قالت الصحف: كباش محلي بنكهة إقليمية
الحوارنيوز – خاص
صحيفة "النهار" عنونت: " استنفار واسع في مواجهة التهويل" وكتبت تقول : لم تكن تظاهرة منظمة الشباب التقدمي في الحزب التقدمي الاشتراكي التعبير الوحيد عن مدى الاحتقان الذي خلّفه مناخ التهويل والتهديد الذي أشاعه في البلاد خطاب وزير الخارجية جبران باسيل أول من أمس، مع أن السقف السياسي المرتفع والسخونة البالغة اللذين طبعاً الخطاب الاشتراكي في الساعات الأخيرة شكلاً العينة الأكثر تعبيراً عن حجم الأخطار التي تسبب بها هذا المناخ. ذلك أن الاستنفار السياسي سرعان ما ارتد على الحكومة التي تعرضت في جلسة مجلس الوزراء مساء أمس لهزة عنيفة كان من نتائجها المباشرة تأخير انجاز اقرار الموازنة من جهة وشحن المناقشات بجرعات كبيرة من التوتر، الأمر الذي وضع مختلف الاستحقاقات الداهمة التي تواجهها في عين العاصفة.
وبدا واضحاً أن الاستنفار السياسي الواسع الذي أثارته مواقف باسيل والاتجاهات المتفردة التي عبر عنها في شأن زيارة دمشق مرشح لمزيد من التفاقم في ظل ما بدأ يتضح في الساعات الأخيرة من تلازم مكشوف في المناخ التصعيدي المفتعل بين خطاب باسيل ومواقفه من جهة والاتجاهات الطارئة لـ"حزب الله" حيال المصارف من جهة أخرى علماً أن الاندفاع في التهويل المزدوج جاء عقب اللقاء الطويل بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وباسيل الأسبوع الماضي. فالحزب بدأ عملية تسريبات متعمدة عن قرار اتخذه بالتحرك ضد المصارف أو بعضها في شأن التزامها العقوبات الاميركية عليه قد يتجسد في تحرك في الشارع أو سواه من وسائل التعبير عن سخطه كما قيل.
ويسود الاعتقاد بان موجة التصعيد التي باشرها "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" تستهدف الضغط على مجمل القوى السياسية لنقل البلاد الى مرحلة جديدة محكومة بالشروط التي يطرحها تحالفهما مع اقتراب ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من طي السنة الثالثة في نهاية الشهر الجاري، بما يعني أن ثمة أجندة مزدوجة يسعى هذا التحالف الى تحقيقها. الأولى تعني التيار وهي رمي كرة المخاوف المتصاعدة من الأخطار المالية والاقتصادية واحتمالاتها المتعاظمة في مرمى القوى الأخرى وتبرئة العهد منها لئلا يتحمل تبعة التدهور الخطير الذي بلغته البلاد. والثانية تعني الحزب وهي توظيف العوامل الداخلية والاقليمية للدفع بقوة نحو انجاز ديبلوماسي لمصلحة المحور السوري – الايراني من خلال رعاية الانفتاح اللبناني الرسمي على النظام السوري وفي الوقت نفسه محاولة الضغط داخليا لتقليص الضغوط المالية التي يتعرض لها عبر العقوبات الاميركية.
بدورها عنونت صحيفة "الأخبار ":" الحريري يحرد بعد فشله في زيادة ال TVA .. جنبلاط في الشارع: اختراع عدو وإحراج رئيس الحكومة" وكتبت تقول: لم ينجح النائب السابق وليد جنبلاط في نقل توتّره من الشارع إلى طاولة مجلس الوزراء. فجبران باسيل وأعضاء تكتله تجاهلوا هجوم وزراء جنبلاط عليه. لكن "الحرد" كان من نصيب الرئيس سعد الحريري الذي رفع جلسة الحكومة بعد فشله في فرض زيادة ضريبة القيمة المضافة
فعلها النائب السابق وليد جنبلاط، وتقدّم القوى السياسيّة بالنزول الصاخب إلى الشارع. حشد كبير من الاشتراكيين انطلق من الكولا، بعد ظهر أمس، ليتجمهر حول خطاب ناري للوزير وائل أبو فاعور في ساحة الشهداء، وهو يرفع سقف الصراع السياسي في البلاد… من دون مبرّر!
أجندة جنبلاط ليست واضحة هذه المرّة، مثل مرّات سابقة كثيرة، وباعترافه، منها تلك التي سمّاها "لحظة تخلّ"، أو تلك التي سمّى فيها نفسه "أداةً بأيدي الدول" خلال "مراسم" تكريم السفير السوري علي عبد الكريم علي في المختارة، قبل سنوات قليلة.
في الداخل، تتّفق القوى السياسية، أو غالبيتها، على إبقاء الصراع الداخلي تحت التسوية الرئاسية. حتى حزب القوات اللبنانية، وهو أحد أبرز المتضررين من التسوية، يحاذر التصعيد والاقتراب من أي تأثير فعلي على الاستقرار. وحده جنبلاط بات يقارب لعبة الأمن، كما في قبرشمون وقبلها، كذلك في لعبة الشارع أمس.
مفهومٌ هذا القلق الجنبلاطي. فآخر الرهانات الإقليمية التي عوّل عليها… مع فارس سعيد، سقطت جميعها بالضربة القاضية على أرض سوريا، مع انتشار الجيش السوري أمس في الشرق السوري وإعلان الميليشيات تسليمها مناطقها لدمشق برعاية روسية مباشرة وإيرانية غير مباشرة، وترحيب دولي غير معلن، وتعاطف عربي مع سوريا. أمّا في الداخل، فأتى الغطاء المقنّع الذي منحه الرئيس سعد الحريري لإعلان الوزير جبران باسيل عزمه على زيارة دمشق، صاعقاً على جنبلاط، في هذا التوقيت الدقيق.
وإذا كان القلق مفهوماً، فإن ردّ الفعل الجنبلاطي غير مفهوم، بوقوعه خارج السياق الإقليمي والدولي والمحلي. فما الذي يدفع جنبلاط إلى التحرّك في هذا التوقيت ضد سوريا، معاكساً المناخ المصري والإماراتي وحتى السعودي؟ وما الذي يدفعه لرفع السقف ضد الرئيس ميشال عون وباسيل، بعدما سحب عون فتيل التفجير في الجبل قبل شهر، وقَبِلَ بترحيب الوزير أكرم شهيّب به في قصر بيت الدين، كرمى للتهدئة، مانحاً جنبلاط شحنةً من الدعم المعنوي؟
تقتنع أكثر من شخصية سياسية بارزة في البلاد بأن التصعيد هو وسيلة جنبلاط الوحيدة اليوم للتعبير عن أزمته. ويضع هؤلاء الهجوم المفاجئ على العهد وباسيل في الأيام الماضية، "كردّ فعلٍ أوّلاً على عدم قبول عون لفلفة قضية قبرشمون، وقيام القوى الأمنية بتوقيف بعض الاشتراكيين أخيراً"، فضلاً عن "حاجته إلى خلق عدوّ في التجاذب الداخلي يساعده على شدّ عصب مناصريه، فيستسهل الهجوم على باسيل وعون".
أما السبب الثاني بالنسبة إلى هؤلاء، فهو محاولة جنبلاط المزايدة على الحريري وإحراجه في ملفّ العلاقة مع سوريا، بعدما شعر بأن رئيس الحكومة لم يعد في موقع المعرقل لحصول تواصل رسمي حكومي مع الحكومة السورية.
وعنونت صحيفة "الجمهورية" لمحليتها اللبنانية:" الازمة الاقتصادية تتحول سياسية وتؤخر إقرار الموازنة" وكتبت تقول:" " إحتقنَت في الاقتصاد والمال وانفجرت في السياسة، لتنثر في الاجواء علامات استفهام حول الغاية من دفع الوضع اللبناني الى هذا المستوى من التوتر، خصوصاً أنّ من شأنه أن يُلقي تعقيدات إضافية تُفاقم الأزمة على مختلف المستويات. فالمواطن انتظر حلولاً للأزمات، فإذا به يلقى مساجلات بين من يفترض بهم إيجاد المعالجات، وقد تفاجأ كثيرون باستحضار ملفات خلافية سياسية مثل ملف العلاقة مع سوريا وغيره، طارحاً البحث في العلاجات اللازمة لها فيما الأزمة الاقتصادية والمالية هي التي تحتاج الى معالجة سريعة ومُلحّة من خلال إقرار موازنة 2020 مُتضمّنة إصلاحات تستجيب لمتطلبات مؤتمر "سيدر" والدول المانحة، وكذلك من خلال اتخاذ مزيد من الاجراءات والضوابط التي توقِف الهدر في المال العام وتَضع البلاد على سكّة المكافحة الفعلية للفساد. أوّل غيث الخلافات السياسية كان بين الحزب "التقدمي الاشتراكي" و"التيار الوطني الحر"، وشَكّلت تغريدة رئيس الحزب وليد جنبلاط، تعليقاً على إعلان رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل انه ذاهب الى سوريا، بداية التصعيد الذي استُكمِل بمسيرة منظّمة "الشباب التقدمي" في يوم إضراب الافران أمس من الكولا الى ساحة الشهداء، والتي انتهت بانتقادات نارية وَجّهها الوزير وائل ابو فاعور الى باسيل، حيث اتهمه بأنه ذاهب الى سوريا لـ"تَوَسّل" رئاسة الجمهورية، لينتقل التوتر بعدها الى طاولة مجلس الوزراء في السراي الحكومي حيث كانت جلسة عاصفة بين المُتساجلين الاشتراكيين والعونيين، الأمر الذي اذا استمرّ فإنه قد يؤدي الى عدم إقرار موازنة 2020 ضمن المهلة الدستورية لإحالتها الى مجلس النواب التي تنتهي الثلثاء المقبل، حيث يبدأ العقد التشريعي العادي الثاني لهذا المجلس.