رأي

تحضيرات أميركية لحروب مذهبية وطائفية وقومية..(نسيب حطيط

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

يتقدّم المشروع الأميركي الشامل للسيطرة على المنطقة وثرواتها وحماية الكيان الإسرائيلي الذي ظهر عاجزاً عن حماية نفسه وتأمين المصالح الأميركية، وذلك بعد عشرية الربيع العربي التي أنهكت العالم العربي وفكّكته ودمّرت الدول القائمة وتركتها ،إما مقسّمة او فوضوية او غير مستقره.

 وقد سجّل المشروع الأميركي أحد اهم أهدافه الإستراتيجية في إسقاط سوريا واخراجها من منظومة المقاومه او الدول المؤثرة في العالم العربي، وتسليمها لجماعات تكفيرية تقودها  تركيا ، ولا يمكن ان ترقى الى مستوى الدولة بمفهومها القانوني او بمؤسساتها الإصطلاحية، بل مجموعة أفراد وجماعات ميليشياوية تجمعها المصالح المؤقتة، ويمكن ان تتقاتل في اي لحظة وفق البرمجة الأميركية لدورها ووظيفتها .

لقد أستطاع التحالف الأميركي توجيه ضربات قاسية،لمحور المقاومة في غزه  والضفة الغربية(التي سيتفرّغ لتمشيطها مع السلطة الفلسطينية وانهاء المقاومة المسلّحة) ولبنان واسقاط سوريا، وينتقل الآن الى مرحلة جديده لحمايه إنجازاته ومصالحه ،لإسقاط فكرة المقاومة المسلحة ضد إسرائيل او الوجود الأميركي في المنطقة، وستكون ركيزة المرحلة الثالثة ،إشعال الفتن:

-     الفتن السّنية- الشيعية

-     الفتن الإثنية والقومية بين الأكراد والعرب، وبين الأمازيغ والعرب، والفرس والعرب، والأتراك والعرب، والأتراك والفرس

-     الفتن بين ماتبقى من المسيحيين والمسلمين ، ،والهدف تفكيك مصر، الدولة العربية الكبرى  ،واشعال الصراع بين  الأخوان المسلمين والنظام، ثم بين المسلمين والأقباط، وصولا لتأسيس دولة الأقباط في مصر كما حصل في جنوبي السودان!

يتم تنفيذ هذا المشروع ،وفقا لما أطلق عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو  تغيير معالم الشرق الأوسط  ديموغرافياً وسياسياً وكيانات، وسيتم إشعال الفتنه السّنية الشيعية لتصفير القوى المسلحة لكلا المذهبين (وقد بدأت بالمقارنة بين حماس والمقاومة في لبنان وإظهارها منتصرا مقابل هزيمة الحزب ،لإعتبارات مذهبية)  ،خاصه انها لا تحتاج الى كثير من الجهد والتحريض .فالبيئة الإسلامية حاضرة للصراع مع بعضها ،بمجرّد إستحضار اي حادثة تاريخية أو تهديم مقام مقدّس عند الشيعة، او ترويج اشاعة بين  السّنة عن شتم الصحابة  ، لبدء الحرب بينهما، والتي ستسمح الجغرافيا المفتوحة بين الدول لإمتدادها واشتعالها بسرعة بعد سقوط سوريا التي أسقطت الحدود بينها وبين الدول المحيطة عمليّاً، وأمّنت جغرافيا مفتوحة بين مساحة لبنان وسوريا والعراق، والتي تُعتبر الجغرافيا الأساسية ،للفتنة الشيعية- السّنية الكبرى. واشعالها سيؤدي الى إنهاك حركات المقاومه اللبنانيه والعراقية والفلسطينية و(الجماعات التكفيرية التي سيتم التخلّص منها بعد أداء وظيفتها )،كما حصل مع الأفغان العرب في افغانستان بعد انتهاء وظيفتهم ومهامهم ضد الإحتلال السوفياتي!

ان هذا المشروع الفتنوي المدمّر وفي حال نجاحه ،سيؤمن أمناً واستقراراً للمشروع الأميركي-الإسرائيلي والغربي لعقود طويلة، ولا بد من مواجهته قبل وقوعه،لأن حصاره  قبل اشتعال ناره اسهل وأقل خسارة وكلفة  ،لإنقاذ الأمة وشعوبها من المحرقة الكبرى .

المشكلة في شعوبنا وأحزابنا وقياداتنا، انها تعمل وفق المياومة السياسية والفكرية وردّات الفعل، لمعالجة الأحوال والفتن الطارئة، ولم تبادر يوما الى التخطيط والدراسات والبدء بالفعل الإيجابي، لتحسين ظروفها وتحقيق أمنها. وعلينا جميعا البدء بحوارات بين الجماعات المسلّحة الإسلامية، وكذلك بين المؤسسات الدينية والعمل على إعلام وحدوي وإطفاء الإعلام المذهبي الفتنوي والإستعداد لمواجهة المؤامرات القادمة.

ان إغماض العين عن المؤامرات القادمة، خاصة بعدما سيطرت اميركا على المنطقة واخرجت روسيا من سوريا الذي كان حلمها التاريخي، والعمل على إخراج ايران من العراق وسوريا ولبنان وفلسطين عبر إخراجها من القضية الفلسطينية وإدخالها في الصراع القومي العربي-الفارسي والصراع المذهبي السني-الشيعي، سيسّهل الطريق امام الإنتصار الأميركي الشامل.

لا تنتصر امريكا بقوتها فقط ،بل بالفرقة والتشتت الذي تعيشه الأمة والمعارك بين مكوناتها وتغييب العقل المخطّط الذي يستطيع قيادة المعركة، لمواجهة هذا المشروع  وإسقاطه في جبهاته الإعلامية والثقافية والفكرية، والتي اصبحت من العناصر المؤثرة وتحديد  النصرة او الهزيمة، بالتلازم مع المعركه العسكرية. ويبدو ان أطراف مقاومة المشروع الأميركي ما زالوا يستندون على المعركة العسكرية والمعنويات ، ويهملون بقية محاور المعركة، ولذا يخسرون إعلامياً وسياسياً ..حتى لو انتصروا!

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى