حرائق مطار بغداد الدولي: تماس كهربائي أم سياسي – امني(جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز
الحريق الاول بتاريخ ٢٠٢٢/١١/١٥ في صالة بابل للمسافرين ، والثاني بتاريخ ٢٠٢٢/١١/١٧ في صالة نينوى للمسافرين. ونتمنى ألا تتكرر حرائق اخرى في المطار أو في مطار النجف. لم تحدثْ هذه الحرائق بمشيئة القضاء و القدر ، و لا بسبب تماس كهربائي ، وانما بفعل فاعل خطّطَ ودّبَرَ ونّفذْ ، ولمآرب سياسية ، واخفاء حقائق و اتلاف اجهزة وآثار . وقد اعتاد العراق على مثل هذا النوع من الحرائق وفي مرافق سياديّة و حساسّة ، وتزامنت مع وقت كشف فضائح وسرقات مالية و مخالفات جسيمة .
حرائق البنك المركزي العراقي عام ٢٠٠٨ ، والذي سبّبَ بإتلاف وضياع وثائق ومستندات مهمة تتعلق ببرنامج النفط مقابل الغذاء ، ووثائق حول الموازنة العامة ، و وثائق تتعلق بتهم فساد ! وتعرّض البنك لحرائق اخرى عام ٢٠١١ وعام ٢٠٢١ . وتعرضّت مخازن وزارة التجارة الى حريق التهم صناديق الاقتراع لإنتخابات عام ٢٠١٨ ! وتعرضت وزارة الصحة لحريق في الطابق الذي يضّمُ مستندات عقود الاستيراد ، عام ٢٠٢١.
ما ذكرناه عيّنات من الكم الهائل من الحرائق التي تعرّضت لها مؤسسات الدولة ، والتي تُعزى في اغلب الاحيان الى ” تماس كهربائي “. يبدو ان التيار الكهربائي في العراق يعمل ليس لغرض الاضاءة والصناعة وانما للحرائق !
المطار موقع سيادي وهو بوابة الدولة ، ولكن للاسف لم ينل رعاية وعناية واهتماما اداريا او سياسيا تليق بأهميته ودوره ، بل العكس كان وما يزال خارج السيادة العراقية ،سواء في حمايته او في الاشراف على ادارته او تشغيله ، وشَهِدَ المطار، وبسبب غياب السيادة العراقية ، عمليات اغتيال وعمليات تهريب اشخاص و اموال والله اعلمَ بما لا نعلمه .
لذا الحرائق التي شهدناها في المطار ، وفي صالات المسافرين ما هي الا امتداد لظواهر الفساد و الخلل والخروقات التي تعايش معها المطار ، وتهدف هذه الحرائق الى اتلاف اثاث او معدات او اجهزة تّمَ شراؤها او نصبها بشكل مخالف للقانون .
تكرار الحرائق وفي ذات المبنى وخلال ٤٨ ساعة دليل على غياب الاتعاظ وغياب الحّسْ الامني ، ولربما دليل على استمرار ومقدرة الفاعل لاخفاء ما يريد اخفاءه ، قبل تجرّدهِ من مركزه او عمله !
لذا، من دواعي الحيطة والحذر ان تلتفت من الآن السلطات الامنية ،وفي اعلى المستويات لمراقبة مرافق الدولة الحساسّة ، وخاصة تلك التي يعمّها المسؤولون .
أمن ومراقبة المطار أمرٌ في غاية الاهمية ، تكرار الحوادث يقود الى انعدام ثقة الدول والشركات في مطار بغداد وفي العراق ، ويجعل من يهّمْ بزيارة العراق يحسب الف حساب قبل الشروع في الزيارة.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل