تمرد الأنا على الذات..
قرّرت ان لا اموت أحمق، ان لا أموت جاهلاً، ان انتهي من كل عُقدي النفسية والمهنية والاجتماعية وان انتهي من كل صدماتي العاطفية والسياسية والطائفية وان اتجاوز الكوابيس المالية و رسم الارزة في العلم اللبناني وان اصبح عاهراً او لصاً او مجرماً في اسوأ الاحوال .
جمعت ما بقي عندي من كتب الفلسفة والادب والشعر والتاريخ والروايات العالمية والعربية وما تيسر من كتب طبيه وعلمية و رميتها في جورة حفرتها في الارض على حين غرّة ثمّ اشعلت بها النار وصرت ادور حول النار عاريا لا استر غير عورتي بشهادتي الجامعية التعيسة ، أهلّل، أكبّر،أصيح، أغنّي، أرقص حاملا بيدي اليمنى بندقية قديمة غير صالحة للقتال وفي يدي اليُسرى غصن زيتون .
كلما حاولت الريح إنقاذ كتاب لوجه الله تعالى ،ركلت الريح وصفعتها ورميت على الكتاب اسوأ نوع من البنزين.
خافت الناس من تقديسي للنار،خافوا من مجوسيتي المخفية ،ظنوا اني مثلهم يا ما ويا ما مارسوا التقية،تجمهرت الناس من حولي محاولة الفصل بيني وبين احتراق الضحايا، كلما حاولوا إنقاذ كتاب ،هجمت حاملاً الرمح الخشبي و كالشامان :ساحر القبيلة لأزيد الكتاب تعذيبا واحتراقاً، صاح اغباهم، صرخ بضرورة البحث في النار عن قتلى محتملين، عن صور زعماء سياسيين، عن اشارات دينية، عن اي كتاب مقدّس لتجنب نزول اللعنةوغضب الآلهة والأحزاب على البلدة ومن فيها، ألقوا القبض عليً،القوا الحُرم ،قيّدني اقواهم ،ربطني بحبل عند جذع شجرة سرو لا تنمو بسهولة لتسمم جذورها بتراب لم يقتنع ان الانسان يعود له عند مماته، هدّدتني الناس، خيّرتني بين العسكر كأمن واستقصاء وتحرٍ ومخابرات و شعبةمعلومات وامن دولة وامن قومي وامن حزبي وبين أطباء نفسيين في مستشفى الشفاء للأمراض العقلية التابعة للهيئة الصحية الاسلامية لحزب الله !!!في عرمون.
تمكنوا منّي، تقدّمت منّي سيّدة ولمست بيدها رأسي وصارت تباركني بآيات شبه قرآنية، تستعيذ بالله من الجنّ والابالسة وترقيني (رقوة) رغم ان العفاريت من حولها وما علمت بها، سترتني العجوزة المؤمنة الطاهرة بمنديلها، همست لي بأذني:
-الشهادة الجامعية يا بنيّ لا تستر عورة احد، الأوجب شرعاً ان استر عوراتك من ان استر عريي انا امام هؤلاء الكفرة،لم يحن الاوان لتتحرّر من بداوة القوم و نجاسة المجتمع ، لم يحن الوقت بعد للتحرّر من حقيقة الخلق ومن اسئلةالوجود ومن ضرورة العيش مع اوغاد، ليس الزمن بزمن الاخلاق في أمة مات فيها الحق وانتحرت فيها العدالة وتخاوا فيها المقدّس مع الرياء ،في زمن باعت الناس ارواحها لوهم و دفنت إجسادها في الوحل بدل التمتع بالحياة ،في زمن اثمرت فيه الاشجار قرودا وتناسلت به البهائم بشراً…
تقدّم صوبي احد الوجهاء، اعرب لي عن إستيائه من أفعالي الهوجاء المتكرّرة ،اعرب عن قلقه من تمرّد اناي ضد الذات، سألني عن مطالبي ليحلّ وثاقي :
–أوظيفة تريد وتطلب من رئيس ؟
امالا تبغي من محتال وتاجر لعينً؟
أمنصباً تبحث ليهدىء من روعك ؟
ألسلطة تهدف لتناسب جنونك و تعجرفك؟
رفعت رأسي نحوه و قلت بصوت مبحوح من الألم والآه و من وجع القيود :
—اريد ان يكون لي خاناً للعاهرات شرط ان يكون الزبائن من الصمّ والبكم والعمي لأقضي بقية حياتي فيه، فهل تساعدوني؟