الحوارنيوز – خاص
تحت هذا العنوان كتبت الباحث محمد نور الدين في صحيفة الاخبار يقول:
تبدو تركيا على عجلةٍ من أمرها لبدء عمليتها العسكرية المفترضة في شمال سوريا؛ فهي تَظهر مطمئنّة إلى أن الظروف الإقليمية والدولية تلعب لمصلحتها، بدءاً من الانخراط الروسي في الحرب الأوكرانية وإمكانية استغلال هذا الانخراط للحصول على ضوء أخضر من موسكو، وصولاً إلى حاجة «حلف شمال الأطلسي» إلى موافقة تركيا على ضمّ السويد وفنلندا إليه. وجاء العدوان الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي ليمنح أنقرة شعوراً إضافياً بـ«الأمان»، من زاوية أن أيّ إضعاف لدمشق، يمنحها قوّة زائدة. وفي هذا الإطار، يقول الكاتب في صحيفة «حرييات»، عبد القادر سيلفي، والذي يُعتبر «لسان حال» الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن سوريا لم تَعُد، بعد حرب أوكرانيا، تشكِّل أولويّة قصوى بالنسبة إلى روسيا التي باتت تَنظر باهتمام بالغ إلى تركيا بفعل موقف الأخيرة «المحايد والمتفاعل» مع موسكو، وبعدما باتت الباب الوحيد للروس على الغرب، وهو ما يعني أن روسيا لن تقف عقبةً في طريق عملية عسكرية تركية في سوريا. وبحسب الكاتب، فإن مسألة توسيع «الناتو»، تشكِّل، هي الأخرى، فرصةً لتركيا التي برزت بصفتها حليفاً موثوقاً لا غنى عنه لـ«الأطلسي»، ولذا لا يُتوقّع أن تواجَه خطّتها بمعارضة على مستوى عالٍ في الغرب. لكن سيلفي يؤكد أن تركيا لن تبدأ عملية في سوريا قبل اكتمال ثلاثة عوامل: أوّلاً، انتهاء عملية «المخلب – القفل» في شمال العراق والمستمرّة حالياً ضدّ عناصر «حزب العمّال الكردستاني»، والتي تستهدف تضييق الرقعة الجغرافية لتحرّكاته ووقف إمداد مقاتليه في سوريا بالدعم اللوجستي؛ ثانياً، انتهاء الاستعدادات اللوجستية للهجوم والتي يُتوقّع أن تتكثّف بدءاً من الأسبوع المقبل؛ ثالثاً، انتظار مرور عيد الأضحى.
من جهته، يرى الكاتب فاتح تشيكيرغه، في الصحيفة نفسها، أن روسيا تحاول تقديم عرض لتركيا بالقبول بالرئيس السوري، بشار الأسد، من خلال استخدام ورقة القوات الكردية، فيما تسعى الولايات المتحدة لأن تقدِّم لأنقرة عرضاً يُبقي جنودها في شمال سوريا كـ«ضمانة، كي لا تقع تلك المنطقة بيد إيران أو روسيا». ويقول تشيكيرغه إن على بلاده، في ظلّ هذا المأزق، أن تتّخذ قراراتها بنفسها. ويسأل الكاتب في صحيفة «غازيتيه دوار»، فهمي طاشتكين، بدوره، عمّا إذا كانت تركيا ستحصل على ضوء أخضر من روسيا والولايات المتحدة، معتبراً أن الضوء الأصفر له أهمّيته أيضاً، لكنّه ليس كافياً. ويشير طاشتكين إلى أن موسكو أطفأت الضوء الأخضر، ونشرت صواريخ «بانتسير- أس 1» في مطار الحسكة، ودبابات وصواريخ مضادّة للدبابات وصواريخ «بانتسير أس1» وصواريخ «اسكندر» في قاعدة أبقار، كما سيّرت دوريات بطائرات «هليكوبتر» فوق تل تمر والقامشلي وعامودا ورأس العين والدرباسية. وبحسب الكاتب، فإن هذه هي المرّة الأولى التي تَظهر فيها مروحيات وآليات عسكرية روسية في قاعدة أبو الزهور التي خضعت لسيطرة القوات السورية عام 2018.
اجتماعان سيقرّران مصير العملية التركية: «لقاء أستانا» وقمّة «حلف شمال الأطلسي»
في المقابل، تُشعل إيران خطوطها الحمر وترسل التعزيزات، خصوصاً إلى تل رفعت التي نقلت إليها عناصر من دير الزور، وإلى قاعدة النيرب العسكرية شرق حلب. ويتطرّق طاشتكين إلى «اللعبة الروسية القديمة، وهي الضغط على الأكراد من خلال التهديد التركي لكي يتواصلوا مع النظام في دمشق»، لكن اللافت، برأيه، هو أن دمشق ترى أن «الأكراد يضعون يدهم بيد الأميركيين من أجل النفط والحبوب، وعندما ينحشرون يتذكّرون سوريا ويطالبونها بالتنسيق». ويلفت إلى أن قائد القوات الروسية في سوريا، ألكسندر تشايكو، التقى في الحسكة، قائد «قوات سوريا الديموقراطية»، مظلوم عبدي، وطالبه بزيادة التنسيق مع القوات الحكومية، والقبول بإرسال الجيش السوري المزيد من الوحدات إلى المناطق الحدودية لمنع عملية عسكرية تركية، وانتقال «الإدارة الذاتية» والحكومة السورية إلى مرحلة التفاوض المكثّف والشامل. ويَنقل طاشتكين عن سيهانوك ديبو، عضو «المجلس الرئاسي» في «قسد»، قوله إن المحادثات بين «الإدارة الذاتية» وممثّلي الحكومة بدأت في مطار القامشلي، وهناك تقدّم في مسألة «الديموقراطية اللامركزية»، وأن تكون «سوريا الديموقراطية» جزءاً من النظام.
ويتحدّث الكاتب عن مخاوف الأكراد والسوريين والإيرانيين من احتمال سيطرة تركيا على تل رفعت، كون الأخيرة مفتاح الاتصال بين عفرين والقرى الريفية وحلب والأحياء الكردية في حلب، ولا سيما الشيخ مقصود والأشرفية، وهذا يعني تعريض حلب كلّها، عبر حزامها الشمالي، للخطر، وهو ما ترفضه إيران التي لا تريد أن تسمح بمحاصرة نُبّل والزهراء مرّة ثانية. كذلك، فإن سيطرة تركيا على منبج تعني قطع طريق «إم 4» بين القامشلي وحلب، ووقوع «سدّ تشرين» ومحطات الكهرباء بيد تركيا، والأمر نفسه بالنسبة إلى عين عيسى الواقعة عند تقاطع عين العرب والقامشلي والرقة. كما أن حماية تل تمر ضرورية بالنسبة إلى التواجد المسيحي فيها، فضلاً عن الاحتفاظ بطريق «إم 4». ويَختم طاشتكين مقالته بالقول إن «الأخطار تفرض تنسيقاً أكثر واقعية بين دمشق والإدارة الذاتية. ومع ذلك، فإن روسيا قد لا تعارض، إرضاءً لإردوغان، سيطرة الأخير على مناطق غير حاسمة مِن مِثل الخطّ الواصل بين عين العرب ومنطقة الشيوخ وبضع قرى في محيط عين عيسى وأخرى بين تل تمر وزركان. لكنّ اجتماعَين سيقرّران مصير العملية التركية: لقاء أستانا وقمّة حلف شمال الأطلسي. وإلى ذلك الحين، سيبقى كلّ شيء غامضاً».