إقتصاد
بيضون يحذّر المسؤولين من دعسة ناقصة في رفع تعرفة الكهرباء
الحوار نيوز- خاص
علّق مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون على الأخبار الواردة حول نيّة وزير الطاقة والمياه زيادة تعرفة الكهرباء، بأنه “إذا صحّت هذه الأخبار، بعدما طلب الوزير من مؤسسات المياه الأربع فرض زيادة اعتباطية على رسوم الاشتراك بالمياه بما لا يقلّ عن مليون وخمسمئة ألف ليرة، فإن هذا التوجّه العشوائي غير المحسوب يخفي أيضاً نيّة أسوأ هي الاستمرار بتغطية النهب والهدر والفساد وسوء إدارة المؤسسة والقطاع الواقع تحت وصايته، لا سيما وأنها تبدو زيادةً خبط عشواء إرضاءً للخارج دون إيلائها العناية اللازمة والكافية، إذ لا تراعي قدرة المواطن الاقتصادية على تحملها ولا أوضاعه الاجتماعية الصعبة بعد تخلي الدولة عن القيام بواجباتها نحوه وتركه لقدره يواجه فلتان سعر صرف الدولار والأسواق السوداء واستنزاف مدخراته واحتجاز المصارف لودائعه لديها، فضلاً عن أسعار المحروقات بعد رفع الدعم المفاجئ وغير المدروس عنها، وما أدى إليه من ارتفاع في تكلفة النقل التي انعكست ارتفاعاً هائلاً على أسعار مختلف السلع والمواد الاستهلاكية والزراعية والأدوية على اختلافها وفوق كل ذلك فاتورة المولّد الباهظة التي تسبب بحاجة المواطن إليها فشل تنفيذ مسلسل خطط الكهرباء، بحيث بات يستحيل على الأكثرية الساحقة من المواطنين تحمل أعباء رسوم خدمات جديدة محتسبة على سعر صرف السوق السوداء، قبل زيادة دخله”.
ورأى بيضون “أن قرار رفع التعرفة ضروري ولكنه تأخر كثيراً وجاء في أسوأ لحظة اقتصادية ومالية”. وذكّر بأنه سبق أن اقترح خلال العام 2014 أن تميّز التعرفة بين استهلاك المنازل والقصور والمنتجعات والفنادق ومكاتب الأعمال والإدارات والمؤسسات العامة والتجارية والمصرفية والدولية، وأن تكون عادلة بحيث لا تتضمن تكلفة الهدر الناتج عن الخيارات الفنية السيئة وسوء إدارة المؤسسة والقطاع والفساد” .
وتساءل بيضون عن “مبرر أن توازي قيمة الرسوم على فاتورة الكهرباء استهلاك أكثر من ١٠٠ KW، وعمّن سوف يتحمل تكلفة الهدر غير الفني والاستمداد غير الشرعي وحصة النازحين من الطاقة المنتجة بتكلفة خيالية، ومن سوف يغطي تكلفة مقدمي الخدمات الفاحشة، التي يحكى أنها تبلغ 500 مليون دولار، ومن يضمن نجاح المشروع بعد فشل استمر تسع سنوات وساهم في استنزاف مالية المؤسسة وإفلاسها وساهم في إفلاس الخزينة العامة التي كانت تغطي عجز المؤسسة بسلف حزينة غير قانونية”؟!
وذكّر بيضون المسؤولين بأن “الأصول القانونية والنظامية، التي اعتاد وزراء الطاقة خرقها ومخالفتها بتغطية من مجلس الوزراء الحكومة، تقتضي أن يقرّر تعرفة الكهرباء مجلس إدارة المؤسسة ويصدّقها وزيرا الطاقة والمالية. ويفترض أن يكون ذلك بناءً على حسابات واحتسابات علمية ودقيقة تبنى على قاعدة معلومات واضحة، موثوقة وأكيدة”.
وأضاف “أن تدخل الحكومة فيها سببه فشل خطة ٢٠١٠ للكهرباء، التي ربطت زيادة التعرفة بتأمين التغذية، ولا علاقة لمجلس النواب وأبوابه بها. وأن غير ذلك كلام سياسي وانفعال ينمّ عن جهل بالقانون والأصول التي ترعى رفع التعرفة. وأنه على المسؤولين الانتباه من دعسة ناقصة في رفع التعرفة تؤدي إلى خراب أوسع وفشل أفدح، لا سيما وأن سعر الصرف على ارتفاع، والتعرفة هي من صلاحيات مجلس إدارة المؤسسة وليس الوزير، ولتتوقف الحكومة عن إلزام المؤسسة بقرارات تتخذها نيابةً عنها وتسمح لإدارة المؤسسة بتغطية فشلها ومساوئها بالتذرع بالتزامها بتنفيذ قرارات الحكومة على مسؤوليتها.
واستغرب أن يتخذ هكذا قرار يتعلق بمؤسسة مفلسة وأوضاعها المالية معقدة وغير واضحة والحكومة لا تعرف حجم ديونها والتزاماته، ولا نسبة ما سوف تستهلكه هذه الديون من واردات رفع التعرفة التي سوف يتأخر ورودها إلى صناديق المؤسسة أشهر طويلة، كما هو حال الغاز المصري وكهرباء الأردن. وتوقع بيضون أن يكون الهدر على ازدياد، وعليه نصح بتوخي الدقة والتزام الأصول تجنباً لخطيئة قاتلة جديدة.
وختم بيضون بالقول :إذا كانت “الشهية” على الاستمداد غير الشرعي للكهرباء، من قبل مواطنين ومقيمين، كانت تنال نسبة تناهز 40 % من الطاقة الموزعة، في الوقت الذي كان فيه معدل سعر الكيلوات الوسطي لا يتجاوز الـ 150 ليرة، فماذا يمكن أن نرتقب اليوم حيث بات هناك شريحة واسعة من الواقعين تحت خط الفقر المدقع وباتوا، ربما، على استعداد للحصول على حليب أطفالهم بأية طريقة، فكيف بعد أن يتجاوز سعر الكيلوات الواحد الـ 2500 ليرة، وتتجاوز معه فاتورة كهرباء المؤسسة وحدها الحد الأدنى للأجور؟!