بين “حلب” و ” دبي”(محمد قجة)
محمد قجة – الحوارنيوز- خاص
تم في الفترة الأخيرة تداول مقولة أن مدينة حلب ستصبح خلال عدة سنوات مثل مدينة دبي .
ورغم ثقتنا المطلقة بحسن نية من قال ذلك …
ورغم تقديرنا الرفيع لمدينة دبي بحداثتها وتقانتها… إلا أن لنا الحق في طرح المقارنة التالية:
1 – نحن أمام حالتين … الاولى عمرها الآثاري التاريخي يبلغ 14000 سنة وعرفت أكثر من ثلاثين حضارة … ومرت بها شعوب واقوام وأمم …. والثانية عمرها الحداثي عشرات السنين . طبعا الحالة الأولى حلب والثانية دبي .
2 – في الحالة الأولى لدينا أقدم وأكبر وأجمل قلعة داخل مدينة في العالم … عمرها سبعة آلاف سنة .
وفي الحالة الثانية برج مرتفع هو الأعلى من نوعه حتى الآن عمره عدة سنوات .
3 – في الحالة الأولى لدينا الأسواق الفريدة المسقوفة بالحجر وعددها 39 سوقا عمرها أكثر من 2000 سنة ، ويبلغ مجموع طولها 14 كيلو مترا . ولا مثيل لها في الدنيا .
وفي الحالة الثانية مراكز تسوق ( مولات ) تشبه آلاف النماذج في العالم .
4 – في الحالة الأولى عمارة متنوعة مدنية ودفاعية ودينية تمثل آلاف السنين وعشرات الحضارات … وفي الثانية أبراج حديثة تنافس أبراج مدن العالم .
5 – في الحالة الأولى لدينا تاريخ الممالك والثقافة والعلم في بلاط “يمحاض ” العموري .. وفي البلاط الحمداني الذي عرف ذروة الحضارة العربية .. وفي البلاط الأيوبي وعمارته وازدهاره . وفي الحالة الثانية حداثة العصر الاستهلاكي.
6 – في الحالة الأولى مدينة توسطت طريق الحرير الدولي لآلاف السنين . واستمرت مركزا تجاريا واقتصاديا وصناعية عالميا رغم كافة الحروب والزلازل … وفي الحالة الثانية اقتصاد متطور يمكن أن تنافسه مدن مماثلة كثيرة في العالم ..
7 – نحن لا نقايض قلعتنا بكل صروح الدنيا .. ولا نقايض أسواقنا بكل مولات العالم …
ولكن ذلك لا يعني انغلاقنا وتشبثنا بالماضي ورفضنا للحداثة ..
ونحن نرحب بحداثة دبي في أطراف حلب المحروسة شريطة الحفاظ على مدينتنا القديمة وشخصيتها وخصوصيتها وتميزها … وإعادتها كما كانت قبل الأزمة الأخيرة في السنين العجاف .
8 -بالمليارات يمكن بناء الأبراج والأسواق والمدن الحديثة … ولكن أموال الدنيا لا تستطيع إيجاد مدينة مثل حلب بتاريخها وحضارتها وشموخها وكبريائها وفرادتها .
تحية لحلب المحروسة ولدبي الحديثة.
*باحث ومؤرخ – سورية