كتب واصف عواضة
نقلت جريدة “الأنباء” الألكترونية الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي هذا الصباح،عن نائب رئيس تيار “المستقبل” مصطفى علوش قوله إن السبب الأساسي لزيارة وزير الخارجية الفرنسية جان أيف لودريان الى لبنان “كان لإبلاغ المسؤولين اللبنانيين بانتهاء المبادرة الفرنسية”، مستبعدا أي حل بسبب فشل هذه المبادرة.
وكشف علوش عن “ضغوط كثيرة تعرض لها الرئيس المكلف سعد الحريري من قبل الفرنسيين، وآخرها إقتراح لقائه النائب جيران باسيل، وقد اشترط الحريري قبل حصول اللقاء أن يعلن باسيل صراحة تأييده للحكومة وإستعداده لإعطائها الثقة”.
واتهم علوش الجانب الفرنسي “بعدم المساعدة على حل الأزمة والإكتفاء بإطلاق المواقف التي لم توصل الى نتيجة”. وانتقد لقاء قصر الصنوبر “لأن القوى التي التقاها لودريان ليس لها بغالبيتها أي وزن سياسي”، معتبراً أن “مشكلة الحريري أنه كان واثقا جدا بالفرنسيين”(انتهى تصريح علوش) .
واضح من كلام علوش أن تيار “المستقبل” لم ينع المبادرة الفرنسية فقط ،بل ذهب أبعد من ذلك ،في انتقاده الموقف الفرنسي لأول مرة في تاريخ التيار ،وهو ما يؤكد المعلومات التي ترددت قبل يومين عن انزعاج الرئيس سعد الحريري من نتائج لقائه لودريان الذي قيل إنه ساواه بمعرقلي تشكيل الحكومة.
في ظل هذا الواقع ،يُطرح السؤال بحرارة اليوم قبل الغد:ماذا بعد ،والى أين؟
أكثر من مصدر مطلع يرى أن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة بات أمرا واقعا.فلا الغطاء الفرنسي أضحى متوفرا،ولا الرضى السعودي موجود من الأساس ،ولا التأييد الأميركي حاضر في هذه المرحلة لانهماك الإدارة الأميركية بقضايا المنطقة حيث يبدو لبنان آخر همومها.فكيف لسعد الحريري أن يعاند كل هذه القوى المؤثرة في القرار اللبناني؟
مشكلة سعد الحريري من الأساس ليست فقط مع الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل ،بل هي أيضا في مدى قدرته على أن تنتج حكومته المفترضة إنجازات تمكّن تياره من الذهاب الى الانتخابات النيابية في ربيع العام المقبل بأوراق قوة.ويعرف الحريري وتياره أن هذه الإنجازات في ظروف البلد الحالية، لا يمكن أن تتحقق من دون دعم عربي ودولي يضع لبنان على سكة الإنقاذ من حالة الانهيار التي يعيشها .وهذا الدعم تؤمنه وتيسّر سبيله دولتان فقط:المملكة العربية السعودية وفرنسا.وإذا ما نفضت هاتان الدولتان يدهما من لبنان ،فإن من الجنون إقدام الرئيس الحريري على تنكب رئاسة الحكومة.وعليه خفت حماس الرئيس المكلف في المرحلة الأخيرة لهذه المهمة.
قد يكون اعتذار الرئيس الحريري قبل عيد الفطر أو بعده،لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة :ما هو البديل؟
لم يعد خافيا أن إسم الرئيس نجيب ميقاتي يطرح منذ أيام في سوق الخيارات الواردة ،على أنه الأوفر حظا لهذه المهمة لأكثر من سبب ،ومنها:
أولا أنه صاحب صيغة ال 24 وزيرا.
ثانيا أنه يحظى بقبول معظم الفرقاء،على قاعدة”ليس حباً بعليّ بل كرها بمعاوية”،وذلك استبعادا للبدائل الأخرى سواء في نادي رؤساء الحكومات أو خارجه.
ثالثا أنه ليس عليه أي”فيتو” خارجي كما هو حال الرئيس الحريري الآن.
طبعا ليس من السهل على “رجل الأعمال الناجح” نجيب ميقاتي التنكب لموقع رئاسة الحكومة في ظل حالة الانهيار الاقتصادي التي يعيشها البلد ،وعليه سوف يفكر طويلا في قبول هذه المهمة ،وقد يطرح شروطا مسبقة ،داخليا وخارجيا.ووحدها المملكة العربية السعودية يمكنها أن تؤمّن له الغطاء اللازم في الداخل أولا،باعتبار أن معظم الطائفة السنية في لبنان وفعالياتها ترتضي ما ترتضيه المملكة.
في أي حال قد تكون فرصة العيد مناسبة لمزيد من التشاور في هذا المجال،وإن غدا لناظره قريب.
زر الذهاب إلى الأعلى