تغيير حاكم مصرف لبنان وارد.. ولكن ليس قبل الخطوات الآتية؟
حكمت عبيد – الحوارنيوز خاص
خلافا للمثل الشائع "شطف الدرج من فوق لتحت" للتدليل على البداية الصحيحة للإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، فإن التعامل مع موقع حاكم مصرف لبنان لا يستقيم معه مثل هذا المثل.
فالحاكم بما له من صلاحيات واسعة ومستقلة لإدارة المصرف المركزي، ولكونه من المواقع التي تتقاطع معها مصالح القطاعين العام والخاص، فهو محصن ولا يمكن التعامل معه كموظف خارج النصوص القانونية.
تنص المادة 18 من قانون النقد والتسليف على الحالات التي يمكن أن يقال بموجبها الحاكم. وجاء في المادة:
"في ما عدا حالة الاستقالة الاختيارية، لا يمكن اقالة الحاكم من وظيفته الا لعجز صحي مثبت بحسب الاصول او لاخلال بواجبات وظيفته في ما عناه الفصل الاول من الباب الثالث من قانون العقوبات، او لمخالفة احكام الباب 20، او لخطأ فادح في تسيير الاعمال.
لا يمكن اقالة نائبي الحاكم من وظيفتهم الا لذات الاسباب المعددة في الفقرة السابقة، بناء على اقتراح الحاكم او بعد استطلاع رأيه".
هل إرتكب الحاكم إخلالا بواجباته الوظيفية أو هل ارتكب خطأ فادحا في تسيير الأعمال كما تنص المادة؟
الجواب البديهي: نعم.
لكن هل لبنان الدولة والحكم بمؤسساته الدستورية على سوية وفي منعة تمكنها القيام بمثل هكذا خطوة الآن؟
الجواب البديهي: كلا
ما العمل؟
لا بد من سلسلة خطوات يجب أن تسبق قرار إقالة الحاكم. ويجب أن تجيب الخطوات على أسئلة المرحلة التي تلي إقالة الحاكم، وأن تضع إطارا إقتصاديا وماليا شاملا معطوفا على تغيير منهجي وجذري في السياسات التي كانت متبعة وأفضت إلى ما بلغناه من مديونية عامة، لم نجد معها إلا "الحاكم" ومخزونه من الإحتياط ليغطي عوراتنا وفسادنا.
مشكلة الحاكم سلامة أنه كان ينظر إلى العمليات المالية التي كانت تغطي تردي أوضاع الدولة إلى كونها عملية مالية صرف، وأن الدولة ستعود لتدفع موجباتها، من مال أو أصول أو ذهب الخ…
لم يستشف الحاكم الإنهيار السياسي للنظام وتعطل مفاصل الدولة، ولم يتنبه للتناقضات بين قوى النظام، فغرق وأغرق البلاد والمصارف والمودعين بظلمة دامسة.
بناء على ما تأسس، تقول أوساط معنية ومتابعة، بأن إقالة الحاكم يجب أن تسبقه الخطوات التالية:
1- إقرار الخطة المالية والإقتصادية الموعودة على أن تشمل " تغييرا جوهريا في بنية الإقتصاد اللبناني وتحوله إلى إقتصاد إنتاجي يأخذ بعين الإعتبار الفرص المتاحة لتميزه وسط تنافس كبير في إقتصادات المنطقة.
2- البحث مع المصارف بالمساهمة جديا بعودة الثقة الى هذا القطاع من خلال إعادة بعض الرساميل الخاصة بهم من الخارج وضخها في السوق اللبناني.
3- البحث في إعادة دمج المصارف وما يعرف بإعادة الهيكلة للقطاع.
4- البدء الفوري ودون أي تأخير بإجراءات إصلاحية فورية في الملفات الأكثر سخومنة كملفي الكهرباء والأملاك البحرية والنهرية"
5- إعداد ملف بكبار المتعهدين، وهم قلة قليلة، لدراسة حجم التزاماتهم وأرباحهم المشروعة وغير المشروعة وإلزامهم بدفع نسب من هذه الأرباح كتبرع رضائي لصالح خزينة الدولة تحت طائلة فتح الملفات.
عند توفر مثل هذه الخطوات وما تتيحه من ظروف إيجابية وثقة داخلية وخارجية، لاسيما المؤسسات المالية الدولية، يمكن القول إن هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى قادرة على إقالة حاكم مصرف لبنان.
وإلى ذلك الحين، تضغط المعارضة السياسية على الحكومة من خلال طرح شعارات وشائعات لإرباكها، ومن هذه الشائعات، إقالة "الحاكم " الذي تبلغ أمس ليلا من أكثر من قطب رئاسي بأن الأمر غير مطروح وأن المرحلة الآن للتعاون لإنقاذ البلاد ،ومن ثم نرى في الإتجاهات الواجب سلكها.