جوانب من أزمة الدواء: الأسباب والحلول الممكنة
محمد هاني شقير -الحوارنيوز خاص
في لبنان أزمة دواء تذر بقرنها منذ أشهر،ويخشى أن تستفحل أكثر في الأشهر المقبلة.كان يكفي أن يتردد نبأ عن نية مصرف لبنان وقف الدعم عن السلع الأساسية ،وبينها الدواء ،لكي تختفي أصناف عدة من الأدوية من السوق ،تبين أن ذلك يعود لسببين رئيسيين:إما بسبب تخزين شركات الأدوية لهذه الأصناف بانتظار رفع الدعم ،أو لاندفاع المواطنين لتخزين بعض الأدوية في منازلهم خشية انقطاعها أو ارتفاع أسعارها.
في ظل هذا الواقع كان من الطبيعي أن يكون هذا الموضوع محل متابعة من المعنيين ،حيث طمأن وزير الصحة حمد حسن بأن الدعم لن يرفع عن الأدوية .
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجه يتابع من جهته قضية اختفاء الأدوية من الصيدليات بفعل الاحتكار والجشع والتهريب. وبعد تغريدة له قال فيها: بينما يدفع اللبنانيون ثمن الدواء المدعوم من بقايا مدخراتهم في مصرف لبنان. تقوم مافيات الدواء بتهريبه وبيعه في الخارج، أو إخفائه بانتظار وقف الدعم وارتفاع الأسعار.
وطالب فيها وزير الصحة باتّخاذ تدابير رادعة بحق محتكري الدواء ومصادرة محتويات مخازنهم، وتوزيعها على المحتاجين مجاناً.
و اكد النائب خواجة ل "الحوارنيوز" ان اتصالاً حصل يوم امس مع وزير الصحة حمد حسن الذي وعد ان تقوم الاجهزة المختصة بالوزارة بالتنسيق مع القوى الامنية بالكشف على المستودعات العائدة للشركات المستوردة، بغية التأكد من أنها تقوم بتوزيع الادوية على الصيدليات بشكل طبيعي، وأنها لم تخزنها بشكل غير قانوني بانتظار رفع اسعارها لاحقًا.
واضاف أنه نشر تغريدته بعد ورود اتصالات من المواطنين تشكو عدم توافر مئات الاصناف من الادوية بالصيدليات بكميات تلبي حاجة السوق. وتوقع ان المستوردين وحتى بعض الصيدليات يقومون بـ : إما تخزبن الادوية بشكل غير قانوني بغية رفع اسعارها، وإما تهريبها الى الخارج مستفيدين من الدعم الذي يتوفر لها وبعضهم يقوم بتحويل أموال الدواء المهرب الى حساباتهم في الخارج على حساب إفقار اللبنانيين. وبالتالي يراكمون أموالهم، وهي أصلاً أموال ومدخرات الشعب اللبناني التي جناها بتعبه وعرق جبينه.
وطلب خواجة من الويز حمد أن يتم الاعلان والتشهير بكل شركة يثبت احتكارها للدواء، لأن الذهاب الى القضاء على أهميته فإن عمله يستغرق وقتا طويلا، ونحن في حاجة الى نتائج سريعة في مثل هذه القضايا وبخاصة موضوع الدواء.
وختم بدعوة وزارة الصحة الى توزيع الادوية التي يجري ضبطها مخزّنة لدى المستودعات على المرضى الفقراء والمحتاجين في جميع أرجاء الوطن، مؤكدًا أن دعم السلع الاساسية هدفه تخفيض الفاتورة عن كاهل المواطن وليس مراكمة الاموال لدى كبار التجار والمحتكرين.
في هذا الوقت ذكرت مصادر معنية من داخل وزارة الصحة، أن فاتورة الدواء جرى تخفيضها بنسب متفاوتة، وأن ما يحصل اليوم سببه الضجة المفتعلة في قضية رفع الدعم والتي أثارها حاكم مصرف لبنان والدوائر المرتبطة به، الأمر الذي أقلق المواطن فلجأ الى شراء كميات كبيرة من الأدوية التي يستخدمها ليتفادى ارتفاع اسعارها لاحقًا واحتمال فقدانها من الصيدليات أيضًا، ما تسبب بنقص عدد من الأدوية في السوق تمامًا كما يحصل في جميع المواد المدعومة كمادتي البنزين والمازوت والطحين.
وتضيف أن كمية الأدوية الموجودة في السوق ما زالت هي هي كما كل عام، مشيرًة الى تعمد بعض المستوردين الاحتفاظ بكميات من الادوية في مستودعاتهم بشكل مريب بغية رفع اسعارها عندما يحصل رفع الدعم. وأكدت أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بتحديد قيمة المبالغ المدعومة المعطاة للمستوردين والتي هي بدورها غير كافية. فالمشكلة بحسب المصدر متعددة ولكن على الذي أقلق الناس أن يعود ويطمئنهم حتى تنتفي تلك الفوضى المتحكمة بالسوق.
وتابع من جهة أخرى أن العمل جارٍ لفرض شروط معينة على مشتري الدواء الأجانب الذين يشترون بعض الأدوية للاستعمال الشخصي، وذلك لرفع الضريبة عليه بما يوازي سعر صرف الدولار المصرفي البالغ نحو 4000 ل. ل. وفي هذه الحالة يصبح سعره موازيا لسعره المعتمد في الوطن الأم للمشتري، وحينها قد يشتريه وقد لا يفعل وفي الحالتين لن يؤثر الأمر على سوقنا الدوائي. أما في ما يتعلق بموضوع إخفاء بعض المحتكرين للدواء فإن الأمر يحتاج الى تحقيقات ومعلومات صحيحة وحينها يبنى على الشيء مقتضاه.
وختم ان وزارة الصحة بصدد القيام باجراءات فورية لدى الشركات والمستودعات للتأكد من عدم احتكارها للداوء لاهداف ربحية غير مشروعة.
من جهته عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي ومسؤول اللجنة الصحية في الحزب الدكتور عمران فوعاني، قال ل "الحوارنيوز" ان أزمة الدواء لا تنفصل عن ازمة المحروقات ومعظم السلع الغذائية. وهي نتيجة سياسات النهب والاحتكار وغياب سياسة وطنية تنظم موضوع الدواء في لبنان بما يخدم الشعب اللبناني.
وتابع ان نسبة الانتاج الوطني المحلي للدواء تبلغ حوالي 7 بالمائة من قيمة الاستيراد السنوي الذي يساوي مليار وتسعماية مليون دولار، الأمر الذي يجعلنا نفكر بدعم الصناعات الدوائية الوطنية التي تملك امكانات كبيرة بشرية وعلمية، وهي خطوة من شأنها تعديل الخلل القائم ببن الاستيراد وبين الانتاج الوطني المحلي.
لذلك نرى ،يضيف فوعاني، أن الاستمرار بسياسات السلطة التي تتخبط يمينًا وشمالاً في معالجة قضايا الناس وخاصة الصحية منها، تهدد الأمان الصحي للبناني الذي هو في صلب حقوق الانسان. وطالب وزارة الصحة والقوى الامنية بمكافحة التهريب ومنع اخفاء السلع الأساسية ومنها الدواء في المستودعات بانتظار رفع الدعم ليزيد المحتكرون ارباحهم، ونحن نرى انه قبل انتفاضة 17 تشرين وبعدها لم تتغير سياسات السلطة؛ سلطة النهب والفساد والمحاصصة وتغطية الفاسدين الذين يستفيدون من عدم قيام القضاء بدوره.
وتابع فوعاني أن الدعم هو ليس للشركات ولا للمحتكرين انما هو للمواطن اللبناني، وختم بمطالبة وزارة الصحة بأن تتابع هذا الملف بجدية لتصل الى خواتيم تخدم صحة المواطن اللبناني أولاً وأخيرًا.