كتب أكرم بزي
باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، قالت “إن لبنان مفتوح على كل السيناريوهات، بما فيها تفكك كامل للدولة، وإن اللبنانيين سيضطرون على الأرجح إلى تحمل المزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة، ونحن أيضاً نضغط بشكل مباشر على القادة السياسيين هناك لإنجاز عملهم، لكن لا يوجد مثيل مثل الضغط الشعبي، وعاجلاً أم آجلاً سينفجر الوضع من جديد، وهذا النوع من الضغط هو الأسوأ، الذي قد يواجهه القادة السياسيين”.
أشرت في مقالات سابقة إلى حجم التدخل الأميركي بشكل مباشر وغير مباشر في تفاصيل الوضع اللبناني، إن كان عبر حجم الإنفاق المادي، أو العسكري، أو الإعلامي أو على مستوى منع اللبنانيين من نعمة الكهرباء أو حتى المواد الغذائية والدواء والمواد النفطية والغاز وغيرها من وسائل العيش، وهذا ليس غريباً على طريقة تعاطي الإدارة الأميركية بالشأن الداخلي اللبناني. فمنذ العام 1958 ولغاية هذه اللحظة لم تترك الإدارة الأميركية شاردة أو واردة إلا استغلتها، لإحكام السيطرة على لبنان ومنع انزلاقه باتجاهات أخرى.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية اليوم، “فإن معظم الدبلوماسيين العرب والغربيين أبلغوا القادة اللبنانيين بألا يتأملوا بأي انفراجات على اي صعيد كان قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لأن ذلك يؤسس لإنتاج حكومة جديدة ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ خطة النهوض”.
ماذا يعني كلام باربرا ليف، وهل نحن ذاهبون الى المزيد من الضغوط الاميركية على اللبنانيين، أي المزيد من تدهور للأوضاع والانهيارات والفوضى، والنهب والسرقة وانفلات الشارع، والتعديات على الكرامات، و… و… وهل احدى وسائل الضغط هذه ما حصل بالأمس على الحدود السورية-العراقية، عندما أقدمت القوات الأميركية على نسف قافلة محملة بالمواد النفطية قادمة لتفريغ حمولتها في سوريا ولبنان، ومنع الحكومة اللبنانية من الموافقة على الهبة الإيرانية من الفيول الإيراني، بعدما تمت الموافقة الفنية والتقنية من قبل وزارة الطاقة والفنيين المكلفين من قبل الحكومة؟
وهل ما جرى في عملية الترسيم البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني، كان فقط “لحفظ أمن الكيان الصهيوني” كما ادعت ليف، وهل يفهم من هذا إن الإدارة الأميركية سمحت بإنجاز هذا الإتفاق، على الورق فقط، ولن تسمح للبنان من استخراج الغاز والنفط من البلوكات اللبنانية، مستقبلاً كما ضغطت على شركة توتال من قبل؟.. بمعنى آخر، “فليأخذ لبنان ما يريد من الترسيم البحري مع الكيان الصهيوني، ونحن نتصرف على طريقتنا بعدم السماح للبنان بإستخراج نقطة واحدة من الغاز إلا بشروطنا نحن”.
“هل ستسمح الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني للبنان بأن يستخرج ثرواته؟
وفق هذه المعطيات أعلاه، لا أعتقد ذلك، فالذي يقوم بضرب قافلة فيول متوجهة الى سوريا ولبنان، ويضرب الحصار الغذائي والنفطي، ويقوم بـ “ثورات ملونة”، ويحرض الفئات اللبنانية على أنواعها على الإقتتال، ويمنع الهبات الإيرانية أو المساعدات العسكرية الروسية أو المشاريع الصينية وغيرها مما قُدم للإدارة اللبنانية منذ عشرات السنين ولغاية الآن، لا أعتقد أنه سيسهل عملية استخراج الغاز او النفط من السواحل اللبنانية، بل سيزيد إمعاناً من الضغط لتفجير الوضع وصولاً للحروب بين اللبنانيين والإقتتال.
لا حكومة في المدى المنظور، ولا انتخابات رئاسة جمهورية، ولا مساعدات، ولا فك للحصار، ما لم تفرض الإدارة الأميركية اجندتها التي تريد على الساحة اللبنانية والإتيان بما يخدم مصالحها أولاً وفق شروط تحددها هي، فحجم الإنفاق الذي أنفقته الإدارة الأميركية والسعودية بلغ أكثر من 35 مليار دولار أميركي، منذ أكثر من عشر سنوات، باعتراف ديفيد هيل، وجيفري فيلتمان، وديفيد شينكر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبالتالي، لا يمكن لعاقل أن يصدق أن ما تقوم به الإدارة الأميركية، ليس إلا الإمعان في إثارة الفوضى أكثر، وما الضغط بعدم السماح للنازحين السوريين بالعودة الى بلادهم والإصرار من قبل السفراء والمنظمات الدولية على المطالبة بدمجهم في المجتمع اللبناني، إلا لاستعمالهم كورقة ضغط وحتى تجنيد البعض منهم للمشاركة فيما يعد له من حروب وفوضى عبثية تحرق الأخضر واليابس.
وفي المقلب الآخر هل ستقبل القوى الفاعلة والمؤثرة في لبنان باستمرار هذا الوضع الى ما لا نهاية أم أنها ستقوم بما يلزم لقلب الطاولة على الجميع؟ أو على الأقل القيام بما يعطل كبح جماح “العقول الشريرة”، “الأميركية الإنتماء قلباً وقالباً”، وهل أعدت هذه القوى ما هو المطلوب منها للقيام بالرد المناسب؟
هذا ما ننتظره من رد في ذكرى 11\11\2022، (ذكرى تفجير مقر الحاكم العسكري الصهيوني في مدينة صور) والتي سيتحدث فيها سماحة السيد حسن نصر الله عن الوضع في المنطقة وفي لبنان تحديداً.. فلننتظر ونر.