جوهر التطورات الاجتماعية يبدأ من الجوع.. نماذج!
في سنة 1985 وفي كلية الطب في صوفيا الاشتراكية وأثناء محاضرة عن المادية الديالكتية، سأل صاحبنا الاستاذ:
-كيف لفلسفة جميلة وراقية بإنسانيتها أن تصطدم ببنطلون الجينز ومسجلة الكترونية وعلكة التشيكلس وسيارة المرسيدس؟
بعد أن استراح على عرش الفلسفة لسبع دقائق، أجاب الاستاذ:
صحيح، يبدو ان الصوت لا يصل الى الأعلى يا رفيق.
سأل صاحبنا، زميله النكاراغوي عمن يكون الأعلى، قال خريستو:
إما المسيح، إما رب الاتراك أو المخابرات، أرجوك لا تستوضحه من يكون، فأنا جائع وبدأت أشعر بالصداع، أريد طعاما.
سنة 2007، أثناء حفلة زجل بقيادة طليع حمدان، نظمتها هيئة دعم المقاومة، بدأ الأخير حفلته برثاء الدف.
سأل صاحبنا أحد الاخوة الكادر و الأقرب أليه، كيف لفكر إلهي عظيم وتراث وتاريخ انساني رائع أن يصطدم بالدفّ؟
قال الكادر الملتزم والواثق بنفسه:
هذا رأي المرجعية العليا يا أخ.
سأل صاحبنا أبن بلدته الحاج علي، من تكون المرجعية العليا؟
أجابه: إما ربّنا، أما القائد، أما السيد، أرجوك لا تستوضح منه، فأنا جائع وبدأت أشعر بالصداع، أريد طعاما.
سنة 1990، في مدينة مونبليه، دخل صاحبنا ليشتري كارت للهاتف العمومي، طلب من البائع الكارت فبادره البائع بعبارة صباح الخير يا سيّد، أخذ الكارت ومضى، فبادره البائع بصوت مرتفع، بعبارة الى اللقاء وشكرا يا سيّد.
خرج خجلا من نفسه وقال لصديقه:
هذا البائع، أعطاني درسا في الاخلاق، اجابه حسن:
لا تستوضح الامر الان، انا جائع وبدأت أشعر بالصداع، اريد طعاما.
في سنة 2019، الجمهورية الفرنسية تصطدم بأخلاقها وشعاراتها في حقوق الانسان والعدالة والمساواة والاخوة والحرية، ما جعل جماعة السترات الصفراء ترفع الصوت لتحافظ على حقوقها.
سنة 2019 والبارحة تحديدا، طرحه على الفراش، فيروسا حقيرا، شعر معه بالضعف والاذلال، لم يبق معه غير لله والدواء، أستعان بهما ضد الألم والخوف والمرض، سٌرّ من نفسه كثيرا أنه لم يصطدم بالله طيلة حياته دون ان يهمه أكان حقيقة هناك أم لم يكن .
طلبت منه صديقته ميساء ان لا يكتب وهو مريض فأجابها:
لا تستوضحي الرأي، أنا جائع وبدأت أشعر بالصداع، أريد طعاما.