حسن علوش – الحوارنيوز
تنقسم الآراء بشأن اتفاق وقف اطلاق النار الموقع مع العدو الاسرائيلي بين مجموعتين كبيرتين:
المجموعة الأولى ترى في الاتفاق مصلحة وطنية لبنانية، ومصلحة للمقاومة ضمناً، بعد إنهيار المحور الإقليمي الداعم للمقاومة والذي كان يعتبر غطاء وشرياناً حيوياً لها.
فلبنان أوقف حرب إبادة شاملة انطوت على جرائم حرب وجرائم ضد الانسانسة وسط صمت / تغطية من بعض الأنظمة البرجوازية العربية والإسلامية وعجز دول أخرى وسكون الشارع العربي المدجّن والمحاصر بأزمات اقتصادية وفتن مذهبية الخ..
وتمكنت المقاومة من وقف تمدد العدو بفضل “بأس” رجالها وفرضت وقفاً ندياً للنار، والزام العدو بالإقرار بتفيذ القرار 1701 الذي طالما كان يرفض تنفيذه أو حتى الإعتراف به إسوة بسائر القرارات الدولية المتصلة بالحالة اللبنانية أو الحالة الفلسطينية.
الثغرة الوحيدة في الإتفاق هي مهلة الستين يوما والحق الذي أعطي للعدو بالتحرك ضمن هذه الفترة ضد كل هدف معاد.. وهو حق أعطي للطرفين لكن الطرف اللبناني مقيد حتى الآن!
المجموعة الثانية ترى في الاتفاق نصراً “لدولة اسرائيل” (العدو) وتسوق للهزيمة وكأنها قدر حتمي ونهائي وتفرح لمثل هذا الخطاب، إما لشعورها بالإنهزام وتسليمها به، أو لجنوحها نحو السلم والسلام على حساب لبنان وسيادته والحقوق التاريخية للفلسطينيين بفلسطين المحتلة، وإما “نكاية” بالمشروع الإيراني الذي شكل شمّاعة هذه المجموعة في عدائهم للمقاومة وفكرة المقاومة وحق اللبنانيين في المقاومة… وهؤلاء ينطبق عليهم المثل الشعبي: نكاية بالطهارة …!
ومنذ توقيع الإتفاق النافذ بدأ العدو بالتغلغل في بعض القرى وواصل خروقاته وعمليات القتل والاغتيال، وهو ما زال حتى اليوم، وسط كلام اسرائيلي رسمي بأن قادة الإحتلال يفكرون بعدم الإلتزام بمهلة الستين يوماً وأنهم بدأوا يجهزون بنى تحتية لمواقع ثابتة في جنوب لبنان!
لبنان الرسمي يصرح برفض هذه الخروقات ويطالب بتفعيل عمل اللجنة المكلفة بالإشراف على تنفيذ وقف النار.. هذا أعلى ما أقدم عليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي استعجل زيارة الى الجنوب ويداه فارغتان وخطابه أجوف، لا بل مخيب للآمال إذ أنه اكتفى بالمطالبة بوقف الخروقات ودعوة اللجنة الدولية للإجتماع أمس، ليكرر أمامها خطابه الإعلامي، والأكثر غرابة أنه تجاهل خلال الجولة وخلال الاجتماع ذكر لبنانية مزارع شبعا ومزارع كفرشوبا.
لا يخفي على الرئيس ميقاتي بأن اللجنة لوجستية ولا قدرة لها على إلزام العدو بمندرجات وقف النار ولا بتطبيق القرار 1701، وستكون نسخة عن قوات الطوارئ الدولية المعززة العاملة في جنوب لبنان؛ إما أنها بلا حيل وفاقدة القدرة على الحركة والفعل، وإما لديها تعليمات بالحركة والفعل تجاه الطرف اللبناني حصرا.
وإذاك، لا ينفع مثل هذه المواقف والاجتماعات، ولا بد من مواقف أكثر جدية كدعوة سفراء الدول المعنية وتسليمهم مذكرة بالمخاطر التي بدأت تحدق بالإتفاق.. وبإتصالات مباشرة مع رؤساء الدول المعنية، والطلب الى الجيش اللبناني وقف عملية الانتشار الا ضمن اجندة واضحة ومعلنة تضعها اللجنة الدولية المعنية. وفي هذا المجال فإن قائد الجيش العماد جوزاف عون معني بأن يكون أكثر حذرا في تنفيذه قرار الانتشار غير المحمي دولياً، ولتجنب مغامرة أو فخ يُنصب للجيش.
إن دعم المؤسسة العسكرية بالأسلحة والعتاد لا قيمة له خارج إطار تنفيذ القرارات الدولية، فالجيش اللبناني الذي قدم التضحيات الكبيرة في مواجهة العدو، يدرك أن لا قدرة له على مواجهة جيش العدو الذي يعتدي ويتوغل نيابة عن دول المحور الأميركي بأسره ولمصلحته. وأن الجيوش العربية كلها كانت موضع استهداف العدو، ولن يكون الجيش اللبناني خارج هذا السيناريو.
لقد تسرّع لبنان الرسمي في الموافقة على مهلة الستين يوماً بحجة إلحاح الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على جواب خلال 12 ساعة قبل مغادرته لبنان نحو فلسطين المحتلة، ولأنه كان همّ المفاوض اللبناني وقف حرب الإبادة، وافق على المهلة شرط الإلتزام وإلزام العدو وقف عدوانه… وهذا لم يحصل.
تقول المعلومات “إن إتصالات جرت خلال ال 48 ساعة الماضية بين المفاوض اللبناني والوسيط الأميركي، أعرب خلالها الأول عن مخاوفه من انهيار الاتفاق بعد تمادي العدو في خروقاته، فيما طلب الثاني تهدئة الوضع واعدا بإجراء الاتصالات اللازمة”.
ويبدو أن خلاصة الاتصالات نتج عنها “زيارة مكوكية سيقوم بها هوكشتاين بدءا من تل ابيب، ثم الى بيروت في محاولة لوقف الإنزلاق نحو معاودة المواجهات بين لبنان وقوات الاحتلال، وما قد ينتج عنها من اعادة خلط للأوراق الإقليمية”.
المرحلة مفتوحة على خيارات متعددة، ولبنان ما زال في قلب العاصفة.
موقف المقاومة
موقف حزب الله عبر عنه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض فقال:
“إن توغل قوات العدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية وصولا إلى وادي الحجير، يشكل تطورا شديد الخطورة وتهديدا جدياً لإعلان الإجراءات التنفيذية للقرار 1701 وتقويضا للصدقية الواهنة للجنة المشرفة على تنفيذه”.
واشار الى أن “هذا التطور الذي يظهر تعاطيا إسرائيليا خارج أي التزام أو إجراءات، وكأن لا وجود لأي تفاهم أو التزامات، يوجب على الدولة اللبنانية حكومة وجيشا وجهات معنية، إعادة تقويم الموقف بصورة فورية، ومراجعة الآداء الحالي الذي أظهر فشلا ذريعا في الحد من الإمعان الإسرائيلي في إستمرار الأعمال العدائية على المستويات كافة بما فيها التوغل في الأراضي اللبنانية وقتل واعتقال المدنيين اللبنانيين”.