بين أزمة الفكر الماروني ولازمة “التعايش الإسلامي” : سقوط مشاريع بناء الدولة وولادة نظام مافيات التحاصص (علي يوسف)
كتب علي يوسف – الحوار نيوز
يظن معظم الموارنة ان الشغورالرئاسي سيؤدي الى تقويض وجودهم في لبنان، وهو تفكير خاطىء بالطبع !!!!
المشكلة ان زعامات وفاعليات الطائفة المارونية لا يسمعون الى المستنيرين بينهم ،والذين يرفعون الصوت بأن مشكلة الشغورهي في الأساس مشكلة ناجمة عن خلافاتهم ،وهم مسؤولون عنها!
واذا اردت ان اكون اكثر وضوحا وللأسف، ان الموارنة في لبنان ومنذ الاستقلال يتبعون سياسة انتحارية على المستويين الداخلي والاقليمي …
على المستوى الداخلي بعدم قبولهم منذ العام ١٩٤٨ ولاحقا ، بتعديل للنظام لا بالموافقة على مطلب الشراكة الذي اضحى مطلبهم اليوم، ولا بالتحديث باتجاه المواطنة والعلمنة وبناء وطن نتيجة جشع السلطة قصير النظر … وكل المساومات التي اجروها على الصعيد الداخلي كانت تتم بالاكراه من ضمن صراع بين شهوة السلطة والمال التي تحولت الى بوصلة الوجود ،وبين العجز عن المواجهة نتيجة السياسات الخاطئة والتطورات الداخلية والإقليمية.
وعلى الرغم من كل الكفاءات الفكرية والطاقات التي كانوا يتميزون بها في المنطقة بكاملها ، لم يُجروا يوما مراجعة استراتيجية فكرية لدورهم كطائفة، والذي بقي محط شعارات فرغ مضمونها ،ولا لدورهم في بناء وطن ودولة … وكل المواقف والسياسات كان يحكمها ثلاثة عناصر :ضرورة تأمين الحماية عن طريق الارتباط بالغرب، وتأمين السيطرة للحفاظ على الوجود ،واهم شيء جشع المال مهما كان السبيل اليه حتى ولو السماح بمجيء الفلسطينيين الى لبنان اذا كان الثمن ادخال اموالهم الضخمة، وهو ما حصل في اتفاق القاهرة .وكلها سياسات انتحارية للاسف ،أدت تدريجيا الى تنامي احقاد داخلية تمهد لصراعات قاتلة ،خصوصا وان الطوائف الاخرى كانت تنمو وتتغير بنيويا وادوارا ، وتشتد حاجاتها الى شراكة في السلطة،لم تجد طريقا لها في وجه السد الماروني سوى فرض المحاصصة ، والتي كانت تتطور توازناتها في كل مرة نتيجة احداث مؤلمة ،من حرب اهلية الى احداث امنية، وهي محاصصة تتحول حكما في ظل نظام المجموعات الى محاصصة مافيات في السلطة وعلى السلطة ،وشراهة في تحقيق المكاسب منها وتنازع وصراع على المكاسب..!!!!
وهذه السياسة الانتحارية الجشعة كان لا بد ان تصل الى داخل الطائفة في صراع على الحصة المارونية بين اطراف الموارنة انفسهم ،ولا تهم التحالفات اذا كان يمكن الاستقواء بها، داخلية كانت او خارجية، وهي تبقى صالحة طالما تلبي دورها، وإلا تخضع للمراجعة واحتمال التغيير …!!!
اما على المستوى الخارجي، فانطلاقا من فكرة الحماية الغربية لاستمرار السيطرة، ادخلت هذه السياسة الانتحارية لبنان بحروب اهلية بفعل الدخول في حلف بغداد عام ١٩٥٨…. ثم بعد اكتشاف ان ادخال الفلسطنيين الى لبنان لم يكن لافادة لبنان من اموال منظمة التحرير، وانما كان مشروعا كبيرا على حساب الموارنة ومن الغرب عينه الذي يتم الولاء له داخل لبنان في الحرب الاهلية عام ١٩٧٥ ….. ولم يجر الموارنة اي محاولة مراجعة لمشاريع الحماية الوهمية، فاستمروا في النهج الانتحاري عينه ، ولجأوا الى خطيئة طلب الحماية من العدو الاسرائيلي الذي عاد واضطر الى الانسحاب بفعل المقاومة.
وكان الموارنة يدفعون اثمانا لهذه السياسات، كان ابرز تحولاتها اتفاق الطائف..ورغم كل ذلك استمر الغلو في هذه السياسات وكأن ما حصل امور طارئة ،فذهبوا الى حرب التحرير وحرب الإلغاء وكلها في السياق عينه ……
يصرخون حول الشغور الرئاسي وهم سببه، ولنقل اكثر السبب الاساسي لعدم بناء دولة مواطنة وطنية في لبنان .وللاسف ان المشاركة التي كان يطالب بها المسلمون تحققت، ولكن بدل المشاركة في بناء دولة ووطن، شاركوا فيها الموارنة بنظام مافيات تحاصصية تحت شعار مضلل يردده الجميع كالببغاوات وهو “التعايش”، وهو ابشع تعبير لشعب ولفكر ولحضارة وابعد ما يكون عن شعار لبناء دولة…
نحن امام ازمة نظام لا خروج منها الا بإعادة بناء نظام مواطنة قائم على رؤية واضحة للامن القومي ،ونظام اقتصادي وطني قائم على مشروع واضح لدور لبنان الاقتصادي، مبنيا على قدراته وميزاته التفاضلية وعلى قاعدة رؤية الامن القومي .
وكل ما عدا ذلك هراء وتبعية وزبائنية وانتهازية ونهش وجشع وفوضى ………
*ملاحظة:مع الاشارة الى انني عندما اقول الموارنة لا اقصد جميع الموارنة ،وانما القوى الفاعلة التي تغلّب السياسات المارونية التي تحدثت عنها.