بين تجرع السمّ أو “تسليم الرقاب” !(أكرم بزي)

كتب أكرم بزي – الحوارنيوز

“لقد انتهكت اسرائيل السيادة اللبنانية آلاف المرات، وقتلت مئات المواطنين، منذ اعلان وقف إطلاق النار في تشرين الثاني عام 2024، وحتى هذه الساعة”. (من خطاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الأخير).
لا يا فخامة الرئيس، “إسرائيل” ومنذ العام 1948 ارتكبت العديد من المجازر وليس فقط انتهاكات للسيادة اللبنانية وهذه عينات ونماذج موجودة في أرشيف وزارة الدفاع اللبنانية، والصحف والمكتبات كافة، ولمن يريد ان يتذكر أو نذكره بها فهاكم نماذج منها:
مجزرة حولا: 31 تشرين الثاني 1948، ثمانون شهيدا، ارتكبتها وحدة من الهاغانا (العصابات الصهيونية).
مجزرة يارين كانون الثاني 1955 أكثر من 15 شهيدا، نفذتها وحدة صهيونية عبرت الحدود باتجاه الأراضي اللبنانية.
مجزرة الناقورة، شباط 1955 ، مجزرة عيناتا 1956، مجزرة القليلة 1956، مجزرة رميش 1957، مجزرة شبعا 1958، مجزرة ميس 1967، مجزرة كفركلا 1972، مجزرة أطفال عيترون 1975 ، مجزرة العديسة 15 آذار 1978، مجزرة دير بلوط 1978، مجزرة صيدا 1982، مجزرة صبرا وشاتيلا 1982، مجزرة خلدة حزيران 1982، مجزرة مستشفى غزة صيف 1982 بيروت، مجزرة جسر الاولي تموز 1982، مجزرة المديرج 1993، مجزرة قانا 1996، مجزرة النبطية الفوقا 1996، مجزرة البئر 2006، مجزرة قانا الثانية 30 تموز 2006، تدمير أسطول الطائرات التابع لشركة الميدل إيست في مطار بيروت مساء يوم 28 ديسمبر/أيلول 1968، وغيرها من المجازر والانتهاكات والقتل المتعمد وحرق الأراضي بالمواد المحرمة دولياً وسرقة المياه والمواشي والأراضي، بالإضافة إلى القرى اللبنانية السبع المحتلة، والنقاط الـ 13 ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر والهيمنة والإطباق الجوي على السماء اللبنانية، والاغتيالات اليومية.
ومنذ العام 1948، وأبناء المناطق الحدودية يتعرضون لهذا الكم من المجازر والانتهاكات المذكورة أعلاه، فماذا قدمت الدولة اللبنانية؟ لا شيء…
هل استطاعت الدولة اللبنانية أن تمنع أو أن تتصدى لإسرائيل؟ لقد بُح صوت الإمام موسى الصدر وهو يعتلي المنابر في المساجد والحسينيات والاديرة والكنائس والقصور الرئاسية والزعامات منذ مجيئه إلى لبنان ولغاية اختطافه، ولم يسمع من أحد سوى كلمات الشجب والاستنكار، إلى أن شكل أفواج المقاومة اللبنانية، للقيام بالدفاع عن لبنان ضد العدو الصهيوني، لإنه لم ير أن هناك بصيص أمل ولو 1% من أن تقوم الدولة اللبنانية بواجباتها ضد العدو الصهيوني.
ولولا المقاومة (مقاومة حركة أمل والمقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الإسلامية) لبقيت إسرائيل محتلة للجنوب اللبناني، وتقوم بنفس ما بدأت به منذ العام 1948 لغاية الآن.
يواجه لبنان ضغطا أميركيا وعربيا وإسرائيليا، لكي يتم “نزع السلاح” من المقاومة، أي استسلام لبنان “لإسرائيل”، وتسليمه ورقة القوة الوحيدة التي يمتلكها لبنان، وما لم تستطع إسرائيل القيام به من خلال اعتداءاتها المتكررة واغتيالها لقادة المقاومة، وضرب بيئتها “النبيلة” و”الشريفة”، تريد أميركا ومن معها تقديمه بالسياسة وبالدبلوماسية والتنازل “لإسرائيل” وتدمير السلاح أو اتلافه وليس إبقائه في مخازن الجيش او تحت إمرة وزارة الدفاع، وما هو الضامن؟.. “المؤسسات الدولية”!
ماذا فعلت المؤسسات الدولية لحماية لبنان منذ العام 1948 لغاية، سوى إصدار القرارات التي لم ينفذ منها شيء؟ هل تم تنفيذ القرار 425، القاضي بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة؟ كلا! هل تم تنفيذ الشق المتعلق بالإحتلال الإسرائيلي من القرار 1701؟ كلا! هل التزمت “إسرائيل” بالقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومقررات مؤتمر أوسلو؟ كلا! إذن على أي أساس تريدون من المقاومة أو بيئة المقاومة أن تتجرع السمّ، أو تسلم رقابها للذ.بح.
ما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة للشعب الفلسطيني، وما جرى في سوريا ويجري لغاية الآن من تدمير من قبل العدو الصهيوني، (بعد سحب كل الذرائع من قبل حكومة الرئيس أحمد الشرع)، ما هو إلا نماذج لما يمكن أن يتعرض له الشعب اللبناني (كل الشعب اللبناني) من وحشية وهمجية وعدوانية الإحتلال الإسرائيلي، وما الذي يضمن أن تقوم “إسرائيل” بضرب وزارة الدفاع وثكنات الجيش اللبناني ومخازن السلاح التابعة للدولة اللبنانية؟ تحت أي ذريعة يمكن أن تختلقها…
تعرضت المقاومة لما تعرضت له من اغتيال القادة، والتزمت بما التزمت به تجاه الدولة اللبنانية، كي تقوم الدولة اللبنانية بحماية اللبنانيين وخاصة في الجنوب اللبناني، ما الذي فعلته لغاية الآن؟ لا شيء!
إن التزام المقاومة تجاه الدولة اللبنانية، والقيام بتسهيل عمليات انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اللبنانية والقيام بما يتوجب عليها تجاه اللبنانيين الذين تدمرت بيوتهم والتعويض عليهم، في الوقت الذي لم تبادر أي جهة رسمية بأي خطوة للتعويض عليهم، لا يعني أن المقاومة ضعيفة، ولا يعني أن بيئة المقاومة التي شكلت الحاضنة الأساسية للمقاومين وقدمت خيرة أبنائها وشبابها للدفاع عن هذا الوطن، مستعدة لأن تتنازل وتتجرع السم أو تسلم رقاب أبنائها للذبح، فقط لأن بعض الأطراف اللبنانية (المتماهية مع طلبات أميركا وإسرائيل وبعض دول الخليج)، يريدون للبنان أن يكون حزاما أمنيا تابعا للهيمنة الإسرائيلية، وأن يسير في ركب الدول المطبعة والمستسلمة، وعندئذ تقوم “إسرائيل” بفرض إملاءاتها على لبنان كما تريد أو تحول لبنان إلى غزة ثانية.


