حبا بحزب الله: الى القائد السيد حسن ..
قبل عشرة اعوام خلت ، نشرت مقالا بعنوان حبّا بحزب الله في جريدة النهار ،اشرت فيه الى بعض الدلالات غير السليمة في مسيرة حزب الله وأجد نفسي اليوم ملزماً ان اشير من جديد لمَ اعتقده خللاً في المسيرة وليس بالضرورة ان يكون الرأي صائباً بل مجرّد وجهة نظر.
من اهمّ ما يميّز حزب الله ليس دقّة تصويب سلاحه، وليس حُسنُ المناورة السياسية وليس انتصاراته الدنيوية والإلهية، بل اهمّ ما ميّز الحزب دائماً هو شخصية إبن حزب الله، تلك الشخصية الذهبية المؤمنة، الهادئة، الصامتة، الكتومة، الحذرة، المعطاءة ، المضحّية، المهذبة، الخجولة، الشجاعة، المتزهدة، الرافضة لإغراءات وملذات الدنيا، الفقيرة الحال، المستمعة والقليلة الكلام، الناذرة نفسها للخير سرًّا، الصابرة على جرحها، الجبّارة عند الشدائد،المطيعةبصرامةللأوامر ،المثقفة المنفتحة،المستحيل اختراقها فكريا، المحصنة نفسياً، الهازئة بالموت و الطامحة للشهادة.
اين نحن اليوم من هذه الشخصية؟لماذا غدونا نسمع عن الزمن الجميل لإبن حزب الله؟
خللا ما اصاب المناعة النفسية لشخصية المؤمن الطيب.
ما شاهدناه وما نسمعه مؤخراً ومنذ عدة سنوات، منذ إفلاس السيّد صلاح عزالدين وانفضاح اسماء ضحاياه، مروراً بإلقاء القبض على كوادر عسكرية حزبية من عملاء مأجورين للموساد وللمخابرات الأميركية ، مروراً بالتجربة غير المثمرة لكوادر الحزب في العمل البلدي والشبيهة بتجربة الآخرين ومروراً بتجربة الكوادر في المستشفيات والمؤسسات الخدماتية التابعة للحزب التي تُعنى فقط بخاصة الحزب ولا تختلف عن المسشفيات والمؤسسات اللبنانية الأخرى بشيء بما خصّ باقي الناس من حيث التكلفةالمالية ،اللّهم باستثناء وضع القرآن الكريم في غرفةالمريض وسماع الكثير من عبارات "ان شاء لله والحمدلله يا حاج"، وصولاً لما تمّ تداوله مؤخراً من سباب وشتائم وتضارب بين إبن مرجعية دينية و نائب كادر في البرلمان اللبناني.
من المفترض ان تكون الضاحية الجنوبية ،معقل الحزب تاريخياً وبعد ثلاثين سنة من إبعاد حركة امل غير المنضبطة والحزب الشيوعي :الكافر"، من المفترض ان تكون مثالاً يُحتذى بالانضباط والتهذيب والامان والايمان والخدمات والمحبة والنظافة والتنظيم طالما الثقافة العامة المسيطرة هناك، ثقافة الاسلام و أمانة الثَقلين ،انما الواقع يشير ان ما من شيعي بلغت ثروته ثمن شقة في بيروت الا وباع منزله في الضاحية وتوجه الى بئر حسن وبيروت الغربية هربا من الفوضى والزعرنات والتشبيح والقبضايات!
الا يعني ذلك، ان ما عاد هناك من تاثير لسحر شخصية ابن حزب الله على الناس وان شخصية ابن حزب الله خسرت من هيبتها الكثير واصبحت شبيهة بشخصيات عادية لا تنفع معها لحية ولا مسبحة ولا طبعة سجود عند الجبين؟ادوات الايمان تلك تحولت لادوات وعدة للعمل.
من المسؤول عن تراجع هيبة واحترام رجل الدين المعمم؟
ليست التجارة ولا السلطة ولا جمع المال بعيب او حرام انما الناس تتهامس وتتحدث: من اين لفلان في الحزب كلّ هذا؟من هو ملك التنباك ؟او من اين لأخ ولابن فلان هذا البيت وهذا الرانج؟من اين لفلان المال ليتعلم اولاده في الجامعة الاميركية الغالية الاقساط!
في الزمن الجميل، ان غاب عن نظرك ابن حزب الله تذهب مباشرة الى المسجد لتلقاه ساجدا وقارئاً للقرآن، اليوم وبعد تهالك حركةامل و انسحاب الشيوعيين منهزمين الى بيوتهم، خلت المساجد من المؤمنين والمصلّين فأيّ صدفة هذه؟
قبل عشر سنوات، كتبنا بضرورة ان تكون كل المقاومة سرّية وليس فقط المقاومة الاسلامية التي لسرّيتها المحكمة ما زال حبها واحترامها عظيماً.
قبل عشرة اعوام كنّا اوّل من كتب وحذّر اننا نخاف ان نصل الى يوم يميز فيه المرء بين حزب الله المدني والمقاومةالاسلامية المباركة، واليوم نخاف ان نصل الى يوم يميز فيه المرء بين المقاومة الاسلامية المباركة والمنصورة وبين شخصية القائد الحبيب على قلوبنا ورِهاننا الاخير السيّد حسن نصرلله وبين حزب الله!.
سينزعج الكثيرون من كلامنا ولا بأس من ذلك، فالانزعاج والتوتر جيّدان ومفيدان للصحة احيانا ،طالما وفي كل الاحوال يُشعرنا البعض اننا من المغضوب عليهم ولا الضالين وانهم من حراس الجنة والدين، ونعرف مسبقا ان ثمننا في اعز الاحوال لا يتجاوز ثمن رصاصة.
حذار حذار من تسلل العنجهيه الى شخصيةالمؤمن المنتصر، وحذار من تسلل المال الى الجيوب ومن تسلل سحر السلطة الى الدماغ، وحذار من الابتعاد عن صلاة الفجر في المساجد، العودة الى السرّية تحمي المقاومة وتحصن الشخصية من اغراءات وملذات الدنيا.
قوة المناعة النفسية في الايمان والتواضع والصراحة وليس بالتذاكي وبالتعالي وبالافتراء وفي تنفير الناس وابعادهم و رفضهم من دون تبرير معلن و واضح وجريء بحجة الشؤون اي الامن، فللآخرين ايضا كرامات، .
ما نفع تحرير الارض ان لم يحرّر الانسان …
"يتبع"