعناصر القوة والإمكانات والوسائل التي تُثخن المقاومة والطائفة بالجراح، وتضعها أمام استحقاقات دموية وسياسية تشبه ما تعرّضت له غزة وبشكل ثأري وانتقامي وأكثر حقداً!
ما تزال المقاومة وأهلها يكظمون غيظهم ويستوعبون الإستفزازات ضمن الخيار الأول، لإعادة ترميم هيكلية المقاومة وإلتقاط الناس أنفاسها بعد الحرب المدمرة التي تعرضوا لها. ولعلّ البعض يستفيق من مغامراته ويعيد حساباته ،لكن المقاومة واهلها لن ينتظروا طويلاً حتى لا يتمكن خصومهم واعداؤهم من ذبحهم في غرف نومهم وفي أزقتهم ويطلبوا منهم تسليم السلاح خلال يوم او ساعات، وإلا تعرّضوا للقتل والسحل، ولن ينتظروا حتى يقال لهم “اصرخوا ” ، و لن تتأخر المقاومة وأهلها للشروع بالدفاع عن نفسها وعن أهلها، مع معرفتها أنها لا يمكن لها الانتصار على التحالف الدولي ضدها، لكنها توجه الإنذار للخارج والى شركائنا في الوطن، انه إذا اشتعلت الحرب من الجنوب والشمال والشرق والداخل،فإنها ستصيب الجميع ولن تقتل المقاومة واهلها وحدهم او تُدمّر بيوتهم وتحرق ارزاقهم وحدهم ،بل ستحرق لبنان ،سواء المقاومة وأهلها وخصومها والمتآمرون عليها، وهي قادرة على ذلك وأكثر وخارج لبنان أيضاً ،فمن أراد إحراق لبنان، كما أحرقه في الحرب الأهلية وكما أحرقه ثانية باستدعاء اسرائيل في اجتياح 82 ،ويريد تكرار خطاياه وخيانته ،ننذره ونحذّره ان خطيئته هذه المرة ، ستحرق لبنان وتفجّره ككيان موحّد ، ولن تموت المقاومة واهلها وحدهم …
فلا تغامروا ! فقد قاتلنا على ثلاث جبهات سابقاً ومستعدون للقتال على جبهات ثلاث في الذكرى الثالثة والأربعين لتفجير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور، وفي الذكرى الثالثة والأربعين لتفجير المارينز في بيروت، والذكرى الواحدة والأربعين لانتفاضة 6 شباط 1984 ..لن يكون لبنان إسرائيلياً أو تكفيرياً، ولن يكون بدون الشيعة أيضاً…