تغيّرَت الحرب..فتغيّرَت قواعدها وشروطها(نسيب حطيط)
كتب د.نسيب حطيط- الحوار نيوز
بعد عام على اشتعال جبهة الحدود اللبنانية_ الفلسطينية والتي تقودها المقاومة، بعنوان “إسناد غزة” تعرّضت المقاومة لضربات قاسية بدأت في 17 أيلول 2024 ،عندما بدأت اسرائيل حربها على المقاومة ،كجبهة رئيسية وهدف مشترك للتحالف الأميركي_الاسرائيلي_ العربي_الغربي ،فكانت مجزرة “البيجر” التي اصابت الاف المنتمين للمقاومة وكانت الضربة الأكثر قساوة اغتيال “السيد_الشهيد” والتي اعتقدت اميركا وإسرائيل ،بأنها الضربة القاضية!
اعلنت المقاومة بلسان نائب امينها العام،أن الحرب قد تغيّرت من حرب “إسناد” الى حرب “مباشرة” مع العدو ،وعندما يتغير عنوان الحرب وأهدافها، تتغير قواعد الاشتباك وشروطها ايضا وفي هذا السياق فإن حرب الإسناد ترتكز على المنظومة الثلاثية التالية:
– الهدف الرئيسي للحرب هو “إسناد غزة” ومشاغلة العدو لتخفيف الضغط عنها.
– جغرافيا المواجهة محصورة بالقرى الحدودية ضمن قواعد اشتباك بقيت صامدة ومحترمة من الطرفين طوال العام الماضي مع بعض الخروقات الإسرائيلية تجاه المدنيين .
– – ربط وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية بوقف إطلاق النار في غزه ،لأنها جبهة “إسناد”
اما عندما تحوّلت الحرب منذ 17 أيلول الى حرب بين المقاومة واهلها مقابل العدو الإسرائيلي وحلفائه ، وأنتقلت من مرحلة الإسناد الى مرحلة الدفاع عن لبنان والمواجهة المباشرة وتحوّلت غزة الى جبهة مشاغلة ودفاع عن النفس وتم اخماد الضفة الغربية بعد التوحش الاسرائيلي طوال عام واغتيال اكثر المقاومين، فإن جبهة لبنان بعد التدمير وبعد اغتيال “السيد_الشهيد” واغلب قيادة المقاومة وبعد فرض الشروط الأمريكية لنزع سلاح المقاومة وتنفيذ القرارات الدولية وفق الرؤية الأميركية الإسرائيلية، فإن اهداف وشروط وقواعد الحرب قد تغيّرت وفق التالي:
– ان هدف الحرب ،هو الدفاع عن لبنان والمقاومة ومواجهة تصفيتها ونزع سلاحها ومنع احتلال الجنوب ،خاصة منطقه جنوب الليطاني.
– ان جغرافيا المعركة قد توسّعت من منطقة الحدودية على جانبي الخط الأزرق، فشملت كل لبنان بالقصف الإسرائيلي والاغتيالات وشملت أكثر الجغرافيا الفلسطينية المحتلة وصولا الى حيفا وتل ابيب .
– غابت كل قواعد الاشتباك ولم يلتزم الجانب الاسرائيلي بعدم وقتل المدنيين ولا زالت المقاومة تلتزم دينيا واخلاقيا ،بضرب المواقع والثكنات العسكرية ولم تقصف المدنيين الإسرائيليين.
إن وقف إطلاق النار، وفقا للتغييرات في ماهية الحرب واهدافها ،سيؤدي الى عدم ربط وقف النار في لبنان بوقف النار في غزة، لأن الحرب تحوّلت من حرب”إسناد” الى حرب دفاع عن النفس والارض والمستقبل السياسي للبنان .
يمكن ان يبادر البعض ان يتهم القيادة الجديدة للمقاومة ،بأنها لم تلتزم اخلاقيا او تنظيميا بما طرحه “السيد الشهيد” بوجوب ربط لبنان وغزة، وهذا كلام غير صحيح ولا ينسجم مع آلية اتخاذ القرار، سواء على المستويين العسكري والسياسي من جهة وعلى المستوى الديني .
إن اي قرار سياسي او عسكري تتخذه المقاومة، يرتكز على الحكم الشرعي والمفهوم الديني ووفق مفاهيم الحرب واهدافها وتلتزم المقاومة الشرعية الموضوعية والواقعية وفق القاعدة الفقهية “درء المفاسد أولى من جلب المصالح”، وفتوى القتال واستمراره تتعلق بالمكان والزمان والظروف والامكانات، ومنع الاذى عن الجماعة وتحقيق مصالحها، وبالتالي لو كان “السيد الشهيد” حيّاً لكان قراره وفق المستجدات دون الجمود في الماضي، فلكل امر خطته الاولى وخطته البديلة ،وتجربة الامام الخميني (رض) الذي تسير المقاومة وقيادتها على نهجه يعطي مثلا، لهذا السلوك عندما قبل بتطبيق القرار الدولي (598 ) لوقف الحرب العراقية _الإيرانية!
بعد الصمود الاسطوري خلال 15 يوماً من المقاومة الشجاعة شبه المستحيلة ،والتي استطاعت منع “خمس فرق” إسرائيلية من للتوغل او احتلال القرى اي أن مقاومين يعدّون بالمئات دون سلاح طيران يواجهون 40 ألف جندي اسرائيلي يدعمهم الطيران والبوارج البحرية ومع ذلك يخوضون معركة استشهاديه استثنائية.
لقد أعلنت المقاومة بلسان نائب امينها العام انها مستعدة، للتفاوض “غير المباشر” لوقف النار والعودة المتزامنة للمستوطنين الى الشمال والنازحين اللبنانيين الى الجنوب، وبعدها يتم بحث كل العناوين المطروحة سواء الداخلية السياسية او تنفيذ القرارات الدولية .
ستكون الايام القادمة ساخنة وكثيفة النيران ،لأن العدو يحاول تحقيق انجاز ميداني ومعنوي بالوصول الى الليطاني ،لإعلان انتصاره وفرض شروطه، والمقاومة ستكثف نارها الى العمق الاسرائيلي لتحسين شروطها بالتفاوض ومنع العدو من تحقيق شروطه!
سَيُهزمون… وسننتصر بإذن الله.