ترشيد استخدام الطاقة في ندوة افتراضية لملتقى حوار وعطاء بلا حدود
الحوار نيوز
نظّم ملتقى “حوار وعطاء بلا حدود” ندوة بتاريخ 16-أيلول 2021 تحت عنوان “ترشيد استعمال الطاقة في زمن الإنهيار الاقتصادي وإمكانيات وفعالية استعمال الطاقة البديلة” عبر تطبيق Zoom شارك فيها نخبة من أهل الاختصاص والخبرة ونخبة من المهتمين.
أدار الحوار “الدكتور حسن حمادة”، وقد جاءت مداخلات المشاركين كما يلي:
حمود:
مُنسّق الملتقى “الدكتور طلال حمود”، وبعد ترحيبه بالمشاركين وشكره للمحاضرين قال: “إن البشرية تواجه اليوم أكبر معضلتين في تاريخها، وهما التغيير المناخي والزيادة المطّردة في عدد سكان الأرض. وانطلاقًا من هذا الواقع برزت الحاجة المُلحّة إلى التعاون الدّولي من أجل تأمين استثمارات في توليد الكهرباء من الطاقة المتجدّدة (هواء، شمس ومياه) وتكنولوجيا تخُفّض كلفة إنتاجها، مما يحدّ من انبعاث الغازات المُسبّبة لإرتفاع درجة حرارة الأرض (الإحتباس الحراري).
وأضاف “أن الطاقة المتجدّدة تُشكّل «ثورة خضراء» في القرن الحالي وسيكون العقد المقبل عقد الطاقة المتجدّدة كما كان العقد الماضي «عقد الإنترنت»، بحيث أن قيمة الاستثمارات المطلوبة في قطاع الطاقة المتجدّدة عالميًا ارتفعت بشكلٍ كبير في الدول التي تسعى لوضع خطط وبرامج طموحة تهدف لاستبدال الأساليب التقليدية لتوليد الطاقة بالطُرق الصديقة الغير مؤذية للبيئة”.
وأضاف حمود “أما في لبنان الذي يُعتبر دولة نامية، فأزمة الطاقة تراكمية ومُعقّدة جدًا، وتتجلّى اليوم في عجز الدولة عن الإستمرار بسياسة الدعم الذي عقدنا في ملتقى “حوار وعطاء بلا حدود” عدّة ندوات وورش عمل حوله، وهي سياسة تأكدّ فشلها منذ بداياتها. وقد استنزفت مالية الدولة وأدت إلى انهيارها، مما استنزف قدرة اللبنانيين على تحمّل ارتفاع تكلفة حاجاتهم من موارد الطاقة، سيما بعد فشل خطط الكهرباء وسياسات وزارة الطاقة في تحقيق حلول جذريّة تضع أزمة الكهرباء على سكّة الحلّ مما أدّى إلى هدر ما لا يقلّ عن حوالي ٤٠ مليار دولار أنفقت طيلة السنوات الماضية على هذا القطاع دون الوصول إلى حلّ جذري لهذه المعضلة”.
ولذلك فليس غريبًا علينا اليوم، ومع حالة الإنهيار الكامل التي وصلنا إليها على كل المستويات أن نتصدّى لأزمة عطّلت حياة اللبنانيبن وأذلّتهم وقهرتهم وأدّت إلى طوابير ذلّ متعددة على امتداد مساحة الوطن، وإلى ايقاف العمل أو تقنينه في الكثير من المؤسسات والدوائر والمصانع والمستشفيات … وهي أزمة سيكون لها أيضًا أثر هائل لاحقاً على العام الدراسي الذي نعدكم أننا سننظّم حوله عدة نشاطات للاطلاع على أزمته وواقعه ، خاصّة أيضًا في ظل أزمة كورونا والنقص الهائل في المحروقات وتوقّع ارتفاع أسعارها بشكل جنوني بعد رفع الدعم كلياً خلال أيام.
إيراني:
المهندسة المُتخصّصة في أمور الطاقة ومُنسّقة مشروع ESMES مع الإتحاد الأوروبي “ريم إيراني” جاءت مداخلتها تحت عنوان: “مصادر الطاقة البديلة ودورها في استراتيجيات ترشيد الاستخدام” واعتبرت أن خطط الطاقة البديلة بدأت فعليًا في لبنان سنة 2011 والتزمت الدولة بالوصول إلى 12% كمصدر للطاقة المتجدّدة من إجمالي مصادر الطاقة في لبنان في سنة 2020. وتحدثت إيراني عن الاستراتيجيات الوطنية للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وعن اهم المشاريع المنفذة والإنجازات المسجلة في العشر سنوات الماضية ومنها تركيب أنظمة طاقة شمسية لتوليد الكهرباء في المدارس الرسمية وثكنات ومستوصفات للجيش اللبناني والامن الداخلي. وأعتبرت أن الأزمة التي تعصف بلبنان شكلت تحدي كبير لمشاريع الطاقة المتجددة، بالأخص مشاريع توليد الكهرباء من مزارع الرياح ومزارع الطاقة الشمسية الفوتوفلطية مما أدى إلى تأخير في استكمال وتنفيذ عدد من المشاريع. إيراني تحدثت عن قسمت مشاريع الطاقة المتجددة بين مشاريع كبيرة وأخرى صغيرة وعن أهمية اعتماد الطاقة الشمسية اللامركزية كحل سريع، بديل، ومستدام لانتاج الكهرباء في المباني والوحدات السكنية. كما وأشارت الى أهمية بناء القدرات في المؤسسات والإدارات العامة لترشيد تخطيط وإدارة مشاريع وأنشطة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، أي ما يهدف اليه مشروع شبكة الإدارة الذكية للطاقة في مدارس حوض البحر الأبيض المتوسط (ESMES)الممول من الاتحاد الأوروبي، حيث يعمل فريق المشروع مع الشركاء والاختصاصيين على وضع استراتيجيات وخطط لاعادة تأهيل المدارس والمهنيات الرسمية من حيث انتاج واستهلاك الطاقة وزيادة وعي الطلاب عن أهمية ترشيد استهلاك الطاقة عبر التدريب والتنافس في مسابقات طاقوية. كما نوهت إيراني بالطلب المتزايد وغير المسبوق من المنازل والمؤسسات على الطاقة الشمسية نظرًا لأزمة الكهرباء، خاصّة في ظل التقدم التكنولوجي في هذه المشاريع وتعدد الموردين، على ان يدقق المواطن في المعايير التقنية المتبعة ويتبع توجيهات وارشادات الاستعمال للاستفادة من النظام لفترة اطول. وختمت بالقول أن لبنان يستطيع الاستفادة من هذه المصادر نظرًا لتوفر العوامل المساعدة.
راشد :
رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية وأستاذ إدارة الموارد في الجامعة الأميركية في بيروت “البروفسور منير راشد” قدّم مُداخلة قيّمة بعنوان “ترشيد المستوردات النفطية في ظل نضوب مصادر العملات الصعبة” وفصّل راشد مراحل إنتاج وتوزيع الكهرباء في لبنان من مرحلة الإنتاج والنقل والتوزيع وصولاً إلى الجباية. وأعتبر أن كل مرحلة من هذه المراحل تواجه نوعاً خاصا من المشاكل والأزمات، وخاصة قطاع الإنتاج، وعزا السبب إلى كلفته المرتفعة وتقادم المعامل.
راشد اعتبر أن التحدّي الأبرز على المدى البعيد هو ترشيد استعمال الطاقة والاعتماد على الطاقة البديلة وأن أهم السبل للترشيد يكون من خلال التعرفة وكيفية اختيار نوع التدفئة والتكييف. كما أعتبر أنه يمكن إنتاج 1000 ميغاوات من دون كلفة على الخزينة من خلال إشراك الشركات الخاصة عبر مناقصات شفافة، وأن أرخص تكلفة لإنتاج الطاقة غير الطاقة البديلة هو الغاز الطببعي. د. راشد أكّد أن “المولدات الخاصة ليست البديل وهي مكلفة ويجب استبدال المولدات الصغيرة بأخرى كبيرة، وهنا أكّد على أهمية تعديل القانون الحالي لجهة السماح للشركات والمؤسسات بتوليد الحد الأقصى من إنتاج الطاقة.
وختم دكتور راشد بتأكيد “أهمية التشجيع على استعمال النقل العام لما يوّفر هذا الخيار من أكلاف استهلاك الطاقة، وهنا شدّد على أهمية التعاون مع القطاع الخاص للوصول إلى نقل عام متطور”.
الخوري :
الخبير الاقتصادي “البروفسور بيار الخوري” قدّم مداخلة بعنوان “استخدام التكنولوجيا في ترشيد استهلاك الطاقة” واعتبر أننا نستطيع الاعتماد على التكنولوجيا لحل مشكلة طوابير الذل على محطات الوقود من خلال إنشاء منصة إلكترونية تساهم في الشفافية والمراقبة والمتابعة. وشرح الخوري أن عمل المنصة يبدأ من لحظة دخول وتفريغ البواخر، التوزيع على المحطات والبيع للأفراد، كما اعتبر أن هذه المنصة يمكن أن تُساهم بالحد من عمليات التهريب والبيع في السوق السوداء، وأكّد إننا مررننا بتجربة مماثلة في إستخدام التكنولوجيا من خلال منصة COVAX و IMPACT والأخيرة استخدمت خلال حظر التجوال.
الخوري أكدّ أن رفع الدعم جزئياً او كلياً لن يؤدي إلى حل أزمة الطوابير نظرًا لفارق الأسعار في حال الرفع الجزئي ولندرة متحصلات العملات الصعبة حتى في حال الرفع الكلي
الشحيمي:
أستاذ الإدارة العامة والحوكمة في كلية باريس للأعمال “الدكتور محي الدين الشحيمي” ألقى مداخلة تحت عنوان “حوكمة القطاع النفطي في لبنان من أجل نمو مستدام” وإعتبر أنه لا بد من حوكمة القطاع النفطي في لبنان من أجل تحقيق نمو مستدام، وشخّص المشكلة في عدم التنظيم والعشوائية، كما شرح أن الحوكمة وأساس الحوكمة هو المصلحة العامة وهناك حاجة مجتمعية للحوكمة والتي هي تحويل وإدارة أي مؤسسة أو قطاع إلى مؤسسة منتجة ذات شفافية عالية تؤمن نموًا مستدامًا. وأكد الشحيمي أن هناك عقبة في كيفية التعامل مع الشركات الكبرى التي تعمل وفق معايير عالية. وبالتالي لا بد من ورشة كبرى تعمل على تطوير البنية التحتية المتخصصة والتي عليها أن تدير وتُشرف على هذا القطاع. كما لا بد من الاستفادة من الخبرات اللبنانية المنتشرة وتفعيل عمل المؤسسات الرقابية والإبتكار الإجتماعي.