رأي

تطبيق العدالة الضريبية في ظل الاعتداءات الإسرائيلية ودور وزارة المالية (عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش الحوارنيوز

 

تشكل العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف المعارض والآليات في لبنان دماراً مادياً هائلاً . هذه الاليات بمعظمها مستوفاة الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة والرسوم المرفئية .والحكومة اللبنانية لغاية الساعة ترفض التعويض على اصحاب الشركات والمصالح ومن ضمنهم اصحاب هذه المعارض ، والتعويض هذا يحتاج الى موازنة وقرار من مجلس الوزراء ، لكن هل رد الرسوم الجمركية والريبة على القيمة المضافة لاصحاب هذه المصالح والشركات تحتاج الى ذلك ، ام هي تحتاج فقط الى قرار صادر عن وزير المالية ، خاصة ان هذه الآليات لم تدخل حيز الاستهلاك المحلي بسبب تدميرها قبل تداولها في السوق.

 تطرح هذه الممارسة إشكاليات قانونية واقتصادية واجتماعية تستدعي الوقوف عند آليات استرداد هذه الرسوم والضرائب والإجراءات المطلوبة لتسهيل هذه العملية.

ان الضريبة على القيمة المضافة في لبنان هي ضريبة غير مباشرة على الاستهلاك، نظمها القانون رقم 379 الصادر بتاريخ 14/12/2001 ومراسيمه التطبيقية. تفرض هذه الضريبة على جميع الأموال والخدمات المستهلكة داخل الأراضي اللبنانية، سواء كانت مصنعة محلياً أو مستوردة باستثناء الأصناف المعفاة. يبلغ المعدل الضريبي الأساسي 11% من قيمة السلعة، ويطبق هذا المعدل على عملية تسليم الأموال أو تقديم خدمات لقاء عوض ، وتهدف هذه الضريبة إلى توفير مورد مالي مستقر للخزينة العامة، حيث تشكل أحد أهم الموارد المالية للدولة .

 الجدير بالذكر أن الضرائب غير المباشرة (بما فيها الضريبة على القيمة المضافة ورسوم الجمارك) تشكل ما يصل إلى 56%  من إجمالي الإيرادات الضريبية في لبنان ، ما يؤكد اعتماد الدولة الكبير على هذه الإيرادات.  

بالعودة الى الاليات التي تم تدميرها يدفع المستوردون عادةً نوعين رئيسيين من الرسوم والضرائب على الآليات المستوردة:

  •      الرسوم الجمركية: تختلف نسبتها حسب نوع الآلية ومواصفاتها
  •      ضريبة القيمة المضافة: تبلغ 11% من قيمة الآلية بما في ذلك سعر الشراء وكلفة الشحن والمصاريف الأخرى.

هذه الضرائب تدفع عند الاستيراد، وتشكل معاً عبئاً مالياً كبيراً على المستورد قبل أن يتمكن من تسويق الآليات وتحقيق أرباح منها. 

تكمن الإشكالية الأساسية في أن الدولة تفرض هذه الضرائب على أساس أن الآليات ستستهلك محلياً وتدر عائداً لمستورديها، لكن الآليات التي تدمر قبل بيعها أو استخدامها لا تدخل حقيقة في دائرة الاستهلاك المحلي، ما يطرح تساؤلات حول شرعية استمرار الدولة في التحصيل الكامل لهذه الضرائب وعدم ردها للمتضرر .

 

من خلال الصلاحيات المعطاة لوزير المالية في قانون الضريبة على القيمة المضافة ، يمكنه إصدار تعاميم تتعلق بـ:

  •      نطاق تطبيق الضريبة أو الإعفاء منها
  •      تاريخ استحقاقها أو أسس فرضها
  •      آليات حسمها واستردادها

هذه الصلاحيات تمنح وزير المالية مرونة معينة في تنظيم آليات استرداد الضريبة والرسوم الجمركية في الحالات الاستثنائية، بما فيها حالات القوة القاهرة مثل الدمار الناتج عن العمليات العسكرية وتكون حجر يسند الخابية في ظل الظروف المؤلمة التي يمر بها المتضررون .

رغم الصلاحيات الواسعة لوزير المالية ، فإن قرار إعفاء كلي أو جزئي من الضرائب والرسوم الجمركية لا يتطلب في الغالب قراراً من مجلس الوزراء ، وهنا نتحدث عن رد رسوم وضرائب وليس اعفاء بسبب عدم توفر شروط الخضوع .  

إن معالجة إشكالية الرسوم والضرائب على الآليات المدمرة تتطلب نظرة عدالة من قبل وزير المالية الى هؤلاء المتضررين ، ولا تحتاج إلى نظرة شمولية او اجتماعات لمجلس الوزراء لإصلاح النظام الضريبي واتخاذ القرارات المناسبة .

إن تبني حلول عادلة لهذه الإشكالية لن يخفف الأعباء عن المتضررين فحسب، بل سيسهم في إعادة الثقة بين المواطن والدولة ، ويؤسس لعلاقة جديدة تقوم على العدالة الضريبية والمسؤولية الاجتماعية، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان التي تتطلب تضامناً وطنياً حقيقياً لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية غير المسبوقة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى