ترسيم الحدود أولا..ثم الاستراتجية الدفاعية (منى الدحداح زوين)
منى الدحداح زوين*- الحوارنيوز خاص
في موسم الانتخابات النيابية تتعالى أصوات المرشحين (غير الممانعين) بالمزايادات، ويكاد يقتصر برنامجهم الانتخابي على موضوع المطالبة بالاستراتجية الدفاعية، وبتسليم السلاح غير الشرعي ( يقصدون سلاح المقاومة دون غيره) أو نزعه بالقوة… الا انهم بالحقيقة لا يستطيعون تطبيق الحقوق اليومية البسيطة للمواطن.
ان اي مواطن لبناني يحلم بان يكون لديه دولة قوية وجيش قوي ويتنعم بالأمان والسلام والحياة الكريمة، ولكن للحصول على كل هذا يجب ان نكون منطقيين في تفكيرنا، ونسأل أنفسنا هل نحن نعرف ما هي حدودنا البرية والبحرية لكي نستطيع الدفاع عن أراضينا وثرواتنا الطبيعية اذا كانت مغتصبة او محتلة حتى بعدها نتكلم عن الاستراتجية الدفاعية؟
قبل ان نتكلم عن الاتفاقيات التي حصلت بالنسبة لترسيم الحدود البرية والبحرية اللبنانية، يجب ان نعرف بأن الترسيم يخضع للقانون الدولي وليس الداخلي ويبدأ الأمر بالتفاوض في ما بين الأطراف، فاذا لم تصل المفاوضات الى نتيجة أو اذا تعذرت، فيمكن اللجوء الى التحكيم الدولي أو الى القضاء الدولي، هذا اذا قبل الأطراف المتنازعون بذلك.
بالنسبة للحدود البرية، فقد تمّ الاتفاق على تلك الحدود بمرحلتين:
– الأولى كانت في عام 1923 في ما بين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين برعاية الأمم المتحدة ،وبحضور الانتدابين الفرنسي والبريطاني في تلك الحقبة ،وتضمن الاتفاق 38 نقطة فصل بين لبنان وفلسطين، بالاضافة الى النقطة 39 على الحدود المشتركة اللبنانية – السورية. وأودع الاتفاق في عصبة الأمم وتم التصديق عليه كوثيقة دولية في 6 شباط 1924.
– الثانية كانت في عام 1949 فرضها تأسيس الكيان الصهيوني وحرب 1948 التي تلتها اتفاقية هدنة لبنانية-اسرائلية بتاريخ 23 أذار 1949، وقّع وصادق عليها مجلس الأمن. وتم الاتفاق على رسم الحدود على أساس اتفاقية 1923، وعلى ان تتناول الأعمال اعادة وضع اشارات ونقاط الحدود في مكانها، وكذلك وضع اشارات أو نقاط متوسطة بين النقاط 38 الأساسية.
لا بدّ من التذكير هنا بالخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة كخط فاصل بين لبنان من جهة ودولة الاحتلال(اسرائيل) وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان في 25 أيار عام 2000 ،وتضمن لائحة احداثيات مؤلفة من 198 نقطة. الا ان لبنان تحفظ على مزارع شبعا والجزء الثاني من بلدة الغجر، ولا يعتبر الخط الأزرق حدودا دولية، ولكن تم انشاؤه بهدف وحيد، التحقق من الانسحاب الاسرائيلي من لبنان.
أما بالنسبة للحدود البحرية فما زال لبنان يتفاوض على تلك الحدود ،ولا اتفاقيات نهائية الى يومنا هذا، آملين أن نصل الى نتيجة مرجوة يتمناها الشعب اللبناني.
على لبنان اليوم أن يثبّت ما اتفق عليه بالنسبة لترسيم الحدود البرية والاسراع بالاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، واذا تعذر عليه أن يثبت ما اتفق عليه بالنسبة للحدود البرية بسبب الاحتلال، فعلى الأمم المتحدة أولا التي هي تحترم القوانين الدولية والحريصة على تنفيذها والتي كانت هي الراعية لهذا الاتفاق، أن تتخذ الاجراءات اللازمة، والا على لبنان ان يقوم بما هو لازم ومن بينها الاستراتجية الدفاعية.
*أكاديمية – أستاذة قانون