تصحيح تعويضات نهاية الخدمة من أول 2020:إنصاف ل15 ألف عائلة لبنانية
كتب واصف عواضة:
كنا ،نحن العبد الفقير لله ،أول من أثار هذا الموضوع في السابع عشر من شهر أيار الماضي ،وكان الدولار الأميركي (حفظه الله) يلعب مابين 4 و5 آلاف ليرة لبنانية في السوق بينما السعر الرسمي بحسب مصرف لبنان في محيط 1500 ليرة .
يومها كتبنا مقالة في "الحوار نيوز" بعنوان "مأساة موظف مع تعويض نهاية الخدمة" وقلنا فيها بالحرف:
بلغ سن التقاعد في شباط الماضي.هو مستخدم في مؤسسة تخضع لقانون الضمان الاجتماعي منذ العام 1983.كان يعوّل على تعويض نهاية الخدمة لأعانته على تكاليف الحياة في ما تبقى له من عمر.لكن ما حصل ويحصل أن انهيار الليرة اللبنانية عكس في حياته نوعا من المأساة .صار تعويضه ثلث تعويض حتى الآن من قبل أن يحصل عليه ..والله أعلم أين ستكون الليرة عندما يحصل على التعويض.
ظل طول حياته موظفا عصاميا.لم يسرق،لم ينهب،لم يرتش،لم يدخل في صفقات حرام ،لم يكوّن ثروة تعينه على تكاليف العمر.أتيحت أمامه فرص كثيرة لتكديس المال الحرام،لكنه لم يفعل..وهو ليس بنادم على ذلك.
هو ليس وحده صاحب المأساة .هناك الآلاف غيره بلغوا سن التقاعد ولم يقبضوا تعويضهم بعد من صندوق الضمان.بعض زملائه استدركوا انهيار الليرة العام الماضي فسحبوا تعويضاتهم مسبقا بعد بلوغهم الستين.يبتسمون أمامه بأسف أو بسخرية "الله يعوّض عليك".تستفزه هذه الجملة .يشعر بأنه كان من "المُستحمَرين"،لأنه كان يظن نفسه نبيها الى الحد الذي لم يدرك أن الليرة ذاهبة نحو الانهيار،بل أكثر من ذلك ،كان ينظّر دائما بأن الليرة لن تنهار ،سندا الى عملية الغش التي مارسها سياسيون ومصرفيون ومدعو خبرة اقتصادية بأن "الليرة بخير".
يحلم بأن تُقدِم الحكومة ومجلس النواب على استصدار قانون يصحح تعويض نهاية الخدمة على أساس سعر الدولار الرسمي (1500 ليرة).وهذا حقه الطبيعي ،لأن صندوق الضمان كان يحسم من راتبه طوال هذه السنين على أساس السعر الرسمي .أمس اعترته مسحة تفاؤل عندما سمع رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه يتعهد بأن يعمل الاتحاد على استصدار مثل هذا القانون .عسى خير!!
ولكن في أي حال ،صاحبنا ما زال يندب حظه التعس.لقد بلغ سن التقاعد في عز انهيار البلد والعملة الوطنية .إلا أنه في الوقت نفسه لم يسامح نفسه على قلة النباهة والفطنة التي جعلت منه واحدا من "المُستحمَرين"،متمثلا بالآية الكريمة:
" مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ".
صدق الله العظيم..
(انتهت المقالة)
بالأمس طلع علينا المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي (مشكورا) بكتاب كان قد وضعه في عهدة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 26 آب الماضي،يشرح فيه مأساة المتقاعدين ويرجو فيه "اتخاذ القرارات التي ترونها مناسبة للمحافظة قدر الإمكان على القيمة الشرائية لتعويضات نهاية الخدمة وحفاظا على الاستقرار الاجتماعي في البلاد ".
وبالأمس كشف الدكتور كركي عن اجتماع عقده مع سلامة واقترح فيه احتساب دولار التعويضات على أساس 3900 ليرة للدولار ،بما معناه زيادة التعويض بضعف 2.6 (التعويض بالليرة ضرب 2.6 )،وفي ذلك إنصاف للمتقاعدين،على أن يشمل المتقاعدين منذ 1/1/2020 .
ويقول كركي إن حاكم البنك المركزي كان متجاوبا مع هذا الطرح ،استنادا الى التعميم رقم 148 الذي أنصف صغار المودعين .
وتقول المعلومات إن المجلس المركزي لمصرف لبنان سيصدر قرارا بهذا الشأن خلال الأيام المقبلة.ويستدل من ذلك أن هذا التدبير لا يحتاج الى قانون من مجلس النواب كما كان مفترضا في السابق ،وعندها يستطيع أي متقاعد التوجه الى المصرف الذي أودع فيه تعويضه لتصحيح هذا التعويض وفق القرار المفترض لمصرف لبنان.
يذكر أن حجم التعويضات التي دفعها صندوق الضمان لغاية تاريخه تصل الى حدود 500 مليار ليرة لبنانية (أي في حدود 66.6 مليون دولار بحسب سعر السوق اليوم) ،وذلك سندا الى بيان رئيس مصلحة المحاسبة في صندوق الضمان أحمد صالح(مرفق بالصورة) الذي يوضح أن حجم التعويضات التي دفعت بين 1/1/2020 و31/7/2020 تبلغ 437 مليار ليرة(58 مليون دولار).وهذه المبالغ تعتبر زهيدة لانصاف نحو 15 ألف عائلة لبنانية حتى الآن.
في الخلاصة يستحق المدير العام لصندوق الضمان الدكتور كركي كل الشكر على لفتته الإنسانية هذه.بقي أن ينسحب هذا الشكر على حاكم مصرف لبنان والمجلس المركزي ،بانتظار الخطوة التي سيتخذها لأنصاف نحو خمسة عشر ألف عائلة لبنانية .