العالم العربيرأيسياسةغير مصنف
بين هجوم التحالف على قرداحي ودخول الحوثيين مأرب(جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز خاص
صنعتْ المملكة العربية السعودية من تصريح الاعلامي اللبناني جورج قرداحي ، والذي ادلى به، في ٢٠٢١/٨/٥ ، اي قبل استيزارهِ، قضيّة سياسية ودبلوماسية، وعلى درجة عالية من الاهمية، استدعت تضامن الامارات والبحرين والكويت . واصبحت القضية أزمة تُضاف الى أزمات لبنان ألمُفتعلة بتدبير صهيوني ( امريكي ،اسرائيلي ، رجعي ) . و الرابح الوحيد من هذه الازمة هو الوزير القرداحي ، لما حظي به من تضامن شعبي فكري وثقافي و انساني عربي، وتفهّم حكومي وسياسي، ولثباته على موقفه ورفضه الاعتذار.
ولماذا الاعتذار ؟
أولمْ تك الحرب على اليمن عبثيّة ، وأكثر من عبثية؟ وكذلك الحرب على سوريا.
أولمْ تك هذه الحروب هدراً للاموال وقتلاً للنفوس و فتنةً بين العرب، وبين المسلمين؟ ووفقاً لقاعدة ” تُقاس الامور في خواتيمها ” ، نتساءل : مَنْ الذي استفادَ و انتفع من الحرب على اليمن و منْ الحرب على سوريا؟ مَنْ الذي انتصرَ؟
لمْ تكْ مناسبة او ضرورة للعودة الى الوراء في الزمن، ونبش ما قاله و صرّحَ به ، هذا او ذاك الوزير ، وقبل استيزاره ، و من ثُمّ ، بناء مواقف وسياسات، الاّ اللهّمَ لهذه العودة الى الوراء اهداف سياسية تتعلق بالداخل اللبناني، المشحون بأحداث البيطار والطيونة والملاحقة القضائية لجعجع.
من الآن فصاعداً على مَنْ سيُكلف في تشكيل الحكومة في لبنان، بعد الانتخابات التشريعية القادمة، التدقيق في السّير الذاتية لمُرشحي الوزرات، والتأكد من خلّوها من اي تصريح او ابداء رأي ” قد يُزعج ” المملكة العربية السعودية او دولة خليجية اخرى.
استدعاء سفراء لبنان المُعتمدين في الدول الخليجية ، المُعترضة على تصريح الاعلامي السيد قرداحي، ليس له تبرير دبلوماسي لسببيّن: الاول هو ان مصدر التصريح مواطن لبناني ولا يُمثّل الدولة، اي خلو
الاستدعاء من موضوع، والثاني هو خلو التصريح من ايّة اساءة الى المملكة. لم يكْ التصريح الاّ ابداء رأي.
اعلان رأي ضّدْ الحرب على اليمن لا يعني ابداً تبني موقف سياسي ضّدْ المملكة العربية السعودية، بل العكس صحيح ، وقفْ الحرب وانهاء حصار اليمن هو في صالح المملكة وفي صالح العرب والمسلمين، وضعْ المملكة عسكرياً واقتصادياً و سياسياً قبل حرب اليمن افضل من وضعها في الوقت الحاضر.
نكتبُ عن الموضوع و الحوثيون واللجان الشعبية في داخل احياء مآرب، وبينهم وبين اعلان سيطرتهم على مركز المدينة أقل من ثلاثة أيام، هذا ما نتوقعه، وبناءً على معلومات صحفية غربية موثوقة ، وتقارير دولية.
سيطرة الحوثيين واللجان الشعبية على مآرب سيمكّنهم من السيطرة على محافظة غنيّة بالنفط وبالغاز وبموقعها الاستراتيجي، ويسلب حكومة عبد ربه منصور هادي آخر معاقلها على الارض في شمال اليمن، الذي يسيطر الحوثيون على محافظاته الثلاث عشرة تقريباً، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
السيطرة على مآرب سيمنح الحوثيين مكاسب ميدانيّة تدعمُ مواقفهم في التفاوض، وهذا ما يعززُ الرأي الداعم لايقاف الحرب، وبأنها كانت ولا تزال حربا عبثيّة.
نعتقدُ بان خسارة التحالف العربي، الداعم لشرعية عبد ربه منصور هادي وقوّاته، مدينة مآرب ومعالجة التداعيات والتفكير بحلول، أهم بكثير من إثارة أزمة في لبنان عن تعبير لرأي مواطن.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل