كتب واصف عواضة- خاص الحوار نيوز
..أساسا لا تجوز المقارنة بين الرجلين بأي شكل من الأشكال.لا الزمان ولا المكان ولا الشكل ولا المضمون ولا الثقافة ولا “الكاريزما”.لا السياسة ولا الجغرافيا ،ولا لبنان يشبه مصر وتاريخها العريق ورجالاتها .فسعد الحريري لا يشبه سعد زغلول بشيء.ربما الأسم الأول وحده فقط يستجدي هذا العنوان على سبيل “التفكهة”.
موقف واحد يجمع سعد الحريري بالزعيم المصري الكبير في هذه الأيام،يوم قال سعد زغلول لزوجته وهو على فراش المرض:”غطّيني يا صفية..ما فيش فايدة”.
صحيح أن هنالك تفسيرين لما نقل عن سعد زغلول:
الأول أنه كان يقصد الوضع السياسي في مصر في مجمله آنذاك، وذلك هو التفسير الشائع.
والثاني أنه كان يقول لزوجته ألا تعطيه مزيدا من الدواء لأنه لا يبدو أنه يأتي بأي نتيجة واضحة، بل وأن حالته كانت تزداد سوءًا.
إلا أن الكاتب الصحفي الراحل حافظ محمود الذي نقل هذه الواقعة، أكد أن الرواية الثانية هي الأكثر صحة، وأن سعد زغلول لم ييأس أبدا من الوضع السياسي في مصر.
ويبدو أن سعد الحريري الذاهب الى الانسحاب من الانتخابات مقتنع تماما أنه “ما فيش فايدة”، سواء كان واقع البلد هو المقصود أم أن واقعه الشخصي الذي يشبه المرض .وقد يكون الرجل على حق،لأن الأوضاع في لبنان بلغت مرحلة اللارجوع ،وصارت الحلول والمعالجات شبه مستحيلة،فلماذا يستمر سعد الحريري في ضرب رأسه بالحائط؟
وينسحب الأمر أيضا على الواقع الشخصي حيث بات الرجل بلا غطاء عربي أو دولي ،وأصبحت ثروته دون حسابات مجلة “فوربس” المختصة بأغنياء العالم،وأضحى وريث رفيق الحريري “لا خيل عنده يهديها ولا مال”.
يكفي سعد الحريري أن يقرأ بعض بنود المبادرة التي حملها وزير الخارجية الكويتي الى المسؤولين اللبنانيين ، ليفهم بأن البلد ذاهب نحو مزيد من التعقيد ،وأنه سيتحمل الجزء الأكبر من التبعات فيما لو استمر في موقعه السياسي الذي ورثه عن والده ،وأنه مطلوب منه أن يطاحن قوة يعرف سلفا أنه ليس قادرا على أن يكون نظيرا لها .
وللتذكير فإن ثمة أربعة بنود في المبادرة الكويتية تستدعي التوقف عندها وهي:
4- سياسة النأي بالنفس يجب أن تكون قولاً وفعلاً.
5- وضع إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1559 (2004) والخاص بنزع سلاح الميليشيات في لبنان، والقرار رقم 1680 (2006) بشأن دعم سيادة واستقلال لبنان السياسي والتأييد التام للحوار الوطني اللبناني، والقرار 1701 (2006) الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب اللبناني وفق المبدأ الأساسي في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية.
6- وقف تدخل حزب الله في الشؤون الخليجية بشكل خاص والشؤون العربية بشكل عام والتعهد بملاحقة أي طرف لبناني يشترك في أعمال عدائية ضد دول مجلس التعاون.
7- وقف كافة أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه من المواطنين أو المقيمين في لبنان ضد حكومات مجلس التعاون الخليجي.
ويعرف سعد الحريري أنهذه البنود الأربعة تعني فريقا واحدا أول حرف من إسمه “حزب الله” بما يملك من فائض قوة سياسية وعسكرية وشعبية.فما الذي يجبر سعد الحريري على خوض الغمار أو المشاركة في التجربة مرة أخرى؟
وعود على بدء،
كان سعد زغلول يقارع الإنكليز كقوة إحتلال لمصر ،ويطالب باستقلال بلده ،وقد أصر على موقفه حتى النفس الأخير.وسعد الحريري ليس سعد زغلول، حتى لو افترضنا جدلا أنه يعتبر حزب الله إحتلالا إيرانيا للبنان كما يزعم بعض المعارضين.وعليه يرى الرجل أن الانسحاب في هذه المرحلة غنيمة،و”كان الله يحب المحسنين”!
زر الذهاب إلى الأعلى